التقارير

عراق أم (عراقات).. ماذا بعد الموصل؟!‏


محمد الحسن

‏     لا ريب أنّ عراق ما بعد 10 حزيران 2014, لا يشبه عراق ما قبل هذا التاريخ, إلا أنّ الإرادات ‏متقاطعة حول ذلك العراق؛ فتذهب مجموعة لتقوية الدولة عبر التسويات والحلول الجريئة التي تحتاج ‏لشجاعة نادرة بموازاة مواجهة عسكرية متقنة مع الإرهاب, ومجوعة ثانية كانت تمنع أي حديث سياسي ‏قبل الحسم العسكري, وثالثة ترفض أي مواجهة مع الإرهاب إلا بعد أخذ ضمانات سياسية وشروط بات ‏أغلبها معروفاً. بين تلك المجاميع الثلاث, برز دوراً جديداً, يبدو أنّه إنفصل عن المجموعة الثالثة, وذلك ‏الدور لا تتبناه جهة واحدة, يرمي للتلاعب بالخريطة العراقية. ‏

إرهاصات ما قبل المعركة..‏

‏     معركة الموصل بدأت قبل موعدها بأشهر, إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار تلك الإرادات الأربعة وتأثيراتها ‏على الواقع, فبينما القوات العراقية بجميع أصنافها, تقاتل وتستعيد المدن والبلدات, كان حراكاً سياسياً مكثّفاً ‏بين أطراف كثيرة, ولعل محورها "التحالف الوطني" الذي كانت تنتمي إليه الرؤية الأولى والثانية -‏المعركة بموازة السياسية أو السياسية بعد المعركة- ويبدو أنّ هذا التحالف إستطاع بعد جهد كبير, أن يعيد ‏ترتيب أوراقه ويجمّد خلافاته كشرط أساسي من شروط الإستعداد للمعركة العسكرية التي تستطيع قوى ‏كثيرة إعاقتها, وككتلة أكبر يتحمّل "التحالف الوطني" مسؤولية كبيرة تجعله قادراً على توحيد الجهود أو ‏تشتيتها, الأمر الذي ينعكس حتماً على القوى الوطنية الأخرى. ‏

ومع أول علامات تغيّر سياسة التحالف الوطني, نضج الموقف السني وصار أكثر وضوحاً, لا سيما أنّ ‏‏"القوى السنية" تتحمّل مسؤولية كبرى أمام جمهورها النازح, وأراضي ذلك الجمهور المغتصبة. لابدّ من ‏الإشارة هنا إلى حقيقة مهمة, وهي تشتّت الساحة السنية وعدم تبنّيها لموقفٍ موحد, ويمكن القول أنّ تلك ‏الظاهرة, تعد إنعكاساً حتمياً لصراع دول أخرى على إستخدام سنة العراق!.. وعندما وجدَّ السنة إرادة حقيقية ‏في بغداد على الحوار وإدراكهم لخلفيات وأسباب مواقف الدول الداعمة, نجحت مجموعة كبيرة منهم ‏بالتخلّص من الخارج والإنسجام مع موقف بغداد كخيار لا بديل عنه. ‏

إنّ دلالات المشهد العراقي العربي, تشير إلى إلتقاء الأطراف في المنتصف وترجيح كفة "المعركة ‏والحوار" التي تتبناها سياسية التحالف الوطني الجديد. ‏

في عاصمة كورستان, توجد إرادة رابعة -عراق بخرائط مختلفة-  تقوم على عوامل, كانت تحسب قوّة, منها ‏شبه إستقلالية إقتصادية تحدّدها آبار النفط وتفاهامات مع أنقرة تضمن إستمرار التصدير والإستقواء على ‏المركز بثمن ربما تدفعه الـ(بككه), فضلاً عن العوامل الأخرى التي تراكمت بمرور الزمن. بيد أنّ تلك ‏العوامل أصبحت غير فاعلة بتزاحم بعض المشاكل من قبيل إنخفاض أسعار النفط, مواجهة حزب العمال ‏مع تركيا, أزمة رئاسة الإقليم, التقاطعات الداخلية التي يتعلّق بعضها في أصل الموقف, إذ تميّزت أطراف ‏كوردية بالإندفاع نحو المركز. التفاعلات السياسية الحاصلة في بغداد وبروز تحالف وطني جديد يُدرك ‏كونه كتلة أكبر تتحمل مسؤولية مضاعفة, حسمت الجل الكوردي حول العلاقة مع بغداد, إذ رجّح التوائم مع ‏المركز وتأجيل الخلافات والمضي بسياسية الأمر الواقع التي تحتّم خفض أسقف المطالب. ‏

في ظل هذا المشهد, خسرت أنقرة حليفاً, وكسبت بغداد زخماً ستوظّفه لمعركة الموصل.‏

أردوغان و الموقع في المعركة..!‏

‏   تصريحات الرئيس التركي تفصح عن أبعاد أخرى لموقفه من الحرب العراقية ضد الإرهاب عموماً, ‏ومن معركة الموصل تحديداً. إذ تحدّث أولاً بتصميم على دخول المعركة شاء العراق أو أبى, معتبراً ذلك ‏حق (مقدس) بأعتباره مدافعاً عن الأرث العثماني, ثم تبدّل الموقف عندما طلب دوراً في المعركة, معلّلاً ذلك ‏بالدفاع عن أمن بلاده القومي. والأجراء الصحيح الوحيد المعلن الذي إتخذته أنقرة؛ إرسالها وفداً للتفاوض ‏بهذا الشأن. ‏

من عدم الإتزان ذلك, يتّضح أنّ أحد أسباب بحث أردوغان عن دور في المعركة؛ إنما محاولة إزالة بعض ‏آثار الخسائر التركية في سوريا, الأمر الذي جعل أردوغان يبحث عن نجاح واحد في الخارج لإثبات أحقيته ‏بتزعّم العالم الإسلامي السني!.. ‏

ثمة حقيقة لا يمكن تجاوزها؛ الحلم التركي في الموصل, والذي جعل الموازنة السنوية تخصّص لــ(ولاية ‏الموصل) ليرة واحدة, وهذا يعني أنّ أردوغان بات متأرّجحاً بين حلم الأرض أو الزعامة الإسلامية!..‏

آخر القلاع الأمريكية..!‏

‏     التجربة السورية جعلت أمريكا تعيد حساباتها, فقطر التي ضُخمت؛ إنكشف حجمها في أول سنوات ‏الحرب. والمشهد في المملكة العربية السعودية يثير القلق بشكل كبير, فحرب اليمن والإقتصاد والصراع في ‏سوريا ومشاكل العائلة, فضلاً عن نسبة مؤيدي داعش في المملكة التي تبدو مرعبة. ‏

الأمريكان لا يتعاملون إلا مع الأقوى, والمشكلة التي تواجههم في المنطقة هي أنّ الأقوى يقف في خندق ‏آخر. ولهذا تجد أمريكا نفسها مضطرة لدعم الأتراك بغية الإبقاء على توازن الرعب, وتر

 

Mohammed Alhassan, [٢٦.١٠.١٦ ٠٢:٥٨]

كيا هنا تمثّل القلعة ‏الأمريكية الأخيرة في الشرق الأوسط, وتحديداً المنطقة العربية وما يجاورها. وهذا ما يتيح لتركيا هامشاً من ‏الحركة والمناورة, وهي تعرف تماماً قدراتها المحدودة في حسابات معقدة, أبرزها الأصرار على إنهاء ‏داعش والتخلّص منه في العراق. ‏

أوراق عراقية..‏

وإذا ما أستثنينا التأثير الإقليمي والدولي في العراق عموماً, ومعركة الموصل خصوصاً؛ فالعراق يمتلك ‏أوراقاً مهمة تجعله مالكاً للقرار في تحديد من يشترك في المعركة, وتوقيتاتها وكيفية الحسم, ولعل أبرز ‏عناصر قوّة العراق, الثلاثي العسكري (جيش وشرطة, حشد شعبي يضم عشائر سنية, بيشمركة أعلنت ‏ولائها للدولة) وهذا الثلاثي يمتلك خبرة كبيرة في الميدان تجعله قادراً على حسم المعركة سريعاً. والعامل ‏الثاني, التفاهم السياسي الذي جاء بعد صراع طويل, أثبت رؤية "الحل الشامل". ثمة عامل مستجدّ, وهو ‏الرغبة الجماهيرية في المناطق المحتلة للتخلّص من داعش. ‏

إنّ تفاعلات عناصر القوة العراقية لا تضمن بالضرورة الحسم العسكري السريع, غير أنّها تعكس قراراً ‏عراقياً يُثبّت وحدة العراق بجغرافيته المعروفة ونظامه السياسي القائم, فقط تستدعي بعض النصوص ‏الدستورية لإعطاء صلاحيات واسعة للمحافظات. وبمعنى أدق, سيناريو الفيدراليات الطائفية أصبح من ‏الماضي, والعراق يمضي بنسقه المعروف على الأقل لسنوات قادمة. ‏

معركة الموصل محسومة لصالح العراق, وبعض الأطراف تحاول الإستفادة من النصر, لتُثبت أبوتها!..غير ‏أنّ الموصل تنتظر صراعاً إجتماعياً ستعمل أطراف خارجية على تغذيته, وهذا ما يجب الإستعداد له وإدامة ‏الحوار وصولاً لتسوية تاريخية تدّعم إنجازات الميدان.‏

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك