التقارير

رسائل مليونية العراق ضد الاحتلال

1606 2020-01-27

عادل الجبوري

 

   ربما لن يسجل العام الحالي 2020 حدثا مهما وكبيرا بحجم التظاهرة المليونية التي خرجت في الرابع والعشرين من شهر كانون الثاني-يناير الجاري في العاصمة بغداد. قد تسفر الأسابيع أو الشهور القلائل المقبلة عن تشكيل حكومة جديدة، لكن دون شك لن تمثل نقطة تحول في مسار التحولات وعموم الحراك السياسي، كالذي مثلته تظاهرة الجمعة، أو ما أطلق عليها مليونية السيادة، أو جمعة طرد المحتل.

   تميزت تظاهرة الجمعة، بحجم المشاركة الواسعة التي تشير التقديرات الى أنها تجاوزت المليون شخص من بغداد وباقي المحافظات العراقية، لا سيما محافظات الوسط والجنوب والفرات الاوسط، ومنذ الليلة السابقة لموعد التظاهرة، أخذت الحشود الجماهيرية تتقاطر الى العاصمة بغداد، الامر الذي استدعى اتخاذ اجراءات أمنية احترازية مشددة، شاركت فيها الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية الحكومية وتشكيلات من الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، فضلًا عن ذلك، فإن العديد من الشوارع والطرقات المحيطة بموقع التظاهرة بمنطقة الجادرية والمؤدية لها أغلقت تمامًا جراء امتلائها بالجماهير.

  مختلف فئات وشرائح المجتمع العراقي شاركت في التظاهرة من شيوخ ووجهاء وأبناء العشائر الى رجال الدين واساتذة وطلبة الحوزات العلمية الى اساتذة الجامعات والمدارس والنخب الثقافية الى النساء والشباب والفتيات من مختلف الاعمار، وحتى كبار السن من الشيوخ والعجائز، فضلا عن التنوع المناطقي والقومي وكذلك الديني والمذهبي.

  وبينما في كل الفعاليات والمهرجانات والتظاهرات التي كانت تجري في العراق، نجد الصور والشعارات والاعلام واللافتات التي تعكس لونا حزبيا وسياسيا معينا، فإنه في مليونية السيادة وطرد المحتل، ساد العلم العراقي ومعه الشعارات والهتافات المنددة بالولايات المتحدة الاميركية والكيان الصهيوني، والداعية الى خروج المحتل واستعادة السيادة الوطنية الكاملة.

   وحتى الخلافات والاختلافات والمشاحنات السياسية بين زعامات وقوى سياسية معينة غابت وتلاشت، عبر موقف واحد، وهذا ما كان من اليسير جدا تلمسه بإشادة الأمين العام لحركة عصائب اهل الحق الشيخ قيس الخزعلي بزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، رغم الهوة الشاسعة بين الطرفين.   

   والملفت فيما يتعلق بمليونية الجمعة، أنها لم تشهد أي أعمال عنف وفوضى وصدادمات من أي نوع كان، بسبب الانضباط والالتزام العاليين للمتظاهرين، الى جانب وجود جهات معنية بتنظيم الامور وادارتها بالصورة المناسبة.

   ولا شك أن ثمة مساحة من الانتقادات والتحفظات والاعتراضات على مليونية الجمعة في بعض الاوساط والمحافل السياسية، وفي الفضاء الالكتروني، بيد أن هذه المساحة تبقى لا تمثل شيئا قبال المساحة الكبيرة جدا من التأييد والدعم والتفاعل والتجاوب.

   كل هذه الميزات، بلورت رسائل بالغة الاهمية وبليغة المعنى والدلالة أطلقتها مليونية طرد المحتل، من أهم وأول تلك الرسائل، الموقف الموحد والاصرار الواضح على انهاء الوجود الأجنبي بكل أشكاله ومظاهره، لا سيما الوجود العسكري، عبر السبل والوسائل السلمية - السياسية والدبلوماسية - وفي حال لم يتحقق ذلك، فهناك خيارات وبدائل أخرى يمكن أن تفضي الى تحقيق الهدف المطلوب.

   الرسالة الثانية، بلورة موقف شعبي متماسك ورصين يعزز الموقف السياسي الذي تبناه مجلس النواب العراقي، وشرعت الحكومة العمل عليه، القاضي بإخراج القوات الاميركية المحتلة من العراق، ويعزز توجه المرجعية الدينية ودعوتها الى طرد الغرباء، كما جاء في بيانها أواخر شهر تشرين الثاني - نوفمبر الماضي.   

   الرسالة الثالثة، تمثلت في التأكيد على أن المجاميع المخربة والمنفلتة المدعومة من بعض السفارات الأجنبية، والتي تورطت بالكثير من أعمال التخريب والتدمير، لا تملك ثقلًا ووزنا حقيقيًا في الشارع العراقي، وقد تكشفت حقيقة أهدافها وأجنداتها وارتباطها، وباتت في حوزة المؤسسات الأمنية المعنية مجمل الخيوط التي قادت وتقود الى مصادر تمويل واسناد وتوجيه تلك المجاميع.

    الرسالة الرابعة لمليونية السيادة، هي التعبير الواضح والصريح عن قوة محور المقاومة من حيث الحضور والتأثير، بعد كل المحاولات والمساعي المحمومة لواشنطن و"تل ابيب" وعواصم عربية واقليمية، والرامية الى تفكيك وانهاء ذلك المحور، الذي يعد الحشد الشعبي ذراعه الضارب في العراق، وبالتالي فشل تلك الاطراف في مشروع تفكيك وتشظية المجتمع العراقي واغراقه في مستنقع الاقتتال الداخلي.

   قد تكون هناك حاجة الى المزيد من الوقت، لتتجلى وتتضح بصورة أكبر معطيات وآفاق ونتائج مليونية طرد المحتل، في ميادين تتعدى الجغرافيا العراقية، وتهدد بدرجة أكبر المصالح الاميركية في أكثر من موقع ومكان، لترغم مراكز القرار ورسم السياسات في واشنطن على قراءة معطيات الواقع بصورة أكثر عقلانية وموضوعية بعيدا عن العواطف والطموحات والتمنيات.

ـــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك