التقارير

’الروح الإيرانية’ تحقق الاتفاق التاريخي

1300 10:06:37 2015-04-07

محمود ريا

دعكَ من التفاصيل..

دعكَ من أجهزة الطرد المركزي، ومن عددها الذي يفوق الستة آلاف.. ومن بقاء كل المفاعلات والمختبرات النووية عاملة.

ودعكَ من تكريس وتشريع حق إيران بتطوير الطاقة النووية وفي إجراء كل حلقات السلسلة النووية.

لا بل دعك أيضاً من "الفتوى" والاعتراف بها بعد طول إنكار، ومن ثم ذكرها على لسان "رئيس الولايات المتحدة الأميركية" في معرض اعتبارها آلية للالتزام بـ "الاتفاق".

كل ذلك مهم، وهو أهم من كثير من الأحداث التي شهدتها وتشهدها منطقتنا.. ولكن هناك ما هو أكثر أهمية من ذلك.

هناك "الروح" التي يبثها الاتفاق، روح القدرة، وروح الفعل، وروح الاختيار، وروح الإصرار.

هذه الروح هي التي تعطي لكل الإنجازات التي تحققت عبر هذا الاتفاق ـ الإطار معناها، لأن منها انطلقت كل المفاوضات، وكل القرارات، وعلى أساسها كانت الخيارات.

هنا يكمن السرّ، ومن هنا يمكن فهم لماذا تحوّلت طريقة الإيرانيين في الوصول لما حققوه مدرسة في الثبات على الموقف من جهة، ومدرسة أخرى في علم وفن التفاوض من جهة أخرى.

مدرسة الثبات ظهرت نتيجة رفض الإيرانيين لكل الضغوط، ولكل التهديدات، ولكل محاولات الإغراء ومحاولات الإلهاء ومحاولات الإرعاب والتخويف.

ومدرسة التفاوض بدت من خلال استمرار المفاوضين الإيرانيين في بذل كلِّ الجهود لتدوير الزوايا و"الأخذ والعطاء"، والبحث عن القواسم المشتركة والكلمات المقبولة والأحرف الدقيقة، وحتى النقط والفواصل المعبّرة عن القاسم المشترك بين الموقف الإيراني والموقف المقابل، بما لا يؤدي إلى قطع المفاوضات وإنهائها.

واليوم، يتطلع الكثيرون إلى هاتين المدرستين. بعضهم يتطلع إعجاباً، فيوطّن النفس على اكتساب كل المقوّمات التي سمحت للإيرانيين أن يبقوا على موقفهم: قوّة ذاتية في مختلف المجالات، ثقة بالنفس تتفوّق على كل محاولات الابتزاز والترويع، وحدة خلف الوفد المفاوض وتبنٍّ لجهوده من قبل القيادة العليا، بما أدى إلى أن تكون للكلمة الإيرانية فعلها في تحديد مسارات التفاوض.

وبعضهم يراقب حسداً، وهو يرى هذه المرونة الإيرانية التي تؤدي إلى عدم التنازل عن الثوابت، وهذه الصلابة في الموقف التي لا توصل إلى حد "كسر الجرّة" مع الوفود الأخرى ومن ثم إنهاء المفاوضات.

إذاً، هي الروح التي تفتقدها الكثير من الدول، ولا سيما في منطقتنا، وهي روح حيوية متوثبة خلاّقة مبدعة واعية، مدركة لكل جوانب القضية المطروحة، منطلقة من قاعدة ثابتة وهي أن إيران لا تريد قنبلة نووية، ولا تسعى إليها، فإذا كان الغرب يفاوضها من أجل عدم انتاج قنبلة نووية، فإن الدولة الإيرانية مستعدة لقبض ثمن عدم إنتاج هذه القنبلة، دون أن يكون لديها النيّة في الأساس للتوجه بهذا الاتجاه.

هذه المقاربة الإيرانية أسعدت الكثيرين، وعلى رأسهم الإيرانيين أنفسهم، الذين نزلوا إلى الشوارع احتفالاً باتفاق أثبت لهم مرة أخرى مدى حكمة ووعي القيادة التي محضوها ثقتهم، كما أسعدت الشعوب التي تقدّر لإيران وقوفها إلى جانبها، وعدم تخليها عنها، بالرغم من كل الضغوط التي بذلها الغرب من أجل ذلك، بحيث بقيت إيران هي إيران، فلم تبع ولم تشترِ على حساب الشعوب الأخرى، وإنما فاوضت من منطلق قوتها وقدرتها ومقوّماتها الذاتية.

من جهة أخرى، هذه المقاربة الإيرانية سبّبت الوجوم لآخرين كانوا يراهنون على أن إيران لن تستطيع التفاهم مع العالم، بل كانوا يتوهمون ذلك، فإذا بإيران تصل إلى اتفاق تاريخي يعتبر نموذجاً للاتفاقات الدولية التي تقوم على مبدأ "رابح ـ رابح"، فكان أولئك المراهنون هم الخاسرين.

وهناك من الخاسرين من لم يُطق صبراً على ما حصل، فارتفعت عقيرته بالنواح والصراخ. وأكثر من يمثّل هؤلاء الكيان الصهيوني ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، الذي لم يستطع هضم الاتفاق، فأراد إدخال بند عليه ليس موجوداً فيه، وهو ضرورة "التزام إيران بحق إسرائيل في الوجود".

طبعاً هذا حلم نتنياهو، بل هو وهمه الذي يتحول إلى كابوس يؤرقه، فإيران التي رفضت أن تفاوض حول أي قضية أخرى خارج إطار برنامجها النووي، لن تجعل للكيان الصهيوني مدخلاً على هذا الاتفاق، مهما استشاط نتنياهو غضباً ومهما ملأ العالم بالنحيب والشكوى.

إنها الروح مرة أخرى، روح الحق المتلفّع بالقوة، والمتمتّع باليقين، تفرض نفسها على كل العالم، على العدو والصديق، على القريب والبعيد، وعلى من صدّق، والذي لم يصدّق بعد.

32/5/150407

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك