أثار إعلان وزارة الداخلية الداخلية الكويتية أن البصمة الوراثية (تحليل الحمض النووي) شرط لإصدار جواز السفر الإلكتروني الجديد الجدل بين مؤيد لهذا القرار لاعتبارات أمنية ومُعارض يرى فيه انتهاكاً للخصوصيات، خاصة أن الحمض النووي هو أدق خصوصيات البشر.
وجاء الإعلان عن ذلك على لسان الوكيل المساعد لشؤون الجنسية والجوازات، اللواء مازن الجراح، خلال مؤتمر صحفي عُقد الأسبوع الماضي للإعلان عن الخطوات الحكومية التي تم اتخاذها لإنجاز إجراءات إصدار هذا الجواز.
وستصبح الكويت أول في العالم تنفذ هذا الإجراء الجديد الذي سيُطبق على كل مَنْ تطأ قدمه أرض الكويت، بمن في ذلك الزائرون لها فضلاً عن المواطنين والمقيمين.
وتوقع مصدر أمني تحدث لـ”هافينغتون بوست عربي” أن يكون الجواز الإلكتروني في متناول يد الكويتيين بحلول سبتمبر/أيلول 2016، مشدداً على أن ثمة إجراءات مشددة للحفاظ على سرية معلومات هذه العينات وعدم الاطلاع عليها إلا لأسباب أمنية محددة.
أمر ضروري!
وقال أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور عبدالله الليفان في تصريح لـ”هافينغتون بوست عربي” إن “الشريعة الإسلامية لا تمنع جمع الحمض النووي للحفاظ على أمن البلاد أو لدواعٍ أخرى تراها الدولة ضرورية”، لافتاً إلى أنه “يجب تفعيل دور لجنة الفتوى في وزارة الأوقاف حتى تكون هي المرشد والمحدد للأمور التي تستدعي توضيح رأي الشريعة الإسلامية”.
من جانبه أكد مدير المعهد الكويتي لحقوق الإنسان، عادل القلاف، في تصريح لـ”هافينغتون بوست عربي” أنه رغم أن فكرة جمع الحمض النووي تبدو في مجملها جيدة إلا أن تطبيقها شابه شيء من التسرع والعجلة، وكان الأجدر هو التروّي والتدرج في طرحها حتى يتقبلها المجتمع.
وأشار إلى أن ثمة الكثير من علامات الاستفهام والشكوك التي تراود المعارضين لهذا القانون حول سرية المعلومات والحفاظ عليها وضمانات عدم استخدامها بشكل يخالف الهدف الذي جمعت من أجله.
وأوضح أن عدداً من الدول المتقدمة كان قد فكّر في الإقدام على تنفيذ مشاريع مشابهة، لكنها أحجمت في النهاية وجمّدت تلك المشاريع.
واعتبر أن فرض جمع الحمض النووي بقانون مُلزم يستوجب العقاب بالسجن والغرامة لمن يخالف مبادئ حقوق الإنسان، خاصة مبدأ الحق في الخصوصية الذي ورد بالدستور الكويتي والاتفاقيات الدولية.
الصحافة الأجنبية
وحظي هذا الإجراء باهتمام الصحف الأجنبية، حيث كتبت صحيفة “ديلي نيوز” الأميركية تقريراً لها حمل عنوان: “انس جواز السفر ستحتاج عينة من الحمض النووي لدخول الكويت”.
فيما قالت مجلة “نيوزويك” في تقرير لها أيضاً حول هذا الموضوع إن “الكويت ستكون أول دولة تجمع عينات الحمض النووي”.
بينما قالت قناة “فوكس نيوز” الأميركية إن هذا الإجراء سيشمل أيضاً السائحين الراغبين في دخول الكويت.
وكان مجلس الأمة الكويتي قد أقر هذا القانون في مطلع يوليو/تموز 2015، وجاء مكوناً من 13 مادة، حيث نصت المادة الرابعة منه على أنه “لا يجوز للأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون الامتناع عن إعطاء العينة اللازمة لإجراء الفحص متى طُلب منهم ذلك وخلال الموعد المحدد لكل منهم”.
ونصت المادة الثامنة على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 10 آلاف دينار كويتي أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مَنْ امتنع عمداً ودون عذر مقبول عن إعطاء العينة الحيوية الخاصة به أو بمن له عليهم ولاية أو وصاية أو قوامة”.
“هيومن رايتس وتش”
ولدى صدور هذا القانون اعتبرته منظمة “هيومن رايتس وتش” الدولية لحقوق الإنسان تعدياً على الحقوق معلقةً عليه بالقول: “يمكن للعديد من الإجراءات أن تفيد في الوقاية من الهجمات الإرهابية، لكن الفائدة المحتملة لا تكفي لتبرير التعدي الجماعي على حقوق الإنسان”.
وتابعت: “قد تكون هناك فائدة في التقاط مقطع فيديو لكل شخص يستخدم المراحيض العامة، إلا أن هذا التطفل لا يكاد يتسم بالضرورة أو التناسب، مثله مثل الفحص الإلزامي للحمض النووي”.
https://telegram.me/buratha