قيس المهندس
الرجل العجوز هنري كسنجر الذي يلقب بثعلب السياسة الأميركية، والذي تسنم منصب مستشار الأمن الأميركي ووزير الخارجية في عهد نيكسون، في عام 2012 أطلق كيسنجر مقولته الشهيرة: طبول الحرب العالمية بين الغرب والشرق تدق والأصم هو من لا يسمعها! وشخص كمثل كسنجر لا يمكن التغاضي عن تصريحاته بأي حال من الأحوال.
أما البابا فرنسيس فقد صرح في حوار أجراه مع محطة تلفزيون الأساقفة الكاثوليك بإيطاليا إذ قال: إن ما يجري في العالم من أحداث، هي حرب عالمية ثالثة تدريجية. وحديث البابا هو الاخر لا ينبغي غض البصر عنه.
ما يجري في العالم اليوم من أحداث، يصدّق مقولتا كسنجر والبابا فرنسيس، كون تلك الصراعات تقحمتها وبصورة مباشرة الدول العظمى؛ روسيا والولايات المتحدة، والحديث عن صراعات بين الدول العظمى انما هو حديث الديباجة للحرب العالمية، مهما طال امد الصراع بصورته غير المسلحة، إذ أنه لا رأب للصدع الذي يشق طريقه بين تلك الدول، والعودة الى حالة الاستقرار أصبحت في خبر كان!
جميع أدوات ومقدمات الحرب العالمية باتت متوفرة؛ قطبان عالميان متنافسان حول التسيد على العالم، ودول حليفة تتصارع بالوكالة، والتوازن الثنائي البسيط الذي يمثل طرفاه الولايات المتحدة وروسيا بعد أن يقظت من هجعتها، يعد أخطر أنواع التوازنات في ميدان فرض القوى وتحقيق المصالح! نقاط ضعف عديدة تشوبها التحالفات، والمتمثلة بدول ذات قيادات غير مرنة وغير فاعلة، كإسرائيل وتركيا والسعودية وكوريا الشمالية وقطر وغيرها، ما يجعل الظروف الموضوعية للحرب العالمية مواتية.
أما الرجل الثالث الذي تنبأ بالحرب العالمية، هو السياسي العراقي الشيخ جلال الدين الصغير، وهو رجل دين وباحث متخصص بالشؤون العقائدية، ولديه اهتمام واسع بقضية الامام المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، وفق معتقدات بعض الطوائف الإسلامية، وقد ألف جلال الدين الصغير عدة كتب في قضية الامام المهدي، والتي تتحدث في أبواب منها عن ملاحم وفتن وحروب آخر الزمان.
تحدث الشيخ الصغير في عام 2006 عن حصول حرب عالمية سابقة لظهور المهدي، أسماها بالحرب العالمية الثالثة، وتسميته لها بالثالثة ايمانا منه بقرب خروج ذلك المهدي الموعود! ولم تكن تلك الوحيدة، بل تنبأ الشيخ الصغير بأحداث عديدة بعضها حصل بالفعل وبعضها لم يحصل بعد!
تنبأ الشيخ الصغير بأحداث الربيع العربي وأحداث سوريا، وتنبأ ببقاء الحكم العلوي في الشام، سيما حكم بشار الأسد؛ الى ما بعد الحرب العالمية، بل وبقاء الحكم العلوي ما بعد بشار الى ظهور المهدي الموعود، كما وتنبأ بحدث انفصال أكراد سوريا عن المركز، وحدوث زلزال مدمر في دمشق، كما وتنبأ بضربة إسرائيلية لدمشق، والتي حدثت بالفعل في شهر مايو عام 2013.
ومن تنبوءات الشيخ الصغير انفصال مناطق غرب وشمال غرب العراق سياسياً وامنياً عن حكومة بغداد، ونبوءات كثيرة لا يسع المجال لذكرها وقد حوتها كتبه، وآخر ما تنبأ به هو بقاء العملية السياسية في العراق، حتى سقوط بغداد باحتلال سوري من بعد الحرب العالمية، ويقود سوريا آنذاك حكومة علمانية حليفة للشيعة، تدعو النصوص التأريخية رئيس الحكومة السورية آنذاك "السفياني".
مؤلفات الشيخ الصغير التي تحدث فيها عن نبؤاته، منها كتاب بعنوان اليماني الموعود أهدى الرايات، والذي طبع عام 2008، إذ لم يكن شيء من هذه الاحداث قد حصل بعد، كما وتحدث في محاضرات له وفي خطب الجمعة عن تلك النبوءات، وله كتاب اسمه علامات الظهور طبع مطلع عام 2012، يعد هذا الكتاب فريداً من نوعه، لما حواه من تحليلات لروايات علامات الظهور، من النواحي السياسية والامنية للأحداث بأسلوب تجديدي، خرج فيه عن نطاق الطرق التقليدية في البحث، ولعل تلك التحليلات لم تُطرق بهذه الصورة من قبل!
ما يميز نبؤات الشيخ الصغير، انها لم تكن آراء مجردة كرأي البابا فرنسيس في الحرب العالمية، ولا تحليل سياسي بحت كما لدى كيسنجر، وانما كانت نبوءات مستلة من نصوص مروية في مصادر إسلامية تأريخية متنوعة!
ولعل ما يميز نبوءات الشيخ الصغير، كونه رجل مسلم، وكون تنبؤه حول الحرب العالمية جاء بتفاصيل كثيرة، حيث تحدث عن موت ثلثا سكان الكرة الأرضية أو سبعة أعشار الناس، حيث يقتل ثلث الناس، ويموت ثلث آخر على أثر الحرب، ويبقى ثلث بعيد ان اتونها، وهم سكان الشرق الأوسط! والتوقع الأخير خالف كل توقعات المحللين العالميين، إذ أنهم أجمعوا على أن يكون الشرق الأوسط ميداناً للحرب العالمية!
الكتل السكانية الكبيرة ستكون حطباً جزلاً للحرب، وقرابة مليارين ونصف من سكان الأرض ستلتهمهم الحروب، التي سيستخدم بها اشد الأسلحة فتكاً التقليدية منها وغير التقليدية، وإن الثلث الثاني سيموت بفعل مخلفات الحروب، من مواد مشعة، وتلوث للبيئة، وانتشار الامراض والأوبئة، ونقص الغذاء والدواء .. الخ
كتقرير لنبوءات أولئك الرجال الثلاثة، الذين سبقوا مفكري العالم وسياسييه، بالتنبيه من حدوث حرب عالمية سوف تطيح بالحضارة الغربية؛ ففي خضم ما يجري من صراعات في العالم سيما في سوريا، بين روسيا والولايات المتحدة، أصبح ليس عسيراً توقع نشوب الحرب العالمية، بل أن دولاً متجاورة كالكوريتين، والهند وباكستان، وأذربيجان وأرمينيا، وغيرها .. من اليسير بمكان نشوب الحرب فيما بينهم، سيما إذا ما اندلعت الحروب بين روسيا وأوكرانيا وأوربا، ودخول أمريكا في أتونها، ناهيك عن الصراع بين دول بحر الصين!
https://telegram.me/buratha