يعلّق صندوق النقد الدولي، أهمية على استحداث فرص العمل التي تولّد النمو، وهي من أهدافه الأولى، إذ أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الصندوق مسعود أحمد، أن أهداف الصندوق «لا تقتصر فقط على تأمين التمويل، بل وفي شكل أكثر تركيزاً على خلق فرص العمل أيضاً».
وتمحور عرض أحمد في مؤتمر صحافي عقده في واشنطن على هامش اجتماعات الربيع للصندوق والبنك الدولي، حول النمو في المنطقة وتداعيات تراجع أسعار النفط وارتفاع سعر الدولار. إذ لفت إلى أن الخسائر التي تكبّدتها الدول المصدرة للنفط نتيجة تراجع الإيرادات بفعل انخفاض الأسعار، «بلغت 280 بليون دولار، كما انعكس ذلك تسجيل عجز في موازنات بعض دول مجلس التعاون الخليجي».
وأعلن أحمد أن النمو في البلدان المصدرة للنفط، «سيسجّل 2.5 في المئة هذه السنة، وهو المعدل ذاته المحقَّق العام الماضي، ويقل عن الرقم الذي كنا نتوقعه قبل تراجع أسعار النفط». ولفت إلى «خفض توقعات النمو في المملكة العربية السعودية إلى 3 في المئة هذه السنة»، موضحاً أن رصيد المالية العامة في المملكة «سيتحوّل مع تراجع أسعار النفط إلى تسجيل عجز كبير خلال هذه السنة والعام المقبل». ورجّح أحمد أن «يصل النمو في إيران إلى 0.6 في المئة العام الحالي و1.3 في المئة عام 2016، وأن يسجل في العراق 1.3 في المئة، وأن يتباطأ في الجزائر إلى 2.6 في المئة».
وكان لانخفاض أسعار النفط الحاد، تأثير في البلدان المصدّرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، إذ أعلن أحمد أن هذه الدول «تكبّدت خسائر كبيرة في إيرادات الصادرات وإيرادات المالية العامة». ولم يستبعد أن «تتجنّب معظم البلدان المصدرة للنفط «التخفيضات الحادة في الإنفاق، من طريق السحب من احتياطاتها الوقائية الضخمة واستخدام التمويل المتاح».
وفي رأي أحمد، «يشكّل إنتاج النفط وأسعاره والصراعات المستمرة في المنطقة، أخطاراً كبيرة على الآفاق الاقتصادية»، ملاحظاً أن «الغموض لا يزال قائماً في سوق النفط». وأشار إلى أن أخطار الانعكاسات السلبية على النمو غير النفطي، «تنشأ من احتمال أن يكون تعديل المالية العامة أقوى من التوقعات الحالية، أو أن يتأثر الاستثمار الخاص بتراجع الثقة». ولم يستبعد أن «يؤدي تعميق الصراعات والاضطرابات الأمنية في عدد من البلدان المصدرة، إلى زيادة في تقويض النشاط الاقتصادي وتأخير الإصلاحات وضعف الثقة».
وإزاء ذلك، رأى أحمد أن على صناع القرار «الاستعداد لفترة طويلة من تراجع أسعار النفط، وإعادة تقويم خطط الإنفاق المتوسطة الأجل». وشدّد على «الحاجة إلى إجراء إصلاحات هيكلية كبيرة، للابتعاد عن نماذج النمو السابقة المدفوعة بالإنفاق الحكومي القائم على النفط وزيادة الإنتاجية في القطاع الخاص غير النفطي». وبالنسبة إلى الدول المستوردة للنفط، رصد «استمرار التعافي الضعيف فيها، خلال عام 2014»، وتوقع أن يرتفع النمو من «3 في المئة العام الماضي إلى 4 في المئة هذه السنة، و4.4 في المئة العام المقبل».
وفي المغرب، أعلن أحمد أن «المثابرة في تنفيذ السياسات بما في ذلك إلغاء دعم الطاقة، ساعدت في استقرار الاقتصاد». لذا يُتوقع أن «يؤدي تحسن الطلب الخارجي وزيادة الثقة المحلية وانتعاش الإنتاج الزراعي، إلى إعطاء دفعة للنمو ليصل إلى 4.4 في المئة هذه السنة و5 في المئة عام 2016 «. ولم يستبعد «عودة الثقة والنمو في تونس». واعتبر أن السياسات الاقتصادية الكلية يمكن أن «تدعم الإصلاحات الداعمة للنمو والعدالة، مع ضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي». إذ إن انخفاض أسعار النفط «يهيئ ظروفاً مواتية لتسريع وتيرة إصلاحات الدعم وزيادة الضرائب على الطاقة». ونصح بـ «ادخار ما يتحقق من مكاسب استثنائية».
وتطرّق أحمد إلى «تأثير الصراعات ببعض الدول في البلدان المجاورة لها»، وقال إنها «تتمثل بنزوح اللاجئين، بفعل الصراع في سورية والعراق، الى لبنان والأردن، وهما استضافا بسخاء هؤلاء النازحين». ورأى أن تحرّك أسعار النفط بالتزامن مع الدولار القوي، جعل التنافسية أكثر صعوبة بالنسبة إلى بلدان المنطقة». وعن تأثير الاتفاق الإيراني مع مجموعة «5+1»، أكد أنها «خطوة إلى الأمام ونرحّب بها». وإذا استُكمل الاتفاق وفق أحمد، فسيكون له «تأثير إيجابي كبير ليس فقط في اقتصاد إيران، بل أيضاً في الاقتصادات التي تعمل بالتجارة مع إيران في مناطق أخرى من العالم».
وعن الوضع في اليمن، أوضح أحمد أن «المراجعة التي قام بها هي متوقفة إلى حين وضوح الوضع السياسي». وعن انعكاس النزاع في هذا البلد، رأى أن ما يحصل في اليمن هو «قبل كل شيء مأساة إنسانية». وأعلن أن إنتاج النفط «بات أقل بنسبة 40 في المئة، مقارنة بالعام الماضي، كما انخفض الإنفاق والإيرادات، والاحتياطات بنسبة 25 في المئة». وأشار إلى أن «نحو 50 في المئة من عدد السكان يعيشون تحت خط الفقر، وارتفعت البطالة إلى مستويات ملحوظة وتحديداً بين الشباب لتصل إلى 40 في المئة».
6/5/150421
https://telegram.me/buratha