التقارير

تحليلات ومواقف/امريكا والمسارعة نحو استثمار عام من العدوان على اليمن

1946 08:25:15 2016-04-22

الاستاذ اسماعيل المحاقري

يبدو أنّ المرحلة الأولى من العدوان السعودي على اليمن تُطوى صفحاتها ومرحلة التدخل العسكري المباشر بدأت تنحسر بترك معارك الداخل لـ "القاعدة" و"داعش" والمرتزقة لتأجيجها وإدامتها فيما ينحصر التركيز الخارجي على الأماكن ذات الأهمية الاستراتيجية كمضيق باب المندب وخليج عدن وجزيرة سقطرى وغيرها من المناطق التي ظلّت مطمعاً وهاجساً مؤرقاً للولايات المتحدة الأمريكية والعدو "الإسرائيلي" على حد سواء.

[العدوان على اليمن]

هذا ما يمكن قراءته واستشرافه من خلال التحركات والمواقف الأمريكية منذ ما قبل العدوان على اليمن وحتى اليوم الذي انكشف فيه بجلاء البعد الصهيو أمريكي فيه. فعلى كل المستويات وفي مختلف الاتجاهات يتحرك الأمريكيون لتطويق المنطقة وإخضاعها لسيطرتهم وقطف ثمرة ما أنتجوه من فوضى خلاّقة كان للسعودية الدور الأكبر والأبرز في إنتاجها ولعلّ زيارة أوباما الأخيرة إلى الرياض ما هي إلاّ لتدارس تلك الانشطة والمخططات التي بدأت من افغانستان والعراق منتقلة إلى سوريا ومن ثم ليبيا وليس آخراً اليمن.

وأياً كانت حدة التباين والخلاف بين المتبوع الأمريكي والتابع السعودي في بعض القضايا والملفات الأقليمية إلاّ أن الملف اليمني يحظى بأهمية كبيرة لدى الطرفين ويستوجب منهما الاتفاق لجهة ضمانة تحقيق أهدافهما الجيو سياسية. فالسعودية أشعلت حرباً مفتوحة دخلت عامها الثاني لـ "تركيع" اليمنيين والعودة باليمن إلى زمن الوصاية والتبعية فيما تشرف أميركا على هذا العدوان وتترقب باهتمام مآلات الأوضاع الكارثية وتوسّع نشاط "القاعدة" و"داعش" مستغلة بذلك كل ما من شأنه تدمير هذا البلد وتمزيقه وفرض الهيمنة وإطباق الحصار عليه وعلى المياه الأقليمية.

المشروع القديم المتجدد والذي تجلّى مؤخراً بالإعلان عن اتفاق خليجي-أمريكي يقضي بنشر دوريات لمنع ما أسموه تهريب الأسلحة الإيرانية لليمن كما صرّح به أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني في ختام الاجتماع الذي عقده وزراء الدفاع بدول الخليج مع آشتون كارتر وزير الحرب الأمريكي وذلك قبيل لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالملك السعودي والذي ناقشا خلاله ما أسموها تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، والجهود الدولية تجاهها من بينها مكافحة الإرهاب.

الارهاب الذي يغيب الحديث عنه متى ما اقتضت الحاجة الأمريكية إلى ذلك ويحضر بقوة متى ما أرادوا استغلاله وتوظيفه لتمرير أجنداتهم الخاصة وهو الحاصل في اليمن حيث التقى كارتر قبل أيام بولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة محمد بن زايد آل نهيان لمناقشة طلب إماراتي بدعم عسكري أمريكي يساعدها في شن هجوم على "القاعدة" في اليمن وهو ما كشفه تقرير لوكالة "رويترز" للأنباء أشار فيه إلى حقيقة توسّع "القاعدة" في جزيرة العرب وسيطرته على مساحات من الأراضي اليمنية في اعتراف وإن كان متأخراً إلاّ أنّ توقيت الحديث عنه بهذا الشكل بعد عام من التضليل والتغطية يكشف عن استراتيجية جديدة للولايات المتحدة من أهدافها تطويق البلد والتحكم بمقدراته.

وبطبيعة الحال فهذه المعطيات والمؤشرات وهي إذ تؤكد على مساع  أمريكية لإخراج السعودية من مستنقع اليمن بأي شكل من الأشكال وبما يضمن هيمنتها ويحفظ مصالحها إلاّ انه لا يمكن بأي حال فصل ذلك عمّا يجري في الضفة المقابلة من لهاث سعودي وراء تطبيع الأوضاع مع الكيان الصهيوني. والجدير ذكره أن للكيانين علاقات مشتركة وتقاطع مصالح باتت معلنة ومكشوفة ومن أولوياتهما وأكثر ما يشغلهما في الوقت الراهن هو كيفية السيطرة والتحكم بمضيق باب المندب الذي يشكل خطراً على أمن "اسرائيل" أكبر من البرنامج النووي الإيراني بحسب مسؤولين صهاينة.
 
واذا ما أخذنا بعين الاعتبار إلى جانب هذه الحقائق تصريحات وزير الداخلية الجيبوتي حسن برهان الأخيرة وإن كان شقها الأول مجرد افتراءات وتصريحات جوفاء هدفها الاسترزاق الرخيص بقوله إن "بلاده أحبطت محاولات حوثية لتفجير سفارات الدول العربية المشاركة في "التحالف العربي" لاستعادة الشرعية في تحالف العدوان"، إلاّ أن شقها الآخر والذي يقول فيه إن "السعودية عازمة على انشاء قاعدة عسكرية لها في جيبوتي" في وقت أبرمت اتفاقية تعاون في المجال الأمني بين هاتين الدولتين ﻧﻅﺭﺍً لما أسموه موقع جيبوتي الاستراتيجي. والمهم للعالم ﻋﻧﺩ ﻣﺿﻳﻕ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻣﻧﺩﺏ، ﺍﻟﻣﺩﺧﻝ ﺍﻟﺟﻧﻭﺑﻲ ﻟﻠﺑﺣﺭ ﺍﻷﺣﻣﺭ، ﻭﻫﻭ ﺷﺭﻳﺎﻥ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛﻝ ﺍﻟﺩﻭﻝ ﻭﺍﻟﻣﻣﺭ ﺍﻟﺭﺋﻳﺳﻲ ﻟﻠﻁﺎﻗﺔ، بحسب الوزير الجيبوتي، وهو ما يؤكد على ما أسلفنا الحديث عنه وعلى أن ثمة مخططاً يستهدف اليمن في ثرواته وموقعه الجغرافي يجري الإعداد له بالتنسيق المباشر بين هذه الدول والقوى مجتمعة وهو ما أفصح عنه سابقاً أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والسياسية بجدة في ندوة مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن بحضور دوري غولد مدير عام وزارة الخارجية "الإسرائيلية" وأحد كبار مستشاري بنيامين نتنياهو حيث أشار إلى وجود حقل نفطي واعد في الربع الخالي، وقال إن "من واجب مجلس التعاون حمايته واستغلاله"، ولفت إلى مشروع بناء جسر النور الذي يربط بين مدينة النور في جيبوتي ومدينة النور في اليمن، بحسب قوله، واضعاً عدة أمور لانجاح هذا المشروع من ضمنها تحقيق السلام بين العرب و"إسرائيل" وإحياء الميناء الحر في عدن وتغيير النظام السياسي في إيران الخصم التقليدي للنظام السعودي.

وأمام ذلك، تعتقد واشنطن وأدواتها الوظيفية في المنطقة أنها قد قطعت شوطاً كبيراً في هذا المخطط والمشروع لكن ما لم يدركه الجميع هو أن السعودية وخلال عام من حكم الملك سلمان قد فقدت مكانتها وهيبتها نتيجة ارتمائها في أحضان الكيان الصهيوني وسياستها العدائية لمعظم الدول المجاورة والمحيطة بها إضافة إلى الخلافات العميقة داخل الأسرة الحاكمة وعلى ما يبدو هنا أن النظام السعودي بات أقرب إلى السقوط أكثر من أي وقت مضى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك