زيدون النبهاني
لسنا بعيدين عن حربٍ عالمية ثالثة، بأستطاعتها أن تُغير التأريخ مع الجغرافيا، فما يَحصل الآن يشبه إلى حدٍ ما؛ أسباب نشوب الأولى والثانية.
أغتيال "الأرشيدوق فرانز فرديناد" ولي عهد النمسا، في زيارته لسراييفو عام ١٩١٤، وما تلاها مِن إعلان الأمبراطورية النمساوية المجرية الحرب على صِربيا، كان كافياً لأشعال الحرب العالمية الأولى، هذا أن أبعدنا غاية التوسع الأستعماري؛ للدول التي أشعلت فتيل الحرب.
مؤتمر باريس عام ١٩١٩ لَم يُنصف أصل مسماه، لتأتي معاهدة "فرساي" ببنود تسوية بعيدة عن السلام، وهذا السلام المنقوص الذي أُعتبر إهانة لألمانيا، وتجاهل لأطماع أيطاليا التوسعية، أدى بعد أذ إلى صراعٍ أخر، تَمثل بنشوب الحرب العالمية الثانية في عام ١٩٣٩.
الأعوام السبعون التي مرت؛ مُنذُ نهاية الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥، وإن تخللها العديد مِن التصعيدات السياسية بين الدول الكُبرى، إلا أنها لَم تصل إلى ما وصلت إليه الآن، فاليوم نَعيشُ أجواءً مضطربة، تتمثل بأبعادها الستراتيجية للدول الكُبرى، وإن كانت في حقيقة الأمر؛ تعود للتأريخ القديم، أبان الحربين الأولى والثانية.
السلام المُنادى فيه في "فرساي"، إلى الآن لم يولد، والسبب هو البُعد التوسعي بمفهومه الحديث المتمثل؛ بالسيطرة على النِفط ومُستقبل شعوب المِنطقة.
الأزمة السورية والتي بدأت قبل ما يُقارب؛ الخمس سنوات، وما تتمتع به سوريا مِن خصوصية؛ عَقدت صفو الركود العسكري العالمي، فَبعد سنوات مِن الحرب الباردة وسِباقات التسليح، أخطأ الغرب بِحاسباته مرةً أخرى، قَد يُذكرنا بِحرب فيتنام، أو نَعيشه اليوم بغزو اليمن.
دُخول روسيا الحَرب؛ سبقه دعم أمريكي صهيوني خليجي للفصائل التكفيرية، أستمر على مدار الأربع سنوات الماضية، ومع أنهم جميعاً لم يُسقطوا نظام الأسد، إلا أنهم نَجحوا ببناء أرهاب عالمي، عابِر للقارات، وإن بدأ يَنحسر في سوريا والعراق!
روسيا ضَربت بقوة، عَبرت الأرهاب لداعميه، أوجعت ضرباتها تُركيا المنتعشة أقتصادياً بفعل داعش، وقلصت أحلام الخليج والغرب الداعم، مما جعلهم يتصرفون بحماقة مرةً أُخرى، فما تفجير الطائرة الروسية إلا حماقة الناتو تصدت لها تُركيا.
الحَرب العالمية الثالثة بدأت؛ فغباء تركيا أوقع كُل أوربا بعاقبة الأمر؛ فروسيا لم تكتفِ بخسارة تُركيا ما يقارب ٦٪ من دخلها؛ الناتج من التجارة والسياحة، وأنما قطعت تصدير الغاز الذي قد يسبب بموت العديد من سكان أوربا من البرد، وهنا؛ قد تجد اوربا نفسها ملزمة بأدانة تركيا والتعامل دبلوماسياً مع روسيا؛ وهي خطوة ثانية لعزل تركيا عن محيطها.
ما يحدث الآن ينذر بالخطر؛ قد لا يكون المغزى هو الثأر للطائرة، بِقدر ما يكون تأديب لداعمي الإرهاب، وقد تشهد سماءنا في القريب العاجل؛ صواريخ نووية روسية تستهدف تُركيا، فيما يكتفي الناتو بالمشاهدة، وتتأدب السعودية وقطر، خشية صراع نووي عالمي.
https://telegram.me/buratha