علي عوباني
وجه آخر من وجوه العلاقات الخليجية البينية تظهره وثائق "ويكيليكس"، دول مجلس التعاون الخليجي ليست قلباً وقالباً واحداً كما تبدو، "مملكة القهر" تتفرد بقرارها، وتحارب من يخرج عن طوعها، وكل مشاغب لا ينقاد لسياستها، او يخرج عما تسميه "الاجماع الخليجي" حتى لو اضطرها ذلك خوض حرب اسخباراتية شرسة مع الابن الضال في اصقاع المعمورة.
خشية واضحة تظهرها الوثائق المسربة من تعاظم دور "جزيرة قطر" ومن اعلامها، ومن دعمها للاخوان المسلمين، وحتى من استثماراتها البترولية، خشية تدفعها لتحري المعلومات عن كل نشاط قطري ولو في اوكرانيا، وتدفعها إلى التحسس من كل من يتصل بمسؤولين قطريين او يزور الدوحة، وهو ما تشير اليه بوضوح احدى الوثائق التي تتحدث عن الصحفي اللبناني بسام العفيفي صاحب مجلة "الهديل"، والذي تشتبه به سفارة آل سعود في بيروت بجمع معلومات عن النشاط السعودي في لبنان لصالح دولة قطر كونه يتردد على الدوحة باستمرار وله ارتباط وثيق بالمخابرات القطرية، حيث تقترح عدم دعوته مجدداً الى مهرجان الجنادرية، كونه يمكنه من التقرب من المسؤولين السعوديين.
ولا تخفي السعودية قلقها الدائم من قناة "الجزيرة" القطرية، وهو ما يظهر جلياً باكثر من وثيقة "ويكليكس" مسربة، توضح نظرة آل سعود لتلك القناة على أنها "تتماشى مع سياسة أمير قطر والتي هدف منها الى جعل قطر لاعب في القضايا الاقليمية والدولية من خلال اتخاذ مواقف منفردة تجاه بعض القضايا والخروج عن الاجماع الخليجي وأحياناً العربي، كما أنها سعت لتسويق دولة قطر كدولة راعية للسلام وصاحبة مبادرة بالقيام بالكثير من الوساطات التي فشل معظمها وكان آخر فشل من خلال وساطتها في دارفور".
وثيقة عن الجزيرة
"ويكيليكس" تكشف المستور بين قطر وآل سعود
وانطلاقاً من هذا الفهم السعودي للقناة القطرية تتحرى المملكة كل ما يكتب او يقال حولها في العالم العربي، وهو ما تظهره احدى الوثائق الصادرة عن السفارة السعودية في مصر، والتي تلاحق التقارير الصادرة حول قناة "الجزيرة" ومنها تقرير لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام في مصر بعنوان: "الاعلام وادارة التنوع ..حالة قناة الجزيرة الفضائية"، والذي يوضح كيف وظّفت قطر هذه المحطة التلفزيونية بشكل ناجح تحت ستار المهنية العالية لتخرج من كونها دولة صغيرة غير مؤثرة في قضايا المنطقة الى ابراز دورها كفاعل اقليمي في اطار التناقضات والمنافسات بين المحاور الاقليمية للاعتدال والممانعة".
ليست الجزيرة بحد ذاتها هي الشغل الشاغل لآل سعود، انما "النفوذ القطري" هو بيت القصيد، فهؤلاء لا يستسيغون ان تنازع جزيرة صغيرة دور "امبراطوريتهم الشماء"، حينها يمكن ان يصبح مبرراً ومفهوماً سر تحري الاستخبارات السعودية حول الخلاف بين باكستان وقطر بشأن "سعر الغاز المسال الذي تنوي باكستان استيراده من قطر". أو التحري عن الجميعات الممولة قطرياً حتى ولو في اوكرانيا، كما تظهر احدى الوثائق، بشأن جمعية "الصراط" والتي تخلص الى ان "المعلومات تفيد بان هذه الجمعية تتلقى اموالاً من دولة قطر (وزارة الاوقاف القطرية وبعض المؤسسات الخيرية في قطر) وان بعض هذه التحويلات تتم باسماء اشخاص وليس الجمعية نفسها ما يعد مخالفة لانظمة الجمعيات تثير الشبهات، كما ان هناك مشايخ من دولة قطر يحضرون لزيارة هذه الجمعية".
وثيقة عن الخلاف بين باكستان وقطر
وثيقة للتحري عن جميعة ممولة قطريا في اوكرانيا
ابعد من ذلك، تظهر الوثائق التنازع الخليجي الخفي حول تقاسم النفوذ في القرن الافريقي، والدول المحيطة به، والمساعي السعودية القطرية الحثيثة لاستقطاب رؤساء الدول المجاورة للحفاظ على مصالحهم واستثماراتهم، وهو ما يظهر جلياً في برقية مسربة صادرة عن الخارجية السعودية، تتحدث عن "تشكيل لجنة وزارية دائمة لشؤون القرن الافريقي تعنى بوضع استراتيجية سياسية واقتصادية وامنية واعلامية للمملكة تجاه تطوير العلاقات مع دول القرن الافريقي ومتابعة تنفيذها"، كما تشير البرقية الى ان "اللجنة تقوم بدراسة موقع جزيرة "دهلك" الاستراتيجي على البحر الاحمر" وتشدد على "ضرورة معرفة ما هي اهداف دولة قطر من استئجار هذه الجزيرة وان تقوم وزارات الداخلية والدفاع والخارجية ورئاسة الاستخبارات العامة بمتابعة الموضوع ورصد التطورات بين دولتي قطر واريتريا".
ولعل الساحتين المصرية والسورية، تبرزان نموذجاً واضحاً آخر عن طبيعة النزاع السعودي القطري، عقب بداية الازمة السورية من جهة، وثورة 25 يناير التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك، وقبيل استلام الاخوان المسلمين للسلطة في مصر من جهة اخرى.
وثيقة عن تقاسم النفوذ في القرن الافريقي
ففي سوريا، تظهر احدى الوثائق ملاحقة مملكة آل سعود زيارة رئيس ما يسمى "الائتلاف الوطني السوري" معاذ الخطيب الى الدوحة يوم الاحد 8-3-2013 والتي قابل خلالها ولي عهد قطر وكبار المسؤولين القطريين، لتفيد الوثيقة الصادرة عن سفارة المملكة في الدوحة والموجهة للخارجية السعوية بأن قطر حوّلت خلال هذه الزيارة مبلغ 20 مليون دولار للمعارضة السورية.
اما في مصر، فتنقل احدى الوثائق عن احد المسؤولين ما مفاده بأن "قطر لا زالت تقوم بأدوار سلبية داخل مصر وأن معلوماتهم تؤكد أنها سقوم بنفس الدور داخل المملكة وأنها جندت أشخاصاً سعوديين لهذا الأمر"، بينما تكشف وثائق أخرى ملاحقة المملكة لتحركات الاخوان المسلمين في مصر وعلاقتهم بقطر، وتظهر تحري المسؤولين السعوديين عن زيارة خيرت الشاطر في 12-4-2012 الى الدوحة ولقاءاته، حيث تورد الوثيقة ان الشاطر وعد المسؤولين القطريين وطمأنهم بأن السلطة في مصر اصبحت بيد الاخوان وان الاستثمارات القطرية التي ستضخ في مصر ستكون في امان وسيجري قوننتها عبر البرلمان. كما تشير الوثيقة الى ان الشاطر هدف من خلال لقائه القرضاوي وقيادات الاخوان في قطر ايجاد دعم له لاختياره رئيساً للجمهورية.
وثيقة عن دور قطر في مصر
وثيقة عن علاقة قطر بالاخوان
https://telegram.me/buratha