إن داعش الذي يجب على الصحفيين ووسائل الإعلام أن تصوره، هو صدي لمأساة حزينة لأشخاص منخدعين تأثروا بالإلقاءات الوهابية-الصهيونية المتطرفة. ومن دون أدنى شك استخدم تنظيم داعش الإرهابي وسائل الإعلام أفضل استخدام من أجل تحقيق أهدافه. ولذلك فإن مهمة الإعلام في التنوير والكشف عن الجرائم وكواليس هذا التنظيم، لتوعية الرأي العام علي درجة كبيرة من الأهمية.
عندما تم إنشاء تنظيم داعش الإرهابي التكفيري لقتال الأسد في سوريا، كان يعرف بأنه إحدي الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة الجغرافية. واختار قادة هذه الجماعة الإعلام للتأثير وتسيير أهدافهم. وكان اهتمام عناصر هذا التنظيم بالإعلام أكبر بالمقارنة مع غيره من الجماعات الإرهابية الناشطة في سوريا. وقد أدرك داعش الارهابي أن وقع الحرب النفسية والتلاعب في الرأي العام، يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحقيق أهدافه. ولذلك أخذت الأنشطة الإعلامية لهذا التنظيم صبغة جديدة، من خلال جذب الشباب الذين يتواجدون في شبكات التواصل الاجتماعي.
وحتى بعد توسيع دائرة نشاط داعش في العراق واحتلال الموصل، شهد نهج هذه المجموعات فجأة ولا سيما في مجال الإعلام ودعاية هذه المجموعة الإرهابية، تغييراً مثيراً للتساؤل والشك، وتوسع نشر الأخبار المتعلقة بتنظيم داعش الارهابي. وبدأت بعض القنوات الإخبارية وفي محاولة مدروسة بشكل كامل، تنشر أخباراً عن داعش تتماشي بالضبط مع العناصر الرئيسية لتحليل تحركات هذا التنظيم. ومن المؤكد أن العامل الأكثر أهمية في احتلال الموصل، كان استخدام الحرب النفسية-الإعلامية من قبل هذه العناصر الأصولية.
وبعبارة أخرى، إن وسائل الإعلام ومن خلال نشر الأخبار الموجهة من الأساليب العنيفة وبث الرعب والخوف من وجود داعش الارهابي في العراق، كانت توجّه بشكل غير ملحوظ تحليلات الخبراء، وربما مثل هذه التحليلات الموجهة باتت الأساس لاتخاذ القرارات الهامة أيضاً.
علي أي حال إن مهمة الإعلام للتعامل مع تنظيم داعش الإرهابي، لها عدة أبعاد علي النحو التالي:
١ – استخدام التكتيكات الإعلامية ضد داعش الارهابي
يبدو أن المحور العبري-العربي قد استفاد من برامج داعش الإعلامية بشكل جيد، ولكن مع تغير الأوضاع والهزائم المتتالية وخيبات أمل المتعاطفين مع هذا التنظيم الإرهابي، وانكشاف نقاط ضعف النظيم الارهابي التي بدت واضحة من خلال انعكاس تحركاته في مختلف ساحات العمليات في العراق وسوريا، توفرت فرصة جيدة لمحور المقاومة حتي يلحق عبر التخطيط الإعلامي الدقيق، ضربات نفسية قاصمة لهذا التنظيم الارهابي، ويترقب آثارها الخطيرة في أرض المعركة.
٢ - التصوير الدقيق لإخفاقات داعش في العراق وسوريا
عملية انتصارات داعش الارهابي في العراق قد توقفت بعد حضور محور المقاومة الشامل. وكان للتضامن وتعبئة الناس تأثيرهما في كبح جماح هذه الجماعة الإرهابية أيضاً. ومن ناحية أخرى فإن المقاومة الكردية في مدينة كوباني، مع التركيز على النساء اللآتي قاتلن ضد التنظيم، استطاعت من خلال التوظيف الإعلامي المناسب لهذا الأمر، الإجهاض علي الهيبة العسكرية لتنظيم داعش الارهابي. كما أن هزائم داعش الأخيرة في جرف الصخر والأنبار علي يد الجيش العراقي، تشكل موضوعاً هاماً للتوعية والتكتيك الإعلامي، ويمكن أن تلعب دوراً مؤثراً في تقدم الجيش العراقي علي الأرض.
٣ - شرح الحقائق الداخلية لتنظيم داعش الإرهابي
بعد الإخفاقات المتكررة لهذا التنظيم في المشهد العراقي، وحدوث الخلافات بين قادته والمنازعات العنيفة بين المقاتلين العرب وغير العرب فيه، شاهدنا موجة من عودة المقاتلين غير العرب إلى بلدانهم. لذلك، فإن أهم مهمة لوسائل الإعلام في هذا السياق، هي تسليط الضوء علي تهديد داعش الارهابي بقتل هؤلاء وخاصة الغربيين منهم، وكذلك الكشف عن حقيقة أن القوات الأجنبية المنضمة إلى داعش ليست كبيرة خلافاً للدعايات في هذا المجال.
وفي الحقيقة إن العديد من الشباب الأوروبيين الذين انضموا إلي هذا التنظيم الإرهابي نتيجة الخداع والدعاية الكاذبة، يبحثون عن طرق آمنة للانفصال عنه. ولا شك أن هناك محاور هامة لكشف الحقائق الداخلية للتنظيم الارهابي عبر وسائل الإعلام، بحيث يمكن من خلال التخطيط البارع والذكي للصحفيين والقائمين علي الإعلام، القيام بعمل جاد لاضعافه وتعزيز معارضيه.
10/5/150225
https://telegram.me/buratha