إعداد: هيام الخياط
الشطرة مدينة الشعر والثقافة والأدب والإبداع حيث يقترن اسمها بانشطار (نهر الغراف) قبل وصوله المدينة بخمسة كيلومترات إلى شطرين يذهب الأيسر منهما إلى ما يسمى ب(شط البدعة) ويمر الثاني بالشطرة ثم يتفرع إلى عدة فروع. ينصف الشطرة نهرها الذي وقف وراء شقه في العهد الملكي النائب عبد الهادي المنتفكي وقد تحول النهر إلى مجرى قريب وتحولت المدينة وراؤه.
يبدأ تاريخ الشطرة حينما أسس جماعة من أهل (الغراف) قرية كبيرة في أراضي خفاجة أطلقوا عليهم لفظة (الشاهينية) وهو اسم مدينة معروفة في التاريخ الحديث للأمير عمران بن شاهين، وقد اضمحلت هذه القرية في حدود عام 1787 م على إثر جفاف النهر الذي كان يرويها فانتقلوا إلى جدول (الخليلية) الذي كان يغذيه نهر(الغراف) و أسسوا عليه قرية باسم (الشطرة) بقيت ماهولة بالسكان زهاء تسعين حجة ونيف. وقد مر الرحالة البريطاني (هود) بالشطرة عام 1817م فقال في وصفها : " وصلنا في 27 كانون الثاني إلى الشطرة وهي مدينة معتبرة، وهي المدينة الوحيدة التي تستحق هذه التسمية بعد الكوت الذي مررنا بها " وعمر الشطرة الحالية بعمر الناصرية تقريباً إذا ارتبط اسم الناصرية باسم مؤسسها ناصر الأشقر السعدون بينما قام ابنه بتأسيس الشطرة وسميت وقتها بالعدنانية أي على اسم الابن. وكان نعوم سركيس التاجر البغدادي المعروف، يتردد إلى (سوق الشيوخ) ويقيم فيها لمشترى الأصواف وغيرها وتصديرها إلى بغداد، وذلك قبل مشيخة ناصر السعدون بعشر سنوات، فما كانت مشيخة ناصر باشا المذكور سنة 1866 م، قربه اليه واتخذه أميناً له ومستشارآ في بعض شؤونه، مع بقائه على تجارته، فكان في هذه الحقبة يصدر الحبوب إلى البصرة والتمور إلى الهند. وكان لمحمد الجاسم وكيل نعوم سركيس في الشطرة (منتر) على الغراف يذخر فيه ما يشتريه له من غلال، وموقعه اليوم في مدخل الشطرة من جهتها الشمالية، فأخذ نعوم يشوق الاهلين على الانتقال إلى جواره، وشرع هو في بناء خان له مع قيسارية أهدى بعض حوانيتها إلى معارفه من وجوه الشطرة ترغيبا لهم على الانتقال فكانت هاتان البنيتان نواة قصبة (الشطرة الجديدة) وكان ذلك في حدود سنة 1837 م. وفي سنة 9 184م شرع في بناء دار للحكومة وما لبثت ان سرت الحركة العمرانية فيها سيرأ مطردا حتى غدت عروس قرى الغراف وقصباته. فما كانت سنة 1881م حدث خلاف بين الحكومة والسعدونيين فاحتلت الحكومة لواء المنتفق ومنه الشطرة. وقد أقيمت على الضفة اليمنى من الشطر الثاني قصبة الشطرة الجميلة التي كتب لها نحس الطالع أن تكون في محيط الفتن التي وقعت في المنتفق قبل الحرب العالمية الأولى (حرب عام 1914 – 1918 م) فجعلتها بيوتا مقوضة الجدران ومبان قليلة العمران وقيساريات عصرية مهملة. فما تم الاحتلال البريطاني الأول للعراق، واعيدت النظم الإدارية فيه، وتألفت الحكومة العراقية، شرع في تنظيم (الشطرة) مرة أخرى، فنشطت حركة العمران فيها، وعاد إليها من كان قد هجرها، وانتقل إليها ارباب الكسب والارتزاق من سائر الأنحاء وأخذت تسترد منزلتها القديمة بالتدريج. وفي عام 1930م شرع في البناء على الضفة المقابلة لقصبة الشطرة بعد أن مد جسرحديدي فشيدت دارللقائمقام، وناد للموظفين ومدارس للبنات والبنين، وبضع دور للموسرين، كما اخذ العمران يتسع على الضفة اليمنى (الاصلية) فبنيت الأنزال للشيوخ، والدور للموظفين، والمرافق العامة للحكومة والأهلين واقيم فيها مشروع للماء، وآخر لتوليد القوة الكهربية.
وقد جاء في السجلات الحكومية لسنة 1947 م أن نفوس قضاء الشطرة (68 0 95) نسمة بحسب الإحصاء العام الذي جرى في هذه السنة. ناحية الدواية : لقضاء الشطرة ناحية واحدة يقال لها (الدواية) ومركزها القرية المسماة باسمها القائمة على نهر البدعة المتشعب من الغراف في موضع يبعد15 كيلومترأ من الشطرة جنوباً، وهي جموعة من المبان الطينية مع سراي للحكومة ومدرسة للبنين ومستوصف. والمدينة اليوم بقسمين شرقي وغربي عن النهر، حيث يسير شارعان طويلان معبدان حذاء النهر يبداءن من ناحية البدعة شمالاً إلى مرقد أحد أحفاد الإمام الكاظم وهو السيد العباس بن الكاظم جنوباً وجزء من مقتربات الشارعين ترابية وهي التي تقع خارج حدود المدينة القسم الغربي يضم سوقاً مسقفا مقسما حسب المهن والحرف فلكل حرفة أو مهنة شارع خاص بها ولا يوجد تعدي على هذه القاعدة حتى عام 1980. ويضم هذا القسم أربعة مساجد ثلاثة منها كبيرة وواحد صغير داخل السوق وتعتبر منارة جامع السنة أعلى نقطة في المدينة. وفي القسم الغربي تقع دائرة البريد والبرق والهاتف حسب اسمها ومكتبة الشيخ الكرباسي ومتوسطة الشطرة وعدد من المدارس الابتدائية وشوارع هذه القسم الرئيسية معبدة بطريقة الرصف بالطابوق ثم الاكساء بالاسفالت. وفي هذا القسم أيضا نعمت المدينة بأولى بوادر الصناعة إذ كانت هناك طاحونتان كبيرتان الحق بهما مصنع للثلج. يعبر الصوب الغربي إلى الصوب الشرقي على ثلاث جسور هي الجسر الأصفر وهو خشبي مخصص للسابلة جميل الهندسة وجسر الشطرة وجسر حاج خيون حيث يقع الأخير بقرب قصر الحاج خيون ال عبيد وهو أحد ساسة الجنوب الذين كانت لهم رؤيتهم الخاصة بشان الثورة على البريطانيين عام 1920. القصر يختلف عن عمارة المدينة ويتنافر معها وهو بجناحين واحد للحكم والاخر للحريم وفوق شرفته وقف ملك العراق حيث كان الشيخ خيون العبيد هو السلطة الفعلية في المدينة تسنده عشيرته العبودة. يرتبط القصر بأبواب داخلية مع سلسلة بيوت مبنية على جداره الخلفي وتابعة له وامامه يقع بيت العبيد وله بابين كبيرين من الحديد المشبك الذي يذكر بأبواب قصور الاقطاع في أوروبا. تنزل المدينة إلى شاطئ النهر من خلال أماكن محددة على شكل درجات تسمى مسنايات وهي نظيفة وشاطئ النهر مزروع ببعض الاشجار وخاصة عند قلب المدينة إذ كان هناك كورنيش مشجر ومسيج وشاطئه نظيف. عبورا إلى القسم الشرقي تبدا المدينة باعدادية الزراعة من جهة الشمال حيث حقول الزهور والمناحل وحقول الدواجن والابقار التطبيقية ومن ثم بساتين ثم المكتبة العامة وهي بصالة كبيرة للقراءة وأخرى للكتب كان فيها حتى عام 1980الاف العناوين. شارع صغير يفصل المكتبة العامة عن الحديقة العامة يفصلها الشارع الرئيس عن النهر الحديقة عبارة عن مجموعة دوائر من اشجار الاسيجة وخاصة الاس وفيها عدد من النخيل وحقول صغيرة من الورود واشجار متوسطة الارتفاع لورد الروز بعدة الوان إضافة إلى ورود الدفلى. ياتي بعد ذلك مركز الشرطة أو السراي تتوسطه اشجار السدر وفي بابه ينزرع إضافة إلى شجرتين اخريين من السدر شرطيان في حالة استعداد عسكري. كان دخول مركز الشرطة لاتسبقه أي نوع من الاجراءات أثناء وقت الدوام إلى انه ومنذ بداية عقد الثمانينات بدات الامور تتعقد إلى حد كبير خطوات تاتي مدرسة ابتدائية كبيرة هي أكبر مدارس القضاء بعد مدرسة النهضة والى جانب مدرسة الشطرة الابتدائية يقع المستشفى وفيه جناح للرقود وعيادة خارجية ومركز للاسعاف الفوري، ثم دار السينما تلاصق المحكمة والى جانبهما دائرة البلدية، كان هناك محطة للنقل وسط القسم الشرقي من المدينة وهي مقسمة حسب المناطق التي تنطلق إليها السيارات وأماكن انتظار السيارات مسقفة والساحة أو الكراج كبير ومسيج بجدار دائري حوله دكاكين سوق البنكلة وامامه حديقة دائرية تسمى الفلكة وخلفه يقع سوق السمك وهو سوق حديث التقسيم والبناء. عبر شارع واحد يقع نادي العمال وهو الوحيد الذي يقدم لزبائنه الخمر إضافة إلى دكانين يقعان قبالته مباشرة. كان في المدينة نصب يقع قبالة السوق الكبير للمثال عبد الرزاق الكايم وهو أحد أبناء المدينة يجسد النصب حالة الثورة الاجتماعية والعلمية والسياسية وهو على صلة بأحداث عام 1958. اما النصب الاخر فهو مشعل الحرية يقع قبالة قصر الحاج خيون ويبدو أن اقامته تمت بصورة مدروسة ومقصودة ليكون معادلا للاقطاع إلا أن سخرية القدر جعلت مشعل الحرية الذي يجسد ثورة 1958 بوضوح تم هدمه من قبل إدارة البلدية بعد ربيع الجنوب والقي في الازبال هو والنصب الاخر الذي سبقت اليه يد الا زالة. أشهر شوارع الشطرة هي عكد الصبة وعكد الاكراد وعكد الشعر باف ومن معالمها مكتبة حميد أبو الجرايد نسغ المدينة للمعرفة والاتصال بحركة النشر والقراءة وأيضا من معالمها مسرح مدينة النهضة حيث باكورة الحركة المسرحية في المدينة. مارست المدينة الرياضة من خلال النادي الرياضي والملعب الرئيسي الذي كان يتحول إلى مسرح مفتوح في اليوم العاشر من المحرم إذ كانت تقام هناك مسرحية بمناسبة ذكرى عاشوراء (تشابيه). كانت المدينة والمقهى صنوان وكانت المقاهي تنتشر بكثرة وميزتها عن غيرها هي الطبقية فهناك مقهى للشيوعيين واخر للبعثيين وواحد للمتدينين ومقهى للسواقين واخرللعربنجية اما المقهى الذي يجمع الطيف الثقافي فهو مقهى الحاج عبيد. عرفت الشطرة بإنتاج العنبر وفيها صناعة محلية بسيطة مثل صناعة العقال إضافة إلى صناعة الخفاف فاشتهر الخف الشطراوي. كان للمدينة مغنوها ومثقفيها وشقاواتها وهي تميل لخفة الروح واهلها بعيدون عن التعصب وميالون للقراءة ومتابعة حركة السياسة في البلد اواسط السبعينات كان من الطبيعي ان تسمع عن اقامة معرضا لااحد الرسامين أو اعلانا عن مسرحية. كان أكبر مواسم المدينة بعد محرم هو المهرجان الرياضي الذي تتبارى فيه المدارس. عوقبت الشطرة بقسوة اسوة بمدن الجنوب وهي تحملت عقوبة مركزة لأنها كانت منطلق كل من الشهيد القائد تحسين مجيد عبد مكتوب والشهيد عبد الحسين جليد عاشور والمجاهد سلمان شريف دفار نحو بغداد ليشاركهم المجاهد مؤيد راضي السراي بعملية اغتيال عدي بن الطاغية صدام حسين. في حوار بين عائد إلى الشطرة وعائلته قالوا له خرجت من هنا اسود الشعر وعدت وراسك أبيض فقال لهم وانا خرجت وقد تركت خلفي شوارع معبدة فاين التعبيد.
https://telegram.me/buratha