عاد مجددا الحديث عن الخطة الأمريكية البديلة (ب) التي يمكن أن تنفذها واشنطن في حال انهيار الهدنة في سوريا، وربما في حال تعثر مفاوضات جنيف أو توقفها.
صحيفة أمريكية: "CIA" تعد الخطة "B" لاعتمادها في سوريا
منذ أكثر من شهر ظهر الحديث في وسائل الإعلام عن خطة عسكرية بديلة لدى الولايات المتحدة أطلق عليها البنتاغون اسم الخطة (ب) يمكن تنفيذها في حال انهيار وقف إطلاق النار في سوريا. وظلت موسكو ملتزمة الحذر في تصريحاتها بشأن هذه الخطة، نظرا لأنها لم تسمع عنها لا عبر تصريحات مسؤولين رسميين، ولا عبر قنوات دبلوماسية أو عسكرية بينها وبين واشنطن.
وعندما وجهوا سؤالا إلى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بشأن ما يجري تداوله حول الخطة (ب) البديلة في سوريا، أكد بأن لا علم لديه بمثل هذه الخطط، وإن ما يتم تداوله في وسائل الإعلام لا يعبر عن رأي الإدارة الأمريكية. وعلى الرغم من هذا الرد، ظلت بعض التقارير تؤكد على لسان عسكريين أمريكيين في البنتاجون أن المؤسسة العسكرية الأمريكية، ووكالة الاستخبارات الأمريكية تبحثان خططا بديلة في حال إذا ما فشلت المفاوضات أو انهارت الهدنة في سوريا.
في كل الأحوال، هدأت الأمور نسبيا حول هذا الأمر، وظهر تناغم ما في التنسيق بين موسكو وواشنطن من جهة، وبين كل منهما وحلفائها من جهة أخرى من أجل تثبيت وقف إطلاق النار ومواصلة الجهود للانتقال إلى بنود أخرى.
اليوم، وقبيل بدء جولة المفاوضات الجديدة في جنيف، شرعت وسائل الإعلام مجددا بالحديث عن الخطة (ب) البديلة، وكأن الخطة لا تناقش فقط في دهاليز البنتاجون والس آي إيه، بل بين موسكو وواشنطن أيضا. هذا الكلام يدور الآن في الوقت الذي وصل فيه وفد المعارضة السورية إلى جنيف، وسيتبعه وفد الحكومة يوم الجمعة. فما هو الهدف من إبراز الحديث عن خطة أمنية – عسكرية أمريكية بديلة الآن؟
هذه الاستفزازات الإعلامية استدعت مجددا رفض الكرملين لا للخطة المزعومة، بل رفض التعليق على تلك الأنباء، مع التأكيد بتمسك موسكو بخطتها الوحيدة المتعلقة بالمساهمة بشتى الوسائل في التسوية السياسية للأزمة السورية، وتوجيه الأمور نحو مجرى محاربة الإرهاب، ودعم السلطات السورية الشرعية في ذلك. وفقا للكرملين
ولم يقتصر الرفض على الكرملين، بل أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف بأن موسكو لا تعلم شيئا أصلا عن الخطة "ب" بخصوص الوضع في سوريا، ولم يناقش أحد مع روسيا أي خطة. ولكن ريابكوف قال من جهة أخرى "نحن نعمل على وقف الأعمال القتالية. وإذا وُجدت خطة (ب)، في شكل انتقال إلى عمل عسكري ممكن، فإن ذلك يثير قلقا وخيبة أمل كبيرين".
وإذا تعاملنا بجدية مع ما يحدث، سواء بشأن المفاوضات الجارية، أو توازنات القوى على الأرض في سوريا، أو الخلافات والتناقضات في معسكر التحالف الأمريكي بشأن مستقبل الأسد ومحاربة الإرهاب.. إذا تعاملنا بجدية، فمن السذاجة أن نتصور أن واشنطن لا تملك خططا بديلة، وسيناريوهات متحركة تحسبا لأي إخفاقاقات أو ظهور متغيرات جديدة. ومن السذاجة أيضا أن نتصور أن موسكو لا تملك سيناريوهات وخطط وأوراق إضافية وبديلة في حال تغير الظروف أو ظهور عوامل جديدة. ولكن الأمر يدور حول شئ آخر تماما، ألا وهو ضرورة استنفاد الوسائل السياسية، والعمل على إيجاد بدائل سياسية أخرى تفاديا لتدمير الدول والمجتمعات والقضاء على مستقبل أجيال من المهاجرين والمشردين والنازحين.
إن ظهور الحديث مجددا عن الخطة الأمريكية (ب)، يمثل شكلا من أشكال الابتزاز السياسي والعسكري من جهة، والضغط على المتفاوضين لاتخاذ مسارات وتوجهات معينة، وإلا ستفشل المفاوضات وتنهار الهدنة!
أشرف الصباغ
https://telegram.me/buratha