التقارير

لماذا باتت آجال الحروب طويلة؟

2141 06:52:44 2016-03-31

Reuters مقاتل كردي عراقي في بلدة الزمر شمال البلاد  

ما الذي يطيل من عمر الحروب في الشرق الأوسط، ويجعل نيران العنف تمتد في عدة بلدان ولا تنطفئ، حتى بعد أن تحولت الأرض إلى رماد أو تكاد؟

ماذا فعلوا بليبيا؟ هل سيختفي "داعش" من الوجود؟

 على الرغم من تباين الأوضاع الكارثية في دول المنطقة المنكوبة، إلا أنه يمكن ملاحظة أن أكثرها تضررا هي العراق وليبيا واليمن وسوريا، إضافة إلى الصومال الذي دخل إلى مستنقع العنف مبكرا في عام 1991.

 واللافت أن مرحلة الانتفاضات السريعة والاضطرابات العابرة انتهت في المنطقة بحلول عام 2011، مع بواكير ما يعرف بالربيع العربي الذي حوّل عدة بلدان إلى جحيم، وجعلها مسرحا لاستفحال خطر تنظيم "داعش"، وللحرب الدولية الموازية التي تشن ضده منذ أكثر من عام ونصف في العراق وسوريا من دون نتائج حاسمة حتى الآن، فأين العطب؟

بنظرة فاحصة إلى الأوضاع الراهنة في أكثر الدول اشتعالا، يمكن استنتاج أن تدمير مؤسسات الدولة مع أنظمتها القديمة أو الإضرار الفادح بها، ينزع صمامات الأمان ويفتح الأبواب أمام جميع الشرور. حدث ذلك في العراق عام 2003 بعد الإطاحة بصدام حسين، وفي ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي، وفي اليمن منذ الانتفاضة ضد علي عبد الله صالح، وتشظي السلطة المركزية لاحقا في عملية عنيفة طويلة.

بلدة دوما في ضواحي دمشق Reuters بلدة دوما في ضواحي دمشق

أما سوريا فقد دخلت منذ عام 2011 هي الأخرى في صراع دموي عنيف، ألحق دمارا هائلا بمدنها، وقطّع أوصالها، وأقام بداخلها ما يشبه الكيانات المتناحرة المتنقلة، بخاصة قبل أن ترسل روسيا وحدات من قواتها الجوية إلى هناك، ما منح سلطات دمشق فرصة ثمينة لاستعادة قدرا لا بأس به من نفوذها، ورجح كفتها في عدة جبهات ضد الفصائل المعارضة والمتطرفة.

يتبين من ذلك أن سر عدم انطفاء جذوة العنف في العراق وفي ليبيا وفي سوريا، يكمن ببساطة في أن هذه الدول تُركت عارية أو شبه عارية أمام مختلف الشرور، وذلك بتدمير مؤسساتها العسكرية والأمنية والسياسية، أو الإضرار الفادح بها، وما يؤكد ذلك أن الدول التي لم تُمس مؤسساتها العسكرية والأمنية والسياسية خرجت من هذا "الربيع" العنيف بأقل قدر من الخسائر، كما في مصر وتونس.

وبما أن هذه الدول بعد تدمير أنظمتها القديمة لم تنجح في إقامة مؤسسات جديدة، تحقق أقل قدر من الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي، تتواصل دوامة العنف الطائفي والقبلي، والفوضى والانهيار الاقتصادي والإفلاس المالي وانتشار الجريمة والفساد، ناهيك عن خطر التنظيمات المتطرفة التي تتيح لها هذه الأوضاع الفوضوية والمتفجرة أرضية خصبة للانتشار والتمدد.

ويمكن القول إن تواصل الحرب ضد "داعش" في العراق وسوريا وبمشاركة أطراف دولية لفترة طويلة، قياسا بالمدة التي استغرقها غزو الولايات المتحدة للعراق واحتلال بغداد، أو عمليات الناتو الجوية في ليبيا حتى سقوط طرابلس، يُظهر هو الآخر مدى فداحة التدمير الذي تعرضت له المؤسسات الحكومية والأنسجة الاجتماعية والتوازنات الداخلية التقليدية، ما أسهم في إدامة العنف الداخلي بما في ذلك الذي يمارسه تنظيم "داعش" على الرغم من الحرب الدولية الجوية ضد مواقعه.

لقد دمر الغرب بتدخله العسكري أسوار بعض الدول العربية، واقتلع أسس استقرارها، ثم غادرها وهي خاوية على عروشها وقد انهارت مقوماتها وانحدرت إلى درك عميق من الفشل والضياع واليأس، وحين برز خطر "داعش" وتمدد حتى أصبح بمقدور مخالبه الوصول إلى باريس أو بروكسل، عاد الغرب للتدخل العسكري من جديد لمعالجة مضاعفات تدخلاته الكارثية السابقة.

وفي المحصلة، لا يهب الغرب الآن نادما نائحا ملتاعا لمساعدة دول المنطقة على استعادة استقرارها وتقوية سلطاتها، وإزالة آثار "عملياته الجراحية الفاشلة"، هو يأتي كما يفعل دائما بوجه صفيق وأعصاب باردة كي يعمل بهدوء وروية على إبعاد الخطر عن مناطقه بمحاصرة النيران في الشرق الأوسط وذلك بضبط إيقاع العنف ومحاولة ترويضه.

وهناك، في تلك البلدان التي تعاني من عنف مزمن، سيظل "الجحيم" مستعرا ما غاب النظام والقانون والتعايش والعدالة والمنطق. أما الديمقراطية؟ فحدث ولا حرج!

محمد الطاهر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك