كشفت مصادر مطلعة في الحكومة المصرية عن تعديل وزاري محتمل عقب إلقاء الحكومة بيانها أمام مجلس النواب، والذي انتهت من إعداده، وتنتظر تشكيل البرلمان للجانه النوعية.
الحكومة المصرية واجهت خلال الأيام الماضية انتقادات عدة، وصلت إلى حد الحديث عن إقالتها، خاصة أنها لم تُلق بيانها حتى الآن أمام البرلمان، ولم يجدد الرئيس الثقة بحكومته أمام مجلس النواب، حيث تواجه تحديات كبيرة في مختلف المجالات، وبخاصة في الملف الاقتصادي، حيث أثرت أزمة الدولار، الذي واصل ارتفاعه في السوق غير الرسمية، فيما تفاقمت إشكالية كبرى ترتبط بالتجاوزات الفردية لعناصر جهاز الشرطة، وانعكاساتها الخطيرة على العلاقة بين المواطنين والدولة.
وقد وصلت التحديات، التي تواجهها الحكومة الحالية، إلى حد انتشار شائعات كثيرة حول أمرين، أولهما حدوث مشادة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة شريف إسماعيل، ولذلك لغضب الرئيس من الحكومة لتقصيرها في اتخاذ إجراءات جدية في بعض الملفات، ولا سيما أزمة أمناء الشرطة، وأزمة الدولار؛ وهو الأمر، الذي انعكس في إلقاء وزير الاستثمار البيان الختامي في منتدى أفريقيا الأول بدلا من رئيس الحكومة، بحسب ما كان منصوصا عليه في جدول أعمال المنتدى من قبل.
والشائعة الثانية ترتبط بالحديث عن إقالة الحكومة بسبب الأزمات تلك؛ وهو الأمر الذي نفته مصادر حكومية في حينه، لكنها اضطرت اليوم إلى تسريب تصريح جديد جاء فيه أن الحكومة جاهزة لعرض برنامجها في أي وقت بمجرد إعلان مجلس النواب الانتهاء من تشكيل لجانه، ومطالبته الحكومة بعرض برنامجها.
وحول التعديل الوزاري، وما تردد عن إقالة الحكومة، أشارت المصادر إلى أن هناك استياء من قبل المواطن البسيط حول أداء الحكومة في الشارع، وأن هناك تقارير ترفع بشكل دوري لرئيس الجمهورية حول أداء أعضاء الحكومة. وأكدت هذه المصادر أن التعديل قد يطال أكثر من 11 وزيرا في حال تجديد البرلمان الثقة بالحكومة الحالية.
وقد اجتمع رئيس الوزراء اليوم (22 02 2016) بوزير الداخلية لمناقشة الأوضاع الأمنية.
وأعلن شريف إسماعيل عن مجموعة من الإجراءات سيتم اتخاذها، منها توجيهات بإدخال التشريعات اللازمة؛ وكذلك إعداد تعديلات تشريعية بعد أسبوعين. ونفى، خلال مؤتمر صحافي مشترك اليوم مع وزير الداخلية، أي تستر على أي تجاوزات ضد المواطنين أو تهاون فيها؛ داعيا إلى عدم محاسبة جهاز كامل على تصرف بعض من أفراده.
ولعل تغيير الحكومة الحالية سيثير الكثير من الجدل السياسي والبرلماني والدستوري، فهي أول حكومة مصرية تواجه ذلك الجدل منذ العهد الملكي.
وإزاء ذلك، يؤكد المستشار مجدي العجاتي وزير الدولة لشؤون مجلس النواب أن رئيس الحكومة سيكون مسؤولا عن عرض البرنامج في حال الإبقاء على حكومته من قبل رئيس الجمهورية. أما في حال عدم التجديد للحكومة الحالية، فسيتم تطبيق المادة الـ146 من الدستور، والتي تنص على اختيار رئيس الجمهورية رئيسا للوزراء من حزب أو ائتلاف الغالبية في مجلس النواب، ويعرض رئيس الوزراء الجديد تشكيل حكومته على مجلس النواب؛ فإذا حازت الثقة يقوم بعد ذلك، بعرض برنامج الحكومة انتظارا للتصديق عليه من المجلس أيضا.
أما الفقيه الدستوري الدكتور صبري السنوسي، فقال إن الدستور الحالي لم يتضمن نصًا يفرض على الحكومة الحالية تقديم استقالتها عند تشكيل برلمان جديد، وبالتالي فإن عمر الحكومة لا ينتهي بانتخاب البرلمان الجديد.
وأشار السنوسي إلى أن رئيس الجمهورية ملزم، وفقًا لنص المادة 146 من الدستور، بأن يكلف شريف إسماعيل أو شخصًا آخر يختاره لتشكيل حكومة جديدة. وفي كلتا الحالتين يجب أن يقوم رئيس الحكومة، سواء الذي استمر أو الجديد، بعرض برنامجه على مجلس النواب. فإذا حصل على الثقة استمر؛ أما إذا لم يحصل عليها، فينتقل اختيار رئيس الوزراء من الرئيس إلى الحزب أو الائتلاف الحائز أكثريةَ مقاعد مجلس النواب، ليرشح رئيسًا للحكومة يكلفه رئيس الجمهورية بذلك؛ فإذا لم تحصل هذه الحكومة الثانية على ثقة غالبية أعضاء مجلس النواب خلال 30 يومًا، يصبح المجلس منحلًا، ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال 60 يومًا من قرار الحل.
ولفت السنوسي إلى أن إعلان إسماعيل عن عرض الحكومة برنامجها على البرلمان، يعني أن السيسي وافق مبدئيًا على استمرار الحكومة الحالية، وتكليفه بتشكيل الحكومة بعد موافقة البرلمان.
فيما يرى يسري العزباوي، الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك تقصيرا لا يمكن إنكاره في أداء الحكومة خلال الفترة الماضية، وخاصةً في التعامل مع الأزمات، التي مرت بها البلاد في الفترة الأخيرة، والذي بدا واضحاً في الخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين، ما أثار غضب الشارع، لأن هذه المرحلة تتطلب المزيد من الجهود والتعامل السريع مع الأزمات، التي تواجهها البلاد، خاصةً بعد تأثر قطاع السياحة سلباً.
وأشار العزباوي إلى أن حكومة شريف إسماعيل، ورغم إخفاقاتها، فإنها نجحت في إدارة الانتخابات البرلمانية، متوقعًا بقاء هذه الحكومة في عملها، لأن الرئيس يساندها. كما أن غالبية التحالفات لم تحصل على غالبية في البرلمان تمكنها من تشكيل الوزارة؛ غير أنه من الضروري – برأي العزباوي - إجراء تعديل عليها يقوم الأخطاء ويستجلب رضا الشارع.
حكومة شريف إسماعيل أصبحت رهن بيانها أمام الحكومة، والذي يتوقع إلقاؤه خلال أيام. وبات من المؤكد إجراء تعديل عليها يرضي الشارع ويواجه حالة الغضب من غياب الاستراتيجية الواضحة للحكومة، التي باتت تواجه حسيبا لها ورقيبا عليها متمثلا في البرلمان، الذي غاب عن مصر خمس سنوات.
إيهاب نافع
https://telegram.me/buratha