محمد صادق الحسيني ||
قد لا نضيف جديداً ، في كلامنا التالي ، في خضم هذا البحر من التحليلات والتوقعات والقراءات ، المتعلقه بالعملية الفدائية الفلسطينية الاسطورية ، التي اخترق بها ستة فدائيين فلسطينيين قلب بن غوريون في قبره ، اضافة الى قلوب كافة قادة اجهزة الامن الاسرائيلية ، العسكرية منها والامنيه المخابراتيه .
لذا فاننا سنقتصر على الاضاءة على بعض الحقائق وتوجيه بعض الاسئلة لقادة العدو الامنيين والعسكريين والسياسيين .
ولنبدأ بالاضاءات :
الامر الاول : هو ان هذه العمليه المحكمة التخطيط والتنفيذ ، تتفوق بآلاف المرات ، على كل العمليات الاجراميه التي نفذها جهازي الموساد والشاباك الاسرائيليين ، منذ اعلان قيام الكيان وحتى الآن . خاصة وان امكانيات هؤلاء الشباب السته اقتصرت على ملعقة طعام فارغة تم تهريبها لهم الى داخل السجن ، بينما تبلغ موازنة تشغيل العملاء ، في جهاز الموساد وحده ١٥ مليار دولار سنوياً .
الامر الثاني : هو ان عملية تحرر الفدائيين الفلسطينيين الستة هذه اكثر تعقيداً بما لا يقاس من عملية الموساد الاسرائيلي ، التي نفذت لاغتيال العالم النووي الايراني المدني ، فخري زاده . اذ ان فخري زاده كان يستخدم سيارة عادية جداً ، غير مصفحة، ولا تخضع لاي اجراءات امنية عسكرية خاصه . وبالتالي فان استهداف مثل هكذا سيارة مدنية واغتيال من بداخلها لم يكن لا بالعمل الخارق ولا البطولي .
الامر الثالث : ان عملية الفدائيين الفلسطينيين ، الذين حرروا انفسهم من سجن او حصن جلبوع المدرع ، كانت عملية فائقة الدقة في التخطيط والتنفيذ وفي حصن عسكري امني اسرائيلي ارضيته مصفحة بصفائح الميركافا ، شارك في بناءه " اشهر " المهندسين الاوروبيين المتخصصين في بناء السجون الحصينه . وكانوا للاسف ايرلنديون ، من اذناب الاستعمار البريطاني .
فهل يستويان..!؟
الامر الرابع : هل انتم متأكدون ان المجندة الاسرائيليه العشرينيه ، "روتَم روزين هيك "، كانت نائمة اثناء نوبة حراستها ، كما اتهمها مسؤولون اسرائيليون بالمسؤولية عن نجاح الفدائيين في تحرير انفسهم ، او انها كانت تعيش لحظات اونلاين ، وهي تغازل عشيقها "آڤي بوحطوط "، الموجود في مدينة راس العين الفلسطينيه المحتله عام ١٩٤٨ .
وهذا يعني انها كانت في عالم غير عالم السجن ، الذي يفترض فيها ان تحرسه ، وهو سجن جلبوع القريب من مدينة بيسان الفلسطينية المحتله سنة ١٩٤٨ ( في الغور الشمالي ) حيث تصل درجات الحرارة هناك الى اكثر من ٤٠ درجة مئوية في مثل هذا الوقت من العام .
وعليه فان ما كانت تقوم به تلك المجندة اخطر بكثير من النوم خلال مناوبة الحراسة الليلية ...!
انها حقيقة تظهر انعدام اي دافع ، لدى عناصر العدو العسكرية والامنية ، للقيام بواجباتهم المكلفون بها . وهو ما يعبر عن حالة عدم اكتراث لا بالدولة ولا بأمنها وعن حالة انهيار شاملة في الروح المعنويه لجيش الاحتلال ومنتسبي اجهزته الامنيه . وهذا ما أكده مفتش الجيش الاسرائيلي السابق ، الجنرال اسحق بريك ، في حديث له مع موقع ميدا الاسرائيلي قبل يومين فقط .
اما الاسئلة الموجهة ، الى قادة العدو العسكريين والامنيين ، فهي كثيرة جداً نختصرها بالاسئلة التاليه :
أولاً : بعد مرور ٤٨ ساعة على نجاح الفدائيين الفلسطينيين في تحرير انفسهم ، من سجن جلبوع الاسرائيلي ، هل تعرفون ما اذا كانت عملية التخطيط والتنفيذ هي عملية اقتصرت على جهود الاسرى السته فقط ام ان جهات " عليا " قد ساعدتهم في التخطيط والتنفيذ ( اونلاين ) من الخارج ؟
ثانياً : بعد مرور كل هذا الوقت هل تعرفون كيف تمكن هؤلاء الفدائيين من استخدام الهاتف النقال ، الذي تم تهريبه لهم الى داخل السجن ?
اليس لديكم اجهزة تشويش الكتروني ، لمنع استخدام الهواتف المهربة الى داخل السجن ، تلك الاجهزة التي تم تركيبها حول سجني ، جلبوع وشطه المتلاصقين ، قبل اكثر من عام ، فلماذا لم تتمكن هذه الاجهزه من تعطيل استخدام الهاتف الفدائي النقال ؟
ثالثاً : هل انتم متأكدون من ان اسرائيل هي دولة رائدة في الصناعات الهندسيه الدقيقه ( هاي تيك ) ؟ وهل تذكرون ان حزب الله ، وقبل ٢٤ عاماً ، قد تمكن من قرصنة مسيرة القيادة التي كنتم تستخدمونها لتحضير عملية الاغارة البحريه على موقع في الانصارية / جنوب لبنان . ، اعتقدتم خطأً انه موقع لحزب الله ؟
وهل تذكرون ما الذي حصل للقوة التابعة لوحدة ميثكال ( قوات خاصه تابعه لهيئة الاركان الاسرائيليه ) ؟ كان مقاتلوا حزب الله بانتظارهم وابادوا القوة كاملة في ما عدا فرداً واحداً ترك على قيد الحياة ليخبرهم بتفاصيل ما حصل مع تلك القوة .
رابعاً : كان ذلك قبل ربع قرن ….فكيف هو الوضع الآن ؟ وهل من فارق بين امكانيات حزب الله وايران وسورية وحركة حماس والجهاد ، في ذلك الزمن ، وامكانياتهم اليوم ؟
خامساً : هل سمعتم عن الاسلحة الكهرومغناطيسيه ، يا ارباب الهاي تيك واجهزة التجسس ، وهل سمع قادتكم بهذه الاسلحه ؟ وهل تعرفون شيئاً عنها وعمَّن يملكها ؟ هل تعرفون ان النسخة المتنقله منها ( الموبايل ) تحمل في حقيبة مدرسية صغيرة ؟ وانها قادرة على ارسال موجات كهرومغناطيسية ، عالية الدقه ؛ اي نقطيه ؛ قادرة على تدمير قاعدة جوية كاملة او قطعة بحرية كبيرة او موقع قياده وسيطره او مركز عمليات واتصالات وما الى ذلك …
فهل يا ترى كانت هي السلاح الذي قام بتعطيل اجهزة التشويش الالكتروني المزروعة حول سجن جلبوع ؟
سادساً : وهل انتم غافلون عن قدرة المقاومة ، من خلال امتلاكها وسائل قتالية جديدة ، قد لا تكون تملكها اجهزتكم العسكريه والامنيه ، يا ارباب الهاي تيك واجهزة التجسس البائسة ؛ كونها كشفت في كل انحاء العالم ؛ نقول : هل انتم غافلون عن قدرة المقاومه على حماية اسراها المحررون ؟
وهل تعتقدون انكم ستحققون نصراً في ما لو نجحتم في اغتيالهم او اسرهم مجدداً ؟
اعترفوا من الان ... لقد خسرتم المعركة والباقي تفاصيل .
ولكن السؤال الاهم هو :
سابعاً : هل انتم جاهزون لتلقي مفاجأة من العيار الثقيل ، في القريب العاجل ، على الارجح ؟
يوم تشهدون ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ...!
بانتظار المزيد من المفاجآت من جغرافيا آخر الزمان..!
نترككم في خيبتكم تعمهون.
بعدنا طيبين قولوا الله.