محمد صادق الحسيني ||
بعد احراج الاميركان في البحار وتشديد الخناق عليهم في المضائق ومطاردتهم على اليابسة لاخراجهم منها مذلولين بدعم من قوى المشرق الصاعدة ، تتجه كلاً من روسيا والصين لمقارعتهم في المحيطات..!
وفي الوقت الذي تعاني فيه واشنطن من نقص حاد في السيولة النقدية بالمقارنة مع وفرتها لدى خصومها الآسيويين ، تحاول ادارة بايدن اللجوء الى سباق تسلح جديد وحلف عسكري خارج القارة الاوروبية بالاعتماد على قوى عالمية جديدة ظناً منها انه الحل، فيما يعتبره الصينيون فخ نجحوا في القاء شباكه على ما تبقى من الامبراطورية المتخبطة..!
ولمزيد من القاء الضوء على هذا العجز الذي تعاني منه واشنطن نلقي الضوء فيما يلي على ما ورد على لسان كبار القوم عندهم..!
فقد نشرت صحيفة الفايننشال تايمز الاميركيه ، موضوعاً بتاريخ ٩/٨/٢٠٢١ ، حول الوضع المالي الخطير لحكومة الولايات المتحدة الاميركيه ، اهم جاء فيه هو التالي :
١) ان وزيرة الماليه الاميركيه ، السيده جانيت يِلين Janet Yellen ، قد ارسلت رسائل عاجلة الى السيده نانسي بيلوسي ، رئيسة مجلس النواب الاميركي ، والى نواب آخرين ، ابلغتهم فيها ان السيولة النقديه ، في وزارة المالية الاميركيه ، ستنفد تماماً ، في وقت ما في شهر ١٠/ ٢٠٢١ ، اذا لم ينجح الكونغرس في اقرار رفع سقف الدين الحكومي الاميركي ( يبلغ حجم هذا الدين الآن ٢٨،٤ ترليون دولار ) .
٢) ان نفاد السيوله النقديه ، دون التوصل الى حل قانوني ( قرار الكونغرس ) سيؤدي الى اضرار لا يمكن اصلاحها ، سواءً في اقتصاد الولايات المتحده الاميركيه او في الاسواق الماليه الدوليه بشكل عام .
٣) واضافت ان الانتظار حتى آخر لحظه ، لاقرار قانون رفع سقف الدين او الحد من الدين ، سيؤدي الى ارتفاع الفوائد على الديون الاميركيه القصيرة الامد بشكل كبير ، مما يؤثر سلباً على تصنيف الولايات المتحدة الاميركية الائتماني .
٤) واختتمت وزيرة الماليه الاميركيه رسالتها بالقول : إن تعريض الثقة بالولايات المتحدة الاميركية ومصداقيتها للخطر ، في الوقت الذي لا زال المجتمع والاقتصاد الاميركيين يعانيان من تبعات جائحة كورونا العالميه ، هو قمة اللامسؤوليه ( او انعدام المسؤوليه ) .
يعتبر هذا الكلام ، الذي يصدر عن اعلى مسؤول مالي اميركي ، غايةً في الخطورة ولا يبشر بخير لمستقبل الاقتصاد العالمي برمته ، اذا ما واصلت الولايات المتحده الاميركيه سياساتها الحاليّه المعتمده على الانتشار العسكري الواسع ونشر الحروب واطلاق سباق تسلح جديد في العالم ( عسكرة جنوب المحيط الهادئ عبر تسليح استراليا نووياً ) .
وللوقوف على حقيقة الوضع المالي والعسكري الاستراتيجي ، الذي تمر به الولايات المتحدة الاميركية اكثر ،لابد لنا ان نقرأ بدقة متناهيه الكلام الهام الذي قاله قائد القياده الشماليه الاميركيه وقائد قيادة الدفاع الفضائي لاميركا الشماليه ( الولايات المتحده وكندا ) ، ومقرها ولاية كولورادو الاميركيه ، الجنرال غلين د. ڤان هيرك Glen D. VanHerk ، والذي نشرته مجلة سلاح الجو الاميركي Air Firce Magazine بتاريخ ٢١/٩/٢٠٢١ ، حيث قال : "ان روسيا هي العدو المباشر او الخطر الداهم على امن الولايات المتحده القومي وليست الصين وان الانتشار العسكري الروسي في منطقة القطب الشمالي يجعل الخطر الروسي اكثر قرباً من اميركا ، على الرغم من التدريبات العسكريه التي اجرتها الصين بالقرب من جزر هاواي الاميركيه في المحيط الهادئ مؤخراً …"
وهو كلام ايده فيه
كلاً من قائد عمليات الفضاء ، الجنرال ستيفين ن. وايتين Stephen N. Whiting ، وقائد قوات الاساطيل البحريه الاميركيه ، الادميرال كريستوفر دبليو غارديان Chrestofer W. Grady ،
خلال المؤتمر الافتراضي الذي ناقش مواضيع استراتيجيه الامن القومي الاميركي ،حالياً ومستقبلاً ،
واللذان اكدا على ماورد في كلام الجنرال ڤان هيرك القائل بان الولايات المتحده تعتمد حالياً على الردع النووي ، بينما هي بحاجة الى ردع مستقبلي اقوى( يحتاج الى ميزانية مالية ضخمة ومستدامة) ، في حال فشل الردع الحالي ( وهو الردع النووي الفاشل برايه ) .
مضيفاً القول انه :
"اذا كان خيارك الوحيد في منع هجوم على الوطن ( اميركا ) هو ضربهم بالسلاح النووي فانك لا تقف في المكان الافضل . لذا يجب علينا البحث عن قدرات وخيارات اخرى تمنعهم حتى من التفكير بمهاجمة اميركا ."
وهذه دعوةً صريحة ، في تقديرنا ، لسباق تسلح جديد ، لقي التعبير الصاخب عنه في صفقة الغواصات العاملة بالطاقه النوويه والتي تم الاتفاق عليها بين الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا واستراليا الاسبوع الماضي .
وبعد ان تطرق الجنرالات المشاركون في النقاش الى موضوع الاسلحه الصاروخيه الروسيه والصينيه واخطارها على اميركا والسبل الافضل لمواجهة هذه الاسلحه ، حماية للامن القومي الاميركي ، على حد قولهم ، فان الجنرال ڤان هيرك VanHerk ، أكد على اهمية استثمار الموارد في المحيط المتجمد الشمالي ( لمواجهة الوجود العسكري الروسي هناك ) .
متابعاً القول :
" انا محامي وزارة الدفاع عن المحيط المتجمد الشمالي . لكن السؤال هو : هل انت تقوم بالاستثمار اللازم ، في هذه المنطقة الاستراتيجيه ، حتى تكون حاضراً ( على تلك الجبهه )وقادراً على المنافسه ؟
واردف قائلاً :
"اما اذا لم تقم بالاستثمارات في القطب الشمالي لانك تستثمر الموارد في مكان آخر ، واستمرارنا الى الامام هكذا ، وهو الامر الذي يخاطر بفعله مشرِّعينا ( اي اعضاء الكونغرس) فانني سأحييكم بأدب ، I‘ll Salute smartly " ما يعني ان الرجل سيستقيل..!
اذن فان استقالة أهم جنرالات الولايات المتحده الاميركيه ، قائد قيادة الدفاع الصاروخي عن اميركا الشماليه كاملةً ، قد اصبحت مسألة وقت ليس أكثر وذلك في ظل التصريحات التي ادلت بها وزيرة الخزانة الاميركيه ، في رسالتها المشار اليها اعلاه ، والتي تبشر بنفاد السيوله النقديه من وزارتها خلال الشهر القادم من هذا العام ، بالاضافة الى استمرار الحكومه الاميركية في الانفاق العسكري الواسع النطاق على الف قاعدة عسكرية اميركيه ، على طول الكرة الارضية وعرضها ، الامر الذي يستنزف موازنة البنتاغون السنويه الضخمه ( ٧٥٠ مليار دولار ) الى جانب نفقات عسكريه جاريه اخرى طبعاً .
اي ان حكومة الولايات المتحده الاميركيه ليست قادرة ، لا حالياً ولا في المستقبل القريب او المتوسط ، على تخصيص موارد ماليه لتطوير وجودها العسكري في منطقة القطب الشمالي ، الذي تملك فيه روسيا بنيةً عسكرية متكاملةً ، فوق وتحت سطح الطبقة الجليديه( وهو الذي يعتبره جنرالات البنتاغون الخطر الداهم) . وما يعنيه هذا الوجود من ميزات استراتيجية هامة ، ليس في المجال العسكري فقط وانما في مجال التعدين ايضاً وفي مجال النقل القاري ، او طريق البحار الشماليه التي أنشأتها روسيا ، لوصل المحيط الهادىء والاطلسي بعضهما ببعض ، وهو الامر الذي يحدث لاول مرة في التاريخ البشري ، (وذلك لعدم توفر كاسحات الجليد القادرة على تأمين خط بحري مفتوح عبر المناطق المتجمده على امتداد العام) ما يجعل روسيا في قمة التفوق البحري امام اميركا...!
هل نحن اذن امام اقتراب اميركا من النزع الاخير من عمرها الامبراطوري ، كما يردد الصينيون في اروقة وزارة الخارجية في بكين..!؟
يضيف هؤلاء الصينيون ايضاً بان ما لجأ اليه التحالف الانجلو ساكسوني من خيار في المحيط الهادئ اخيراً( اعلان تحالف آوكوس) انما هو فخ سرعان ما سيكتشفون انه سيرسلهم الى قعر جهنم على حد قول السفير الصيني Liu Zhentang
الذي عمل طويلاً في عواصم آسيوية حتى صار معتقاً في قراءة مشهديات الامبراطوريات الاستعمارية المتهافتة ..!
بعدنا طببين قولوا الله
https://telegram.me/buratha