التقارير

أوباما لحلفائه العرب: ثلاث صفعات قاسية

1594 09:54:25 2015-04-08

حسام مطر

نشرت صحيفة "النيويورك تايمز" مقابلة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أجراها الصحافي توماس فريدمان، وتمحورت المقابلة حول إيران والإتفاق النووي المرتقب وإنعكاس ذلك على الأمن الإقليمي. يعيد أوباما التأكيد على "مذهبه" تجاه الشرق الأوسط والذي يمكنني تلخيصه بالتالي: الولايات المتحدة بحاجة لرعاية توازن قوى إقليمي يمنع خصومها من الهيمنة ويتساكن مع حد أدنى من طموحاتهم بما يؤمن إستقراراً إقليمياً قدر المستطاع مع إبقاء السيطرة على نقاط التوتر التي لا بد منها، وحينها يمكن لواشنطن التركيز على تحديات وتهديدات أكثر جدية خارج المنطقة. من هذا الفهم يمكن تفسير مجمل سياسات أوباما إتجاه إيران، سوريا، العراق، وحلفائه العرب و"إسرائيل".

الإتفاق الذي جرى حول المعايير الأساسية للتسوية النووية المرتقبة يؤكد جدية الطرفين وحاجتهما الملحة للإتفاق وإن لحسابات مختلفة. تقوم فلسفة أوباما بخصوص الصفقة مع إيران على أن أميركا بما تتمتع به من قوة عارمة يمكنّها من إختبار مخاطر محسوبة بهدف محاولة خلق فرص جديدة مهمة. ولذا يجب الإنخراط والإنفتاح على إيران ولكن الى جانب ضمان الحاجات الإستراتيجية الجوهرية، أي "إنخرط مع الحفاظ على مقدراتك" كما يوجز أوباما. أي أن منطق أوباما قائم على مجازفة محدودة مع إيران من خلال مساكنتها والإنفتاح عليها والإقرار بدورها لربما يؤدي ذلك الى "تدجين إيران"، وبالتوازي تستمر واشنطن في تعزيز قدرات الردع الخاصة بها وبحلفائها، ولذا في حال فشل الخطوة تجاه إيران لن يكون هناك من ضرر، فلماذا لا نختبرها، يقول أوباما.

إلا أن الإشارات الأكثر أهمية من أوباما في المقابلة كانت بخصوص حلفائه، حيث وجه لهم ثلاث صفعات قاسية. الصفعة الأولى أن موضوع التسوية مع إيران ناجز، وأكثر ما يمكن لأوباما أن يقدمه هو إستعداده لزيادة القدرات العسكرية لحلفائه، أي إستعداد واشنطن لبيعهم سلاحاً أميركياً لا يحتاجونه فعلياً بدل إنفاقه في مشاريع التنمية والنهوض المحلي أو الإقليمي. إذاً تلتزم واشنطن مع حلفائها العرب ولكن من جيبتهم، في حين أن إيران قدمت أغلب تنازلاتها في البرنامج النووي من جيبة الأميركيين. إذاً، سيستمر الإستغلال العلني الأميركي لمقدرات شعوب الخليج لحساب شركات الأسلحة الأميركية الكبرى، ورغم ذلك تبقى السعودية مذعورة من اليمن المعدوم والأعزل، أي من دون الشعور بحد أدنى من الأمن لأن المعضلة ليست في التسلح بل في الرؤية والمشروع.

الصفعة الثانية

من أوباما كانت شديدة وإستكمالاً لتصريحات نائبه إذ حمّل حلفاءه مسؤولية نشوء "داعش" بسبب الإستبداد المحلي. "السكان في بعض الحالات، مهمشون، الشباب عاطلون عن العمل، وأيديولوجية مدمرة وعدمية. ولذا من مهمات أميركا ليس فقط تقديم الدعم أمام التهديدات الخارجية بل ايضا السؤال عن "كيف يمكننا تقوية الجسم السياسي في هذه الدول، بحيث أن الشباب السني يشعر أن هناك خيار أخر غير اللجوء لداعش"، يقول أوباما. ويكمل أوباما صفعته قائلاً أن التهديد الداخلي هو الأساسي لهذه الدول وليس خطر الغزو الإيراني. أي أن أوباما يدعو حلفاءه للكف عن تصدير مشاكلهم الى الخارج، وهي مقدمة "لإصلاحات" داخلية سيطلبها منهم أوباما بعدما إستدعاهم الى الولايات المتحدة لملاقاته في كامب ديفيد قريباً، وهي إصلاحات الهدف منها حماية هذه الإنظمة لتبقى وكيلاً مستقراً للولايات المتحدة، أي أنها ستكون إصلاحات محدودة، "هذه ستكون محادثة قاسية ولكنه أمر يجب القيام به"، يقول أوباما.

الصفعة الثالثة،

 هي في تأكيده على رفض التورط المباشر في سوريا من خلال إلقاء المسؤولية عليهم إذ يقول أنه كان هناك رغبة (وليس قدرة) أميركية للتدخل المباشر في سوريا ولكن السؤال هو لماذا لا يمكننا الحصول على عرب (أي جيوش عربية رسمية) ليقاتلوا هناك؟ وفي موضع آخر يؤكد على حاجة حلفائه لرفع إرادتهم للإلتزام بإستخدام قواتهم البرية لحل المشاكل الإقليمية. يدرك أوباما أن أياً من حلفائه العرب غير قادر على الدخول مباشرةً الى سوريا، ولذا يرمي الكرة في ملعبهم بدل أن يبقى في موقع المتهم بالتقصير والتقاعس. بعبارة أخرى، ما دمتم غير جاهزين لرمي قواتكم في الجحيم فلا تطلبوا مني القيام بذلك. في الواقع هذه إشارة أخرى على الإستدارة الأميركية، البطيئة والتدريجية، تجاه الحرب في سوريا حيث يقنع الأميركيون حلفاءهم بالحاجة للتواضع والإكتفاء ببعض المكاسب لأنه من غير الممكن إبتلاع سوريا.

26/5/150408

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك