التقارير

الأفق المظلم للنهج العسكري التركي مقابل العراق

1586 2016-10-21

المتتبع لسياسة تركيا تجاه الأوضاع في المنطقة لاسيّما فيما يتعلق بالعراق وسوريا واليمن يرى إنّ هذه السياسة تتطابق إلى حد كبير مع السياسة السعودية، وهذا الأمر ظهر بشكل جلي في المرحلة الراهنة من خلال المواقف التي إتخذتها أنقرة والرياض إزاء معركة تحرير الموصل من الجماعات الإرهابية لاسيّما تنظيم “داعش”.

فقبل فترة أعلن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” إنّه لا يعترف رسمياً بمعاهدة لوزان واصفاً هذه المعاهدة بأنها تمثل كارثة لبلاده

ومن المعروف أن معاهدة لوزان ترسم الحدود بين تركيا والعراق وتركيا وسوريا إلاّ أن أردوغان صرّح بأنه لا يعترف بهذه الحدود ولهذا أرسل قواته إلى شمال سوريا وشمال العراق، وهو يسعى الآن إلى إقتطاع أجزاء من أراضي هذين البلدين بعد تحريرها من عصابات “داعش” رغم أن الجميع يعلم بأن حكومة أردوغان قد ساهمت في دعم هذا التنظيم الإرهابي ومكنته من إحتلال مدن ومناطق سورية وعراقية واسعة ومن بينها محافظة الموصل.

ويزعم أردوغان أنه يسعى للدفاع عن التركمان في العراق الذين ينقسمون إلى قسمين: 40 بالمئة منهم هم من السنّة، فيما يشكل الشيعة العلويون والبكتاش 60 بالمئة.

وعندما إحتلت “عصابات” داعش بالتنسيق مع عناصر حزب البعث المنحل في العراق وبدعم من تركيا عدداً من المدن العراقية بينها الموصل تعرض قسم من الشيعة التركمان إلى الإبادة وتم أسر الكثير من نسائهم من قبل هذه العصابات.

واضطر الكثير من التركمان إلى مغادرة مناطقهم صوب مدن وسط وجنوب العراق، وانضم الكثير من أبنائهم إلى صفوف الحشد الشعبي الذي يقاتل الجماعات الإرهابية وتمكن من تطهير الكثير من المدن من هذه الجماعات لاسيّما في محافظات ديالى والأنبار وصلاح الدين.

ويزعم أردوغان أن الموصل تتشكل من العرب السنّة فقط بالإضافة إلى أعداد قليلة من التركمان والأكراد، وهذه المزاعم تتناقض تماماً مع الحقائق التاريخية والواقع الديموغرافي لهذه المحافظة.

ويرفض أردوغان مشاركة الحشد الشعبي في عمليات تحرير الموصل، بذريعة أن ذلك قد يتسبب باندلاع حرب أهلية أو طائفية باعتبار أن الشيعة يشكلون النسبة الأكبر من الحشد ناسياً أو متناسياً أن الكثير من السنّة يشاركون أيضاً في الحشد.

كما يزعم أردوغان أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان قد طلب منه إرسال قوات تركية إلى قضاء بعشيقة شمال شرق الموصل، الأمر الذي رفضه العبادي، مؤكداً أنه طلب فقط تدريب الشرطة العراقية داخل الأراضي التركية ولم يطلب من أنقرة إرسال قوات إلى العراق.

ويرفض أردوغان سحب قوات بلاده من داخل الأراضي العراقية رغم طلب حكومة العبادي منه ذلك، ورغم الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي عمّت العراق والتي حذّرت أنقرة من مغبة بقاء هذه القوات ووصفتها بأنها قوات احتلال.

ووصل الأمر بأردوغان إلى التطاول على العبادي عندما وصفه بأنه ليس بمستواه الأمر الذي ردّ عليه العبادي بأن القوات العراقية هي التي ستحرر الموصل ولن يتم تحريرها عبر “السكايب” في إشارة إلى البرنامج الصوتي التصويري الذي إستخدمه أردوغان لتوجيه كلمة إلى الشعب التركي أثناء محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة التي تعرضت لها تركيا قبل نحو ثلاثة أشهر.

ويطالب أردوغان بإشراك قوات بلاده في عمليات تحرير الموصل إلى جانب قوات التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، ويدعو كذلك إلى مشاركة ما يسمى “الحشد الوطني” التابع لمحافظ الموصل السابق أثيل النجيفي المتهم بالتخاذل وتسليم المحافظة إلى عصابات “داعش” في 10 حزيران/يونيو 2014.

ويسعى أردوغان من وراء هذه المزاعم والمطالب لتحقيق عدّة أهداف سياسية وأمنية بينها الإدعاء بأن الموصل تابعة إلى تركيا وهي من تقرر من يشارك في تحريرها وليس العراق، وتمهيد الأرضية لاقتطاع هذه المحافظة وضمّها إلى تركيا بعد تحريرها من “داعش”.

ويعتقد المراقبون بأن تركيا إنتهجت في الآونة الأخيرة سياسة تهاجمية وعدائية ضد العراق فيما يتعلق بقضية تحرير الموصل، فيما يرى آخرون بأن الخلاف السياسي بين أنقرة وبغداد الذي إرتفعت وتيرته مؤخراً قد يؤدي إلى اندلاع حرب عسكرية بين الجانبين خصوصاً بعد تحذير قادة الحشد الشعبي ومن بينهم قائد منظمة بدر “هادي العامري” لأنقرة بضرورة الإسراع بسحب قواتها من العراق قبل أن يتم طردها باعتبارها قوات احتلال 

وتجدر الإشارة إلى أن تركيا أخذت تستعرض عضلاتها أمام العراق باعتبارها جزءاً من حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وتعتقد بأن أمريكا وباقي أعضاء الحلف سيقفون إلى جانبها في حال إندلاع حرب مع العراق متناسية أن الغرب لا يعرف غير مصالحه ولن يتقدم خطوة أو يتراجع ما لم يضمن تحقيق هذه المصالح، كما ينبغي على القيادة التركية أن لا تنسى إتهامها للإدارة الأمريكية بالتورط في المحاولة الانقلابية الأخيرة التي تعرضت لها تركيا. ومن الأفضل لأردوغان التصالح والتنسيق مع دول الجوار لحل أزمات المنطقة بعيداً عن تدخل القوى الأجنبية التي تسعى لتحقيق مشاريعها الاستعمارية الرامية إلى تمزيق دول المنطقة ونهب خيراتها والتحكم بمصير شعوبها في إطار ما يسمى “مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” الذي تتزعمه أمريكا خدمة لمصالحها ومصالح الأطراف الحليفة لها وفي مقدمتها الكيان الإسرائيلي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك