درجات الحرارة المرتفعة التي فاقت في كثير من الأيام الـ"50" مئوية، منذ بداية شهر يوليو/ تموز الجاري، نجحت في إشغال العراقيين عن متابعة أخبار التفجيرات، وتداعيات الحرب مع تنظيم "الدولة" التي تحصد أرواحهم يومياً، وفي ظل انقطاع الكهرباء لحدود الـ20 ساعة يومياً، بات الجحيم مفردة يومية يتعامل معها العراقي، بلغت درجة تحويل البعض هذا الموضوع إلى مناسبة للتندر والضحك بسخرية من الواقع المزري الذي يعيشونه، حيث انتشر مقطع مصور على يوتيوب لعراقي يقوم بقلي بيضة مستخدماً حرارة الشمس، وآخر قال متندراً على الفيسبوك: "الذين يعبدون الشمس لو أتوا إلى العراق أنا متأكد أنهم سيكفرون بربهم".
- الوزير العبقري
وسط الأزمة الخانقة للكهرباء، التي عرفت بكونها من بين كبرى المشكلات التي يواجهها العراقيون، ظهر وزير الكهرباء، قاسم الفهداوي، في لقاء متلفز على قناة عراقية، الأسبوع الفائت، ملخصاً الأسباب التي تقف عائقاً أمام إمدادات الكهرباء، مبرراً انقطاعها لساعات طويلة في اليوم، حيث أشار في تعليله إلى أن وزارته طلبت من مكتب إحصاءات متخصص إجراء مسح لمعرفة استهلاك العراقيين للكهرباء، فتبين أن "12% من سكان بغداد لم يطفئوا الكيزر (السخان الكهربائي) حتى الآن".
نجم الربيعي، الإعلامي المعروف الذي أجرى اللقاء مع وزير الكهرباء، قاطعه؛ لغرابة الجواب، قائلاً إنه من المحتمل أن "المعلومات لم تنقل لك بصورة صحيحة"، لكن الوزير الفهداوي رفض التشكيك في مصداقية المعلومة تلك، مؤكداً "دفعنا للمكتب (المختص بالإحصاء) المال مقابل هذا الإحصاء، وهناك عدة إحصاءات نعمل على تحقيقها لكي نستطيع أن نتخذ قراراتنا بصورة صحيحة".
وباستغراب ثانٍ يسأل الربيعي الوزيرَ باللهجة العامية العراقية: "العراقي مشتوي (مشويٌ بسبب درجة الحرارة المرتفعة) فما النفع من (الكيزر)؟"، وبقناعة الواثق من معلوماته يجيب الوزير "أن المواطن قد يكون نسي إطفاءه أو غير مبالٍ بالأمر".
الربيعي أعاد ذكر النسبة المئوية للوزير، على سبيل التأكيد، فأعاد الأخير ذكر النسبة بثقة مطلقة "12% من سكان بغداد كيزراتهم تعمل الآن".
- غضب ساخر
تعليل وزير الكهرباء أثار موجة غضب ساخرة عند العراقيين، الذين وجدوا في كلام وزيرهم تغريداً خارج السرب، بحسب مواطنين تحدثوا مع "الخليج أونلاين" مستغربين كيف يُصدق الوزير هذا الكلام، ثم يبادر لطرحه على الرأي العام أمام الملايين عبر الشاشة!
المواطنون أوضحوا أن (الكيزر) حين يعمل في حال وجود الكهرباء فمهمته تسخين الماء، وعند استخدامه سيكتشف المواطن أنه يستعمل ماءً ساخناً فيبادر منطقياً إلى إيقاف استخدامه، مستغربين من فكرة استخدام الناس الماء الساخن في أيام الصيف اللاهب، في حين أنهم يبحثون عن ماء بارد ينعشون به أجسامهم من حرارة الجو المرتفعة!
التعليل الذي أطلقه الوزير الفهداوي لم يتركه العراقيون يمر مرور الكرام دون استغلاله في تعليقات ساخرة، بعد أن صار مادة دسمة لمواضيعهم في مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" خاصة؛ لكونه الأكثر انتشاراً واستعمالاً بين العراقيين.
العراقيون أضافوا لقب "كيزر" إلى وزير الكهرباء، وبينما راح البعض يكثر من الطعن في بشخص الوزير، أعرب آخرون عن استيائهم لما يرون أنه حال مخجل وصل إليه العراق؛ بأن تصل تصريحات المسؤولين فيه إلى حد يقولون أن لاعقل يصدقها.
وبذلك رفع وزير الكهرباء العراقي درجة غليان الرفض الشعبي له، حيث تخرج الجماهير في عدد من المدن العراقية مطالبة بإقالته؛ على خلفية المعاناة التي يشكون منها؛ بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، تصل في اليوم الواحد إلى 20 ساعة، في الوقت الذي يُعرف صيف العراق بارتفاع درجة الحرارة، خاصة في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب.
https://telegram.me/buratha