متابعة ـ صابرين البغدادي ||
منذ اول تصريح له، بعد انتخابه رئيسا، لم يكن جو بايدن موفقا في تقديم مقاربة، من شأنها ان تضع امريكا على سكة العودة الى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه ، وذلك عندما تحدث بـ"لغة الإشارة" و "الإيماءات"، حيث إكتفى بقول "لا"، عندما سألته المذيعة هل سيرفع الحظر عن إيران. كما إكتفى بـ"هز رأسه إيجابا"، عندما سألته هل يجب ان توقف إيران تخصيب اليورانيوم.
إستخدام لغة "الصم والبكم"، من قبل بايدن، لشرح موقفه من "أخطر قضية" تواجه إدارته، والتي أساءت كثيرا الى مكانة ودور أمريكا على الصعيد الدولي، وخاصة على صعيد علاقاتها مع حلفائها الاوروبيين، كان بهدف الظهور بمظهر "غير المبالي" بالاتفاق النووي، او أنه "ليس في عجلة من أمره" في العودة الى الاتفاق، ما دامت إيران هي التي "تئن تحت رحمة العقوبات الامريكية".
مقاربة بايدن هذه والمبنية على معلومات خاطئة عن إيران، لم تكن غير موفقة فحسب، بل كانت فاشلة بالمطلق، حتى بدأت بعض النخب السياسية والاعلامية والصحفية تتحدث عن عدم وجود مقاربة لبايدن اصلا لمعالجة الجدل الحالي حول من يخطو الخطوة الاولى للعودة الى الاتفاق النووي، بعد ان ردت ايران، بالشكل الذي لم يتوقعه لا بايدن ولا اي من اعضاء ادارته، وذلك عندما علقت إيران العمل بالبروتوكول الاضافي ومنعت المفتشين من دخول المنشآت النووية، وقررت تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمائة في حال وجود حاجة الى هذه النسبة من التخصيب. ورفضت اجراء اي مفاوضات مع مجموعة 4+1 بمشاركة امريكا، قبل ان ترفع الاخيرة الحظر عن ايران.
الترويكا الاوروبية، المتواطئة مع الموقف الامريكي منذ اليوم الاول لإنسحاب الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، كشرت عن أنيابها وخرجت عن دورها الذي حاولت ان تتقمصه خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو دور المحايد، وقررت الرد، وبتنسيق مع امريكا، على ايران من خلال التهديد بتقديم قرار الى مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنتقد فيه ايران لمنعها المفتشين الدوليين من دخول منشآتها، ولكن في اللحظة الاخيرة ، امتنعت عن تقديم القرار، بذريعة انها استلمت إشارات ايجابية من ايران، على مشاركة الاخيرة في مفاوضات مع مجموعة 4+1 بالاضافة الى امريكا.
رفض ايران لما روجت له الترويكا الاوروبية حول وجود مؤشرات عن انفراجة قريبة دون رفع الحظر الامريكي، جاء على لسان الرئيس الايراني حسن روحاني نفسه لدى استقباله منسق مجلس الأمن للاتفاق النووي وزير الخارجية الأيرلندي سايمون كوفيني، حيث اكد له تمسّك طهران برفع العقوبات قبل التراجع عن خفض التزاماتها، و زاد على ذلك عندما دعا الدول الأوروبية إلى تجنب "لغة التهديد أو ممارسة الضغوط".
وعلى صعيد الرفض الايراني لإي اجراء اوروبي او امريكي لا يتضمن رفع الحظر عن ايران اولا، أكد مصدر إيراني، وصف بالمطلع لقناة "العالم" الاخبارية ، ان مقترح "الخطوة مقابل الخطوة" لبدء التفاوض مع أميركا، تم رفضه من قبل أعلى المستويات في ايران، ولن تجري أي اتصالات بين ايران وأمريكا قبل رفع جميع إجراءات الحظر عن ايران، مشددا على ان "التفسير الغربي لتصريحات الرئيس روحاني والوزير ظريف بشأن الخطة الجديدة، خاطئ ولا توجد خطة للتفاوض مع واشنطن".
هذا الموقف الايراني الواضح والحازم والقاطع، قد يفك عقدة لسان بايدن، ويحرره من لغة "الصم والبكم"، ليتحدث بلغة واضحة، تحول دون ان تخسر أمريكا ما تبقى لها من هيبة فارغة.
العالم – كشكول
https://telegram.me/buratha