زيدون النبهاني
لماذا تَدعي السعودية مُحاربة داعش! هَل يُعقل أن تُحارب الأم وليدها!
لا فرق يُذكر بين النظام الديني الذي تستند عليه السعودية، والنظام الذي تتبناه التنظيمات المتشددة، تنظيم القاعدة وداعش والنصرة كُلهم في الأصل، خريجوا مدرسة ابن تيمية ومحمد عبد الوهاب، هذا الفكر الذي تبناه وقام عليه نظام آل سعود، وأتخذه منطلقاً لتثبيت دعائم نظامه، في واحدة مِن أكبر صفقات التجارة بالدين.
عبد العزيز آل سعود، مؤسس النظام الحالي، وَجد في فتاوى المتشددين، مايعطيه مساحات للتدخل في شؤون البلاد، وبدعم كبير من الحكومة البريطانية، أستطاع أن يرسخ نظامه المتهاوي اصلاً، فكفر البعض وأخرج أضداده من الملّة، وأستخدم الدين أداة لضرب الرافضين لحكمه، فيما شجع الأنكليز ولادة هذا التحالف، الدين والمال، ودعموا بناء دولة بهذا المنطق، خصوصاً وأنها لا ثوابت لها.
الفتوى في هذا النظام مُتحركة، تلقين المُفتي بما يشتهيه الملك، وبثه في كُتبٍ وصحفٍ وفضائيات، بالأمس كانت الفتاوى تُكفر أنظمة مُسلمة لقربها مِن الغرب الكافر، فيما يُتيح "ابن باز" الأستعانة بالكفار لضرب العراق، في حرب الخليج الثانية!
لكن، مشكلة النظام السعودي مع الجماعات التكفيرية، لم تبدأ تلك اللحظة كما يَدعي البعض، بل أنها قائمة منذ أساس تشكيل تلك الجماعات، فآل سعود ولتثبيت الأمر لولي الأمر، زجوا بالفكر المنحرف في مدارسهم وجامعاتهم، وأعطوا لنظريات عبد الوهاب خصوصية كبرى، في الوقت الذي تجد فيه كُل قادة المتشددين، اما درسوا أو درّسوا في هذه المدارس والجامعات، مثلاً أسامة بن لادن وعبد الله عزام، وكل من تصدى للأفتاء المنحرف.
نهاية سبعينيات القرن الماضي، برز مصطلح الجهاديين العرب في افغانستان، بدعم وتمويل سعودي وقيادة ميدانية لأبن لادن، والحجة المعلنة مؤكد أنها ستكون نصرة المسلمين، لكن؛ في الواقع هي خدمة مصالح الغرب وتذويب قلقهم من المد السوفيتي، وهذا ما أكده "روبرت غيتس" الرئيس السابق للمخابرات الامريكية، حيث كتب في مذكراته "من الظلال" مانصه؛ "إن المخابرات الأمريكية بدأت بدعم حركات المعارضة في أفغانستان، قبل ستة أشهر من التدخل السوفيتي"! وهذا يبرر أعتراف آخر للمخابرات الأمريكية بدعم المقاتلين العرب، ب ٣٠٠ مليون دولار، وفتح مراكز التطوع في امريكا واهمها في مسجد الفاروق في ولاية "بروكلين".
بأختصار؛ نفس التحالف القديم بين المال والفتوى المنحرفة والانكليز، لأستحداث نظام عميل في المنطقة، عاد ليتحالف مع امريكا للتخلص من السوفيت، وهو التحالف ذاته الذي نشهده اليوم في اسماء جديدة، مثل داعش والنصرة وجيش الشام وغيرهم، والغايات تتحرك كالفتوى، فالغاية الأسمى اليوم، هي القضاء على التجربة الديمقراطية الحديثة في العراق، وإسقاط الرئيس الشرعي في سوريا.
تَدعي السعودية مُحاربتها للأرهاب، غير إن الواقع يثبت أنهم هم من صنعه، ففتواى الجهاد المنحرف، وأسلوب العقاب والقتل والتنكيل، كلها من فكر رعاه آل سعود، ما مثل سابقة خطيرة في المنطقة، والكلام الدائر عن الخلاف بين الجماعات التكفيرية والعائلة المالكة، ماهو إلا أطروحة مميزة من الاعلام الغربي، يحقق منها غايتين: الأولى، هي تخليص السعودية من المسائلة الدولية، والثانية، هي ملاحقة هذا التنظيم المطرود في البلدان الأمنة، وإلاّ؛ ماذا نفهم مِن تجريد اسامة بن لادن من جنسيته السعودية، بعد أكثر من عشرِ سنوات على أنتظامه بالحركات التكفيرية!
غداً أو بعد غدٍ القريب، سيذوق آل سعود جرم ما أرتكبوه، وكل هذه التنظيمات التي أوجدوها، سترتد عليها كِلاب جائعة ومتعطشة للقتل والمال.