محمد وناس||
كثيرا ما يوجه لنا اتهام شنيع بان اهل العراق هم من قتل الحسين . او ان اهل الكوفة نقضوا رسائلهم التي بايعوا فيه الحسين ثم انقلبوا عليه .
في وسط هذه الدوامة تتبادر مجموعة اسئلة .
متى تأسست الكوفة ومن اسسها ؟؟
تاريخيا قامت على ارض العراق عشرات الدول والحكومات بداء من عصر فجر السلالات وانتهاء بالدولة الاسلامية وبنيت الكثير من المدن قبل الاسلام بداء من اور الى اوروك وبابل المدائن , وجميعها مدن عميقة في التاريخ , مراكز وعواصم ثقافية وفكرية انتجت للكون والبشرية اروع العلوم والانجازات .
اما الكوفة فهي مدينه ليست عراقية التأسيس . بنية الكوفة بعد الفتح الاسلامي للعراق وأصبحت مركز القرار للسلطة الحاكمه في العراق والممثلة لسلطة المدينة المنورة
وموقع تجمع قوات الفاتحين لأرض العراق والقوات التي تنطلق باتجاه خراسان والجزيرة وبلاد السند والترك .
قد يكون بناء الكوفة على اطلال مدينة او حضارة سابقة كما ورد في كتاب تاريخ الكوفة للسيد حسين البراقي البحراني . لكن كنه لا يعني ان الكوفة مدينة عراقية
تم اختيار موقع الكوفة من قبل الصحابي سعد ابن ابي وقاص وبإشارة من الخليفة عمر ابن الخطاب في رسالة بعثها لسعد حدد فيها مواصفات وطبيعة المكان الذي يجب ان يتخذه معسكرا ومقرا له . فطرح موقعات للاختيار بينهما هما الانبار والكوفة فتم اختيار الكوفة ( تاريخ الطبري . مروج الذهب للمسعودي )
سكان الكوفة في الغالب هم من المهاجرين من جزيرة العرب الى العراق بعد الفتح . مع بعض العراقيين القدماء والذين اطلق عليهم تسمية الموالي كتصنيف من الدرجة الثانيه للسكان الاصلين لهذه الارض ..
تسمية العراق اتت من اسم المدينة القديمة (عوروق , او اوروك كما هو متداول الان بالفظ الانجليزي وهي نفس مدينة الوركاء المعروفة اطلالها في محافظة المثنى على ضفاف الفرات , وعرف العراق في الحضارات القديمة باسم موسيبتيميا او ارض النهرين وارض السواد
اما جغرافيا فالعراق هو تلك المنطقة المحصورة بين النهرين دجلة والفرات خصوصا المنطقة الوسطى والجنوبية من نهر الفرات .
اداريا تغيرت المنطقة التي وقعت تحت الادارة الاع راقية بحسب تغير الانظمة وتغير الاحوال وقد وصلت الى ان تكون البحرين والاهواز وبعض مناطق الخليج العربي تحت ادارة السلطة في العراق وتقلصت في ازمان اخرى لتنحصر في المنطقة ما بين الكوفة والبصرة .
اما في بداية الحكم الاسلامي تمت الاشارة الى تسمية العراق بالمصرين البصرة والكوفة كعنوان للعراق مع اتساع حدود هذين المصرين لتصل اطراف الكوفة الى حدود بغداد الان .
لم يستوطن العرب في ما بين النهرين حتى جاء الفتح الاسلامي واكتفوا بالسكن في مناطق غرب الفرات ومنطقة الجزيرة بشكل قبلي بدوي متنقلين بلا موقع ثابت و تحت نفوذ حكم النعمان بن المنذر ومملكة المناذرة التي خضعت للحكم الساساني او هي بالأحرى ممثلية للحكم الساساني عند العرب فكان دخول العرب الى مناطق ما بين النهرين امر محدود ومقيد وفي غالبه لإغراض التجارة والتبادل المالي.
وحتى النعمان ابن المنذر لم يكن الا سفير او مندوب لدوله الاكاسرة فلم تكن له مملكته واضحة المعالم او الحدود . مجرد امارة وقصرين( الخورنق والسدير ) مع اقطاع كبير وقبيلة او اقارب او مقربين يشكلون كتيبة عسكرية تعطي لهذا الحاكم هيبة دولة امام الوافدين من العرب .
اضافة الى مركز للتبادل التجاري والتسويق للمنتج العراقي للمستهلك من ابناء جزيرة العرب .فكانت العملة الساسانية هي العملة الرسمية للتبادل المالي للعرب واستمرت حتى زمن عبد الملك بن مروان الذي قام بسك عمله اسلاميه اطلق عليها دينار
ولم يسمح الساسانيون ومن حكم قبلهم للعرب بدخول العراق قد يكون الدافع عنصري او حتى تجاري او حفاظ على السلطة وخوفا من الغزو .
وهنا يأتي السؤال المدوي . هل الشمر ابن ذي الجوشن , وحرملة ابن كاهل . عمر ابن سعد وعشرات من الاسماء التي راسلت الامام الحسين من ثم اشتركت في قتله وزعماء القبائل التي استوطنت الكوفة من المهاجرين امثال محمد ابن الاشعث والحصين ابن نمير وغيرهم .... هل هم عراقيون حقا ؟؟؟؟؟؟ .
فعندما يطلق الحجاج ابن يوسف اللعين ابن اللعين صفة اهل الشقاق والنفاق على اهل العراق في خطبته الشهيرة , انما يغالط نفسه في محاولة لتشويه الصوره وإبعاد الجرم والخطيئة عن العرب المهاجرين وإلصاقها بأهل العراق زورا وبهتان.
وهنا يجب الاشارة الى ان تسمية العرب الذي فتحوا العراق باسم اهل العراق يراد منها فصلهم وتميزهم عن العرب الذين ذهبوا الى الشام في الفتوحات الاسلامية ايضا ومن ثم ترسخت هذه التسمية بعد تولي امير المؤمنين علي ابن ابي طالب الخلافة وخروج معاوية ابن ابي سفيان عليه .
وفي العصر الاموي اتضح معالم التطرف العنصري ضد من هم غير عرب حتى وان كانوا مسلمين وحاول الاموين طمس اي ذكر لغير العرب في الحدث التاريخي او في النقل والرواية الامر الذي ادى الى ضياع الكثير من اخبار سكان البلاد الاصلين في كتب السير والتاريخ
في مراجعة بسيطة لجيش عمر ابن سعد تجد ان اغلب المقاتلين موزعين حسب انتماءهم القبلي ومجبرين بطاعة زعماء القبائل العربية الذين باعوا نفسهم للمال الاموي او خوفا على رؤوسهم من القطاف ( كتاب اهل البيت للكاتب توفيق ابو علم . وكتاب انساب الاشراف للبلاذري ) . وهم بالنتيجة عرب مهاجرون الى الكوفة بحكم الفتح الاسلامي ولا يمكن باي حال من الاحوال وصفهم بالعراقيين او ادعاء انهم من اهل المصر الاصلاء
في المقابل نجد معسكر الحسين عليه السلام المكون من 72 مقاتل . لو اخرجنا بني هاشم لوجدنا ان الغالب منهم او اكثر من نصف الباقين هم موالي وكما اسلفت ان تسميه الموالي هي تصنيف من الدرجة الثانية لأبناء العراق الاصلين وسكانه .
اتهام اهل العراق بقتل الحسين جريمة فكرية كبيرة سوقها ال امية ومدعي العروبة لدفع التهمة عنهم وهي مظلمة اخرى تضاف الى كم المظلوميات الهائل الذي لحق باهل العراق ومازال الى اليوم .