التقارير

ماذا حققت مناورة الحشد الشعبي ؟

1649 2016-11-28

شارل أبي نادر -  خبير عسكري ستراتيجي عميد متقاعد الجيش اللبناني

بعد ان سيطر الحشد الشعبي مؤخرا على مطار تلعفر ومحيطه من الجهة الشمالية الغربية، متقدما بذلك ما يقرب من مئة كلم في مناطق حيوية كان يسيطر عليها داعش ، وذلك اعتبارا من نقطة الانطلاق في القيارة شمال صلاح الدين وحتى خط صد البشمركة ما بين تل عفر وسنجار في الشمال الغربي العراقي بالقرب من الحدود مع تركيا، يمكن القول ان هذه المناورة قدمت الكثير من النقاط الايجابية، الميدانية والاستراتيجية للمعركة الكبرى ضد داعش في كل من العراق وسوريا، وذلك على الشكل التالي:

ميدانيا:

- تم فصل جميع نقاط ومواقع داعش بين الموصل ومحيطها  الغربي والجنوبي الغربي مع مواقعه غرب نينوى والداخل السوري، وقد نتج عن ذلك شطر قوة وجهود وانتشار داعش الى قسمين متساويين تقريبا،  الامر الذي لم تكن ستؤمنه السيطرة المستقلة على مدينة الموصل حيث كان سيخسر الاخيرة فقط مع محافظته على باقي مناطق انتشاره.

- اصبحت وحدات داعش في مدينة الموصل ومحيطها الغربي محاصرة وبعيدة عن المصادرة الاساسية التي كانت تدعمها من وسط العراق حتى دير الزور فالرقة على كامل محيط نهر الفرات، ولذلك ستفقد حتما وتباعا قدراتها العسكرية في العديد والاسلحة والذخيرة والعتاد، والتي تخسر منها الكثير بشكل متسارع  مع تقدم المعركة وازدياد الضغط عليها، وهذا كانت ستعوضه تقريبا لو حافظت على انتشارها غرب الموصل وامتدادا مع نينوى والحدود السورية.

- فقد داعش الترابط الميداني بشكل كامل بين وحداته في الشمال العراقي ووحداته في غرب العراق وشمال شرق سوريا ، وبالتالي فقد الامكانية لتنفيذ اي دعم متبادل بين وحداته في المناطق المذكورة، وخسر بذلك عنصرا مهما في مناورته الدفاعية بشكل عام ما بين العراق وسوريا، وايضا الامر الذي لم يكن سيتحقق لو تمت هزيمته في مدينة الموصل فقط .

مناورة الحشد الشعبي ...نصر ميداني واستراتيجي

- خسر داعش في هذا الحصار الذي فرض عليه اخيرا، امكانية الاستفادة من قدرات وخبرات قادته الميدانيين، والذين كانوا يتنقلون بين كامل الشمال العراقي و بين الشرق السوري لتأمين قيادة عملياته في كافة المعارك ، وذلك بعد ان تناقص وبشكل كبير عدد هؤلاء القادة اصحاب الخبرات وخاصة الاجانب منهم، إمّا في ساحات المواجهة وإمّا عبر عمليات تصفية داخلية، او في عمليات جوية ينفذها التحالف الدولي تأخذ الطابع الشخصي او الفردي لاعتبارات خاصة بالتحالف وعلاقته مع هؤلاء المستهدفين .

استراتيجيا:

-  برهن الحشد الشعبي عبر هذه المناورة الصاعقة التي فاجأ فيها التنظيم وداعميه الاقليميين والدوليين ، انه مكوّن اساس و فاعل ومؤثر على الساحة العراقية وعلى الساحة الاقليمية ولا يمكن تجاوزه .
-  استطاع  الحشد الشعبي السيطرة على داعش والحاق الهزيمة به في التوقيت الذي حدده وفي المكان الذي اختاره وبالطريقة التي رأها مناسبة  ، وذلك بمعزل عن الاجندة التي حاول الاميركيون فرضها على الدولة العراقية، والتي كان من ضمنها محاولة ابعاده عن المعركة بالاساس وزج الجيش العراقي لوحده في مستنقع  مدينة الموصل واحيائها المكتظة بالمدنيين .  

- لقد استطاع الحشد الشعبي في مناورته الناجحة، والتي فصل من خلالها الموصل ومحيطه غربا عن نينوى والحدود السورية، ان يخلق تواجدا قويا وثابتا في وسط ميدان داعش الواسع، وان يقسم الجغرافيا التي بنى التنظيم دولته المزعومة على اساسها ما بين سوريا والعراق الى قسمين، وهذا لم يكن ممكنا ان يتحقق عبر السيطرة على مدينة الموصل لوحدها .

- لقد خربط الحشد الشعبي في وصوله الى شمال غرب الموصل حتى حدود انتشار البشمركة في جبال سنجار المشروع  الاميركي المشبوه لمحاولة تفتيت العراق، والذي كان يهدف الى حصر التواجد في تلك المناطق بمجموعات وطنية ذات طابع مذهبي معين .

-  بعد هذا الفصل الميداني والذي تم بموجبه قطع الترابط بين وحدات داعش في كل من  العراق وسوريا ، خسر التحالف غير المعلن : الاميركي - الاسرائيلي  - التركي - الخليجي ، امكانية الاستفادة المتبادلة من وحدات داعش بين الميدانين السوري والعراقي ، والتي كانت تستعمل للضغط على محور المقاومة في المنطقة بشكل عام، وبات هذا التحالف يلهث لمحاولة حماية ما تبقى من الارهابيين للمحافظة على نقاط الضغط المذكورة .

واخيرا ... بقدر ما تفاجأ الاميركيون من النجاح الصاعق الذي حققه الحشد الشعبي في غرب الموصل، في الوقت الذي راهن فيه اولا على إبعاده، ولاحقا على اخفاقه حيث غابت قاذفاته بالكامل عن تأمين اية تغطية جوية للحشد المذكور، بقدر ما سيقدم هذا التقدم من نقاط ايجابية، ميدانية واستراتيجية للمعركة الواسعة ضد التنظيم الارهابي، ليس فقط في العراق وانما في سوريا، وذلك على طريق إلحاق الهزيمة الكاملة بالتنظيم الذي كان غريبا في نشأته وانتشاره وتمدده وفي سيطرته لاحقا، وكل ذلك برعاية وحماية ممن يدّعون كذبا محاربته ومواجهته .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك