متابعة ـ عمار الجادر||
عندما قال القائم بالأعمال السوري ل " مولوتوف " وزير خارجية " ستالين " : ليست لدينا أيّة مطامع استعمارية ب الإتحاد السوڤياتي !!! ]
المجتهد الكبير السيد " محسن الأمين " الذي سُمِّيَ " حَيّ الأمين " في دمشق ، بِإِسْمِه .. و هو مرجع ديني سوري بارز في أوائل القرن الماضي ، و كان لقبه " المجتهد الأكبر " ... وبُنِيَ مستشفى المجتهد على أرض تبرع بها لبناء مشفى و سميت بإسمه .
تخرج ابن المجتهد الأكبر " عبد المطلب الأمين " من كلية الحقوق بدمشق و عُيّنَ في وزارة الخارجية ، وجرى تعيينه دبلوماسياً في السفارة السورية في موسكو ، خلال الحرب العالمية الثانية ، ثم أصبح ، في عام 1944 ، قائماً بأعمال السفارة السورية ، لدى الإتحاد السوڤياتي .
بعد ثلاثة أشهر من تعيينه - كقائم بأعمال السفارة السورية – طلب مقابلة وزير الخارجية الإتحاد السوڤياتي آنذاك " مولوتوف " الذي عُرف ب " الرجل ذي المطرقة الحديدية " وكما يُقال بالعامية « و شو ما بيضحك لرغيف السخن ».
لم يلبوا طلبه حينئذ ، و لكنه كرر الطلب مرات عديدة ، ملحاً على الخارجية السوڤياتية ، بضرورة مقابلة وزير الخارجية شخصياً .
فقال " مولوتوف " : أين تقع سورية ، على خريطة العالم؟
وأمام الإلحاح المتواصل للقائم بالأعمال ، وافق " مولوتوف " على مقابلة القائم بالأعمال السوري ، لكي يعرف ما هو سبب الإلحاح في طلب مقابلته .
كان " مولوتوف " عابساً متجهماً ، في بداية المقابلة مع السيد " عبد المطلب الأمين " ، وسأله : ماذا تريد؟
أجاب " عبد المطلب " بابتسامة : لقد جئت إلى هنا لأنقل إليكم بإسمي وبإسم حكومتي وبإسم الشعب العربي السوري و لأطمئنكم وأطمئن حكومتكم وشعبها ، بأنه ليست لدينا أيّة مطامع استعمارية في الإتحاد السوڤياتي !!
انفجر مولوتوف ضاحكاً ، ولم يتوقف عن الضحك حتى كاد يغشى عليه ... و أخذ يعيد ويسأل عبد المطلب : ماذا تقول ؟ ليس لديكم مطامع في الإتحاد السوڤياتي!! و يعاود الضحك .
ولم يهدأ مولوتوف حتى تجرع كأساً مضاعفاً من الفودكا و طلب تأجيل مواعيده ، و أشعل سيجارة و هو يبتسم ابتسامة عريضة لم يرسم مثلها على وجهه ، من قبل ولا من بعد ، وفق ما كتبه المؤرخ الروسي " سيميانوف " ، ثم دعا القائم بالأعمال السوري إلى صالون مكتبه و شربا العصير معاً .
سأل " مولوتوف " : ما هي قصتك؟
أجاب عبد المطلب : إذا لم تصدق ما قلته لك عن عدم رغبتنا باستعمار الإتحاد السوڤياتي ..
فلماذا تراقبني الأجهزة الأمنية السوڤياتية KGB صباح مساء ، ولا تترك لي فرصة التنفس؟
ومنذ ذلك الحين ، بدأت رحلة الصداقة العميقة بين الرجلين ، فقد كان كلاهما يتقن الفرنسية بطلاقة .
أمر "مولوتوف" بالتوقف عن مراقبة السيد ""عبد المطلب الأمين " ، وفي الحفلات الدبلوماسية التي يكون فيها " مولوتوف " كان يبحث عن"عبد المطلب الأمين " و يستقبله بحرارة و يقول عنه "" صديقي السوري الرائع " ..
وكان " مولوتوف " يترك الجميع ليسأل" عبد المطلب الأمين " عن أحواله وعن حياته في موسكو .
وكان يحتفي به أيضاً كونه شاعراً و أديباً و كاتباً روائياً بالعربية وبالفرنسية..و بين حين وآخر ، كان " مولوتوف " يدعو " عبد المطلب " ليسمع منه آخر النكات السياسية التي يبدعها باللغة الروسية التي أتقنها بسرعة ، و التي كانت تنتشر كالهشيم في الشارع السوڤياتي .
وقد لعب " عبد المطلب الأمين " بظُرفه وخفة دمه ، دوراً هاماً في توطيد العلاقة بين البلدين.
منقول بدون تصرّف عن صفحة المحامي ناهل المصري