منذ إعلان وزير الدفاع السوداني، الفريق أول ركن عوض محمد أحمد بن عوف، الإطاحة بالرئيس السوداني عمر حسن البشير، تتبادر للأذهان أسئلة بشأن مصير الرئيس الذي ظل في الحكم ثلاثة عقود.
تلخصت تلك الأسئلة بأربعة في سبب ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية البشير، ولماذا كانت تلاحقه، وكيف بقي في مأمن عنها طوال تلك الفترة، وما هو مصير البشير.
عاد ملف البشير للظهور مرة أخرى على الساحة، رغم أن صدور حكم ضده منذ 10 سنوات، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب، وإبادة وجرائم ضد الإنسانية، وذلك مع فور إقالته واعتقاله أمس الخميس بعد ثلاثة عقود من تواجده في السلطة وإمساكه لها بقبضة حديدية.
ملاحقة البشير
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي قبل عقد من الزمن مذكرتي توقيف بحق البشير البالغ من العمر 75 عاما، وطلبت من دول عديدة زارها في السنوات الأخيرة اعتقاله، إلا أن تلك الدول لما تنفذ طلب المحكمة.
البداية كانت في مارس/ آذار عام 2005، عندما كلف مجلس الأمن الدولي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق بشأن جرائم يحتمل أن تكون ارتكبت في دارفور الواقع غربي السودان، بعدما شهد في 2003 نزاعا مسلحا بين قوات الخرطوم من جهة ومتمردين من أقليات عرقية يتهمون نظام البشير بتهميشهم.
وأسفر هذا النزاع عن سقوط أكثر من 300 ألف قتيل و2.5 مليون مشرد، بحسب ما أعلنته الأمم المتحدة، وانتهى تحقيق المحكمة إلى أن البشير وقادة سودانيون كبار آخرون اعتمدوا خطّة مشتركة لشن حملة لمكافحة التمرد.
تهم البشير
صدرت مذكرتي توقيف ضد البشير، من المحكمة الجنائية الدولية في 2009 و2010 بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية، خلال النزاع في دارفور بين العامين 2003 و2008.
وتعتبر هذه الاتهامات من أخطر التهم على الإطلاق في القانون الدولي، والبشير هو أول رئيس دولة في العالم تصدر بحقه المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف خلال مزاولته مهام منصبه، وهو أيضا أول شخص تتهمه المحكمة بارتكاب إبادة جماعية، ومن بين الجرائم المتهم بها البشير القتل والاغتصاب والتعذيب والنهب والترحيل القسري.
وقالت المحكمة وقتها إن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن عمر البشير تصرف بنية محددة هي القضاء على جماعات عرقية مختلفة، إلا أن البشير دائما كان ينفي تلك الاتهامات.
كيف أفلت البشير من الملاحقة
رفضت دول كثيرة على مدار العشر سنوات الماضية تنفيذ أوامر المحكمة بشأن اعتقال البشير.
وعلى الرغم من أن أغلب هذه الدول أعضاء في معاهدة روما، التي أنشئت بموجبها المحكمة تنفيذ أمر الاعتقال الصادر بحق البشير واعتقاله، إلا أنهم رفضوا القبض عليه، وترتب عليه أن البشير سافر إلى عدة دول دون أي خوف من الاعتقال.
يشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية أنشئت في 2002 لمحاكمة المتهمين بارتكاب أفظع الجرائم في العالم، ولا تملك قوة شرطة خاصة بها للقبض على المتهمين الذين تلاحقهم.
وبسبب هذه النقطة "تجد المحكمة نفسها رهن حسن نوايا الدول فيما يتعلّق بتنفيذ أوامر الاعتقال التي تصدرها" بحسب "أ ف ب".
مصير البشير
بالنسبة لإجابة السؤال الرابع حول مصير البشير وهل سيتم تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية من عدمه، فقد رد رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري السوداني، اليوم على كل التكهنات، مشيرا إلى المجلس لا ينوي تسليم الرئيس المعزول عمر البشير إلى الخارج.
وقال رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري الانتقالي في السودان، الفريق أول عمر زين العابدين: "لن نسلم البشير إلى الخارج لكن نحاكمه داخل السودان لأن هذه قيمنا وأخلاقنا".
وكان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السودان قد إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس المعزول عمر البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب قبل نحو 15 عاما.
وقالت رافينا شامداساني، المتحدثة باسم المكتب في إفادة صحفية في جنيف، اليوم الجمعة: "نشجع السلطات في السودان على التعاون بشكل كامل مع المحكمة الجنائية الدولية، هناك قرار لمجلس الأمن يعود إلى عام 2005 يدعو الحكومة السودانية للتعاون الكامل ومد يد العون"، وذلك وفقا لـ"رويترز".
وكان وزير الدفاع السوداني، الفريق أول ركن عوض محمد أحمد بن عوف، أعلن الإطاحة بالرئيس السوداني عمر حسن البشير، الذي اندلعت ضده مظاهرات امتدت لأربعة أشهر، تطالبه بالرحيل عن السلطة وذلك على خلفية ارتفاع الأسعار وتراجع مستويات المعيشة.
كما أعلن عن تشكيل مجلس عسكري انتقالي لمدة عامين، وتعطيل العمل بدستور 2005. كما جرى إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وحل مجلس الوزراء وتكليف وزراء بالوكالة بتسيير أعمال الحكومة.
https://telegram.me/buratha