التقارير

ما هو أبعد من تحرير تكريت/ معركة العراق.. حسم استراتيجي بسواعد الابناء

1700 10:08:35 2015-04-07

جهاد حيدر

شكل تحرير مدينة تكريت محطة فاصلة في معركة تحرير العراق ليس فقط لأسباب جغرافية وعسكرية، وإنما لكونها كانت محطة كشفت فشل الرهان على "داعش" في إخضاع العراق وابتزازه، وأثبتت مرة أخرى قدرة العراقيين على تحرير بلدهم من دون حاجة إلى الأميركي.

من الناحية الجغرافية، يأتي تحرير مدينة تكريت وباقي محافظة صلاح الدين جزءاً من معركة التحرير التي يخوضها الشعب العراقي من خلال فصائله المجاهدة، إلى جانب قواته النظامية الأخرى، للمناطق التي سيطرت عليها "داعش"، لكن ما يضفي عليها قيمة إضافية، أنها تحتل موقعا استراتيجيا، كونها تحد محافظات نينوى وكركوك وديالى والأنبار وبغداد.

عليه، فإن تحرير محافظة صلاح الدين يشكل ضربة قاصمة لأي مخطط تفكيكي وتقسيمي للعراق، فبدون السيطرة عليها من قبل "داعش" ومن يلف لفها يستحيل تقسيم العراق، ومن هنا فإن تحريرها كان ضروريا لإبعاد شبح مخطط تقسيم العراق وهو ما يؤشر إلى أن تحرير ما تبقى من أراض عراقية ليس سوى مسألة وقت وقرار بأيدي العراقيين.

أما من الناحية السياسية، فإنه بدا للوهلة الاولى كما لو أن الأميركي نجح في قلب الطاولة، بالتواطؤ مع أنظمة الخليج، عندما قرر المشاركة من الجو في عملية تحرير تكريت. وهدفت هذه المحاولة إلى سرقة انتصار العراقيين لأن الأميركي يدرك أن استكمال تحرير محافظة صلاح الدين، عبر تحرير تكريت، سيقدم قوات الحشد الشعبي على أنهم هم من يحررون العراق فعلا.  لكن الذي حصل أنه عندما تبلغت هذه القوات من قبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قرار مشاركة الأميركيين في الهجوم، حزمت أمرها سريعاً وقررت سحب قواتها عن تخوم تكريت.

هذه الخطوة الحازمة والحكيمة أربكت الأميركي، إذ سرعان ما تبين أن تحرير تكريت لن يتم من دون قوات الحشد. الأمر الذي سوف يحرج الأميركيين وتتحول الفرصة التي كانوا يحاولون اقتناصها إلى تهديد لمنطقهم السياسي والعملاني، عبر إظهار عجزهم أو تآمرهم. انطلاقا من أن تحرير تكريت بات في ظل تراجع قوات الحشد الشعبي مستبعداً.

وهكذا سقط المخطط الأميركي سريعا أمام العزم الذي أظهرته قوات الحشد الشعبي، الأمر الذي أدى إلى تراجع الأميركيين وعودة قوات الحشد وتحرير تكريت.

ومن أهم مفاعلات هذه الخطوة:

أنها أكدت استغناء العراقيين عن الأميركيين في تحرير بلادهم. وعززت النهج التحريري المستقل عن الإرادة الأميركية، مع العلم أنه منذ بدء معركة تحرير المناطق التي احتلتها "داعش"، كان هناك سجال بين رؤيتين في الساحة العراقية. الأولى تحاول الترويج لمقولة أن الأميركي هو المنقذ الوحيد القادر على دحر خطر "داعش" عن العراق والعراقيين، مع ما يترتب على ذلك من نتائج سياسية.

في المقابل، عمدت فصائل الحشد الشعبي منذ اللحظات الأولى على رفع شعارات مضادة للمقولة الأولى، وقرنتها بخيارات عملانية. اذ ابلغت الأميركي عبر القيادة السياسية العراقية الرسمية بأن لا يقترب ولا يشارك في أي عملية تحرير تقوم بها قوات الحشد. وهو ما حصل في آمرلي وجرف الصخر وغيرها من المناطق... وصولا إلى محافظة صلاح الدين.

عزَّزت حضور الفصائل العراقية في الساحتين الميدانية والسياسية. التي بات موقفها ندا للأميركي وأتباعه في الساحتين العراقية والاقليمية.  وكشفت عن أن هذه الفصائل لم تضيع البوصلة ولم تنطل عليها عمليات الخداع والتضليل الأميركي.

بناء على ما سبق، فقد أسُقطت ورقة داعش من يد الأميركي لابتزاز العراقيين. لأن عجزهم عن مواجهة "داعش" وبروز  حاجتهم إلى الأميركي كان سيجعلهم أسرى الاملاءات الأميركية. فيما انتصاراتهم، استنادا إلى قدراتهم ودعم حلفائهم، ستقوِّض كل منطق سياسي كان وما زال يتم ترويجه في العراق بأن لا غنى له عن الأميركيين.

ويمكن القول، انه وعلى الرغم من أن "داعش" ما زالت تحتل أجزاء مهمة في الساحة العراقية، وتحديدا في محافظتي نينوى والانبار، لكن المعركة حُسمت من الناحية الاستراتيجية، خاصة وأن "داعش" لم تعد ورقة صالحة لإخضاع العراق ومعه الجمهورية الإسلامية الإيرانية.. بل قد تكون مخاطرها باتت أشد على بعض من راهنوا عليها...

30/5/150407

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك