التقارير

داعش والفصل الأخير في العراق

1654 21:20:00 2015-03-11

داعش يودع الموصل بسرقة آثارها

محمد محمود مرتضى

منذ مدة يقوم تنظيم داعش بتسريع وتيرة عمليات تدمير الآثار العراقية في الموصل، يأتي ذلك في موازاة تسارع عمليات الجيش العراقي والحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين وانهيار الكثير من خطوط دفاع داعش هناك.

احتل داعش الموصل في منتصف شهر حزيران/ يونيو الماضي( 2014) ورغم أنه قام بتدمير بعض المساجد والقبور والمقامات الدينية إلا أنه لم يعمد الى تدمير الأماكن الأثرية وبعض معالم التراث إلا في الشهرين الجاري والمنصرم، حيث انه قام بحرق مكتبة الموصل التي تحوي مجموعة كبيرة من الكتب من بينها مخطوطات فريدة، إضافة الى متحف الموصل ومدينتي النمرود والحضر الأثريتين.

والواقع أنه قد يتحدث البعض عن تفهم تدمير الاثار المنقوشة والتماثيل بدعوى انها مظاهر شركية بالنسبة لهم، لكن حرق مكتبة تحتوي على هذه القيمة العلمية هو مما لا يمكن تبريره حتى وفق المعايير «الفقهية» « للعقل السلفي التكفيري» ما يضع علامات استفهام عن حقيقة هذه الأفعال من جهة، وعن دوافع القيام بها في هذا التوقيت بالذات من جهة أخرى.

الأسئلة المشروعة

في الجانب الأول ظهر داعش في الكثير من الأحيان كشركة تجارية ومجموعة من السماسرة التي تبغي الربح المادي والسعي نحو تحقيق الثروات، فهو لم يترك شيئا تقريبا الا وجعله جزءا من تجارته كالنفط والسلاح وفرض الاتاوات والاثار والبشر، وتلك الاخيرة، أي التجارة بالبشر عمد التنظيم الى التجارة في مختلف مجالاتها التي يمكن أن تتوفر كتجارة الأطفال والنساء(الجواري) والاعضاء البشرية وكان آخر مجالاتها التجارية جثث القتلى حينما عرض على اقليم كردستان بيعه جثث قتلاه.

من هنا يأتي السؤال الجوهري عن السبب الذي يدفع داعش الى تدمير ثروة تراثية كبيرة تساوي مئات الملايين من الدولارات في وقت يسعى للاستفادة من الجثث لتحصيل مكاسب مادية.

لقد قام داعش بتصوير جزء من عمليات التدمير لكن الجزء الآخر اكتفى بالإعلان عنها او تسريب خبر تدميرها. وحتى ما نشر منها فإنها لم تتعدَّ كونها جزءا بسيطا من الاثار المتوفرة، بعضها حقيقي وبعضها الآخر نسخ مستحدثة لآثار فقدت إبان الغزو الاميركي. من هنا يمكن طرح سؤال مزدوج حول هذه القضية: ما الدليل على ان داعش قام بالفعل بتدمير محتويات ما أعلن عن تدميره، مما لم يعرضه ولم ينشر مشاهد عنه، كحرق مكتبة الموصل، ومحتويات مدينتي نمرود والحضر؟!

وما الدليل على ان ما قام بعرضه هو بالفعل تدمير لكل المحتويات؟ وبكلا الاحتمالين ما الدليل على ان داعش لم يعمد الى بيع المحتويات ثم قام بتدمير ما لا يمكن سرقته أو تدمير البعض لإضفاء بعض الواقعية على هذا الأمر بهدف إخفاء عمليات السرقة والنهب؟

تدمير يخفي عمليات النهب

سؤال يبدو منطقياً مع تنظيم لم يترك شيئا لم يتاجر به، ولم يهتم بمبادلة أسراه فيما يفضل بدلا عنها الحصول  على فدية مالية.

اما حول التوقيت فمن الواضح انه جاء متزامناً مع التحضيرات التي تجري على قدم وساق للمعركة الكبرى في الموصل، والتي بدأ التحضير لها أيضا عبر إطلاق معركة تحرير محافظة صلاح الدين حيث يحقق الجيش العراقي المدعوم من الحشد الشعبي إنجازات كبيرة في طريق تحرير مدينة تكريت، كبرى مدن صلاح الدين والتي ستشكل، عند تحريرها، نقطة ارتكازية على طريق معركة الموصل. كل ذلك يأتي في وقت يعاني فيه التنظيم في محافظة الأنبار، وكذلك شهد اخفاقات كبيرة في معظم قرى مدينة عين العرب (كوباني) غضافة الى ريفي الحسكة والقامشلي. حيث تشير جميع المؤشرات والمعلومات ان معركة الموصل المتوقعة ستشكل انتكاسة كبيرة للتنظيم و«دولته الاسلامية»؛ لان التنظيم اتخذ من الموصل عاصمة لخلافته منذ أن صلى أميرهم صلاة الجمعة فيها. يضاف الى ذلك أن داعش قام ومنذ ما يقارب الثلاثة أشهر بنقل معظم قياداته ومراكز السيطرة من الموصل الى الرقة.

وعلى أي حال فسواء احتاجت الموصل الى أسابيع أو أشهر لتحريرها، فان الذي أصبح لا شك فيه أن داعش يلفظ أنفاسه الاخيرة في العراق ككيان يتحكم بجزء من الأراضي، لكن ذلك حتما لا يعني فقدانه للقدرة على تنفيذ عمليات عسكرية كالعمليات الانتحارية وبعض الهجمات الاخرى.

وبالمحصلة، فيمكن القول أن ما يقوم به داعش ليس سوى الفصل الأخير من «دولته» في العراق حيث يسعى لطمس معالم عمليات النهب المنظمة التي قام بها طوال الأشهر الثمانية الماضية خلال احتلاله للموصل. ومن المؤكد أننا سنشهد المزيد من هذه الأعمال وبشكل متسارع في الأسابيع المقبلة.

20/5/150311

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زين العرقي
2015-03-12
ارجوالا الشتراك في هذه الخدمه
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك