عادل الجبوري
من المقرر ان يعقد مجلس النواب العراقي الجديد، (الدورة الرابعة) جلسته الاولى في يوم الاثنين، الثالث من شهر ايلول-سبتمببر المقبل، في وقت مازالت المفاوضات والمباحثات الماراثونية قائمة ومتواصلة بين مختلف القوى والكيانات السياسية من اجل تشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر، التي سيقوم رئيس الجمهورية المنتخب بتكليف مرشحها لتشكيل الحكومة الجديدة.
وبحسب مصادر رسمية، ستتضمن الجلسة الاولى، تلاوة ايات من الذكر الحكيم، ثم كلمة رئيس الجمهورية الحالي فؤاد معصوم، بعدها كلمة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، ومن ثم كلمة رئيس مجلس النواب السابق(الدورة الثالثة) سليم الجبوري، بعد ذلك يتولى اكبر الاعضاء سنا(رئيس السن)، رئاسة الجلسة وفق المادة 54 من الدستور العراقي النافذ، وهذه المرة اكبر الاعضاء سنا هو الدكتور محمد علي زيني الفائز عن التحالف الديمقراطي، والذي يبلغ من العمر 79 عاما، والحاصل على شهادات جامعية عليا من جامعات عالمية، ويعد من الخبراء البارزين في الشؤون النفطية، وله عدة مؤلفات ودراسات وبحوث في هذا المجال.
وتتمثل الفقرة الاخرى في برنامج الجلسة الاولى، اداء اليمين الدستورية من قبل اعضاء مجلس النواب الجدد، البالغ عددهم 329 نائبا، استنادا الى المادة 50 من الدستور العراقي.
وبعد ادائهم اليمين الدستورية، يفترض ان يقوم اعضاء البرلمان بأنتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، وفق المادة 55 من الدستور.
وفيما يتعلق بهذه النقطة، فأن الامور مازالت غامضة حتى الان، وهناك عدة اسماء تتنافس على منصب رئاسة البرلمان، من بينها رئيسه السابق للدورة الثانية(2010-2014) اسامة النجيفي، ووزير التربية السابق محمد تميم، ومحافظ الانبار الحالي محمد الحلبوسي، ورئيس لجنة النزاهة البرلمانية السابق طلال الزوبعي.
ولاشك ان حسم موضوعة رئيس البرلمان، ترتبط بالتوافق على رئيس الجمهورية، الذي يفترض ان يكون من المكون الكردي، الى جانب الاتفاق على المرشح لتولي منصب رئاسة الوزراء، ومن المؤمل ان تسفر الايام القلائل المقبلة عن الخروج بنتائج ومعطيات مثمرة.
وارتباطا بطبيعة الظروف والتحديات السياسية والاقتصادية والامنية الكبيرة والخطيرة التي يشهدها العراق، ومعه عموم المنطقة، تقع على البرلمان العراقي الجديد مهام ثقيلة، وما يزيد من مهامه تعقيدا وصعوبة، هو انه ولد من مخاضات عسيرة جدا، استغرقت حوالي ثلاثة شهور ونصف، امتدت من يوم اجراء الانتخابات البرلمانية في الثاني عشر من شهر ايار-مايو الماضي-وربما قبل ذلك-وحتى مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات في التاسع عشر من شهر اب-اغسطس الجاري.
الى جانب ذلك فأن المطلوب من البرلمان العراقي الجديد، بأعتبار يمثل السلطة التشريعية والرقابية الاعلى في البلاد، تلافي اخطاء وسلبيات الدورات البرلمانية الثلاث السابقة، والاسراع بتشريع القوانين المعطلة التي لها مساس بحياة المواطن العراقي العادي، ومحاربة الفساد الاداري والمالي المستشري في منظومات الدولة المختلفة، وانهاء التجاذبات السياسية المحكومة بالمصالح والحسابات الحزبية والفئوية الضيقة، وكذلك انهاء الوجود الاجنبي بشتى مظاهره وصوره، والمحافظة على النصر النهائي والشامل الذي تحقق على تنظيم داعش الارهابي خريف العام الماضي.
ولعل نظرة سريعة للبرلمان الجديد، تؤشر الى انه من حيث تركيبته السياسية القومية والطائفية والمناطقية لايختلف عن سابقاته، وهذا امر طبيعي جدا، لان البرلمان هو انعكاس للواقع الاجتماعي العام بشتى عناوينه ومسمياته، بيد ان ما مؤمل ان يختلف هو اليات العمل وسياقات التفكير وترتيب الاولويات، لاسيما ان هناك اجواء شعبية ضاغطة جدا، وحاجات ومطاليب ملحة، تعكس جانب منها التظاهرات الجماهيرية المتواصلة منذ اسابيع او شهور في مدن عراقية مختلفة.
وقد تكون بعض التحديات التي سوف يواجهها البرلمان الجديد مشابهة او مماثلة للتحديات السابقة، وبعضها الاخر ربما سيكون مختلفا.
ومثلما يرى الكثير من المراقبين والمتابعين، فأن ظروف وفرص النجاح تنطلق اساسا من تحت قبة البرلمان، لتنعكس وتمتد الى مساحات وميادين اخرى، وليس العكس.
ومن دون ادنى شك، فأن طبيعة اجواء الجلسة الاولى المرتقبة، وما يمكن ان تحدده من مسارات لاربعة اعوام مقبلة، ستحمل بين طياتها المؤشرات الاولية اما لمعالم النجاح او لملامح الاخفاق.
بعبارة اخرى على البرلمان الجديد، ان يعمل جاهدا على تغيير الصورة النمطية السلبية التي تبلورت وترسخت في اذهان الكثير من الناس خلال الخمسة عشر عاما الماضية، عن من يجلسون تحت قبة السلطة التشريعية- الرقابية، ويتربعون على مقاعدها!.
https://telegram.me/buratha