التقارير

’الأوبئة’ اسلحة دمار اميركية جديدة للهيمنة على العالم

1812 08:55:23 2015-01-10

علي عوباني

طوال التاريخ كانت الحروب تقليدية، تخوضها الجيوش الكلاسيكية، كانت الفتن والحروب الاهلية، معبراً لتحقيق مآرب الدول ومصالحها، الحرب الساخنة تحولت باردة في ثمانينيات القرن الماضي، بين قطبي العالم آنذاك اميركا والاتحاد السوفياتي، اما اليوم، فقد ابتكرت معاهد الدراسات ومراكز الابحاث الاستراتيجية انواعاً جديدة ومبتكرة من الحروب، الحرب الناعمة، وحرب الاوبئة وغيرها من الحروب التي تحقق اهداف الدول الاستعمارية، وتوفر عليها الخسائر العسكرية والاقتصادية والمالية.

تجتاح العالم امراض مرعبة، فقبل "ايبولا" نجم المرحلة، ظهرت موجة امراض عديدة في السنوات الاخيرة، جنون البقر، انفلونزا الخنازير، انفلونزا الطيور، كورونا.. وغيرها، امراض ضج العالم بأسره بشأنها، لكن سرعان ما اختفى التداول بها بعد فترة، انتشار الفيروسات والأوبئة الجديدة في العالم طرح تساؤلات هامة عن بدايات انتشار تلك الأمراض التي أودت بحياة ملايين البشر. وهل هي حقاً امراض بحكم وفعل الطبيعة، ام لها غايات عسكرية وسياسية، ديموغرافية، اقتصادية،..؟؟!!.

نظرة تاريخية سريعة وموجزة، تقود الى خلاصة بديهية لا تحتمل الشك او التأويل، تاريخ الغرب مع الأمراض والأوبئة ليس بجديد، وخاصة الدول الاستعمارية الكبرى، التي تسعى لتحقيق نفوذها وسيطرتها على بلدان ودول اخرى. فالمستعمرون الإنجليز لم يجتاحوا أميركا بفضل عبقريتهم العسكرية بل بفضل حربهم الجرثومية التي لم يعرف لها تاريخ الإنسانية مثيلًا، والتي ادت الى إبادة سكان قارة بأكملها يزيد عددهم على 112 مليون إنسان لم يبق منهم سوى 250 ألف شخص، بعد شن 93 حربًا جرثومية شاملة (مرض الجدري)، قضت على حياة الهنود الحمر، وتلك كانت حرب الإبادة الجماعية الأعظم والأطول في تاريخ الإنسانية.

هذا النوع من الحروب يبدو انه كان منتشراً في القرن الخامس عشر، المعلومات التاريخية تشير الى ان التتار استخدموا هذا الاسلوب ايضاً عام 1743، حيث كانوا يلقون بالفئران الميتة من الطاعون فوق أسوار المدن التي يحاصرونها لإشاعة وباء الطاعون فيها حتى تستسلم. وحتى القائد العسكري الذي تمجده كتب التاريخ الفرنسية، وتتحدث عن بطولاته وفتوحاته، نابليون بونابرت، كان يلجأ الى استخدام الاوبئة ونشرها في حروبه عبر القاء الحيوانات النافقة من الطاعون والجمرة الخبيثة في مياه الشرب ليقضي على أعدائه.

وإبان الحرب العالمية الأولى لجأت بريطانيا الى نشر بكتيريا "الكوليرا" في مياه الشرب في إيطاليا لالحاق الهزيمة بها بعد تحالفها مع هتلر ألمانيا.

*الجيش الأمريكي يصنع الفيروسات

في القرن العشرين، ومع بداية انتشار "الايدز" (اول ظهور له كان في كينشاسا عاصمة الكونغو) برزت نظرية آنذاك شككت في أن فيروس هذا المرض ما هو إلا صناعة أمريكية، تم إنتاجه كسلاح بيولوجي في المعامل البيولوجية العسكرية الأمريكية، حيث يعتقد أن هذا الفيروس تم تصنيعه من خلال الهندسة الوراثية لفيروسات اخرى بهدف إبادة أجناس معينة، وكان الشاهد الدليل على ذلك، أن "الإيدز" لم يكن معروفًا في أفريقيا في الاصل الا انه انتشر فجأة هناك بعد حملات تطعيم أطلقتها المنظمات العالمية ليصبح بعد ذلك السبب الأول للوفاة في القارة السوداء.

سبق ذلك، الكشف عن وثيقة سرية يعود تاريخها الى شهر تموز/يوليو من عام 1968، وتتضمن طلباً وجهته وزارة الحرب الأمريكية الى مجلس الشيوخ تطلب بموجبه الموافقة على تمويل "برنامج لتطوير الأسلحة البيولوجية" وتخصيص مبلغ 10 ملايين دولار لهذا الغرض.

مؤخراً ومع انتشار مرض "ايبولا" في القارة السوداء، شحذت اميركا وبريطانيا هممهما وشمرتا عن زنودهما للمساعدة، وتحت عناوين انسانية كان لافتاً ومستغرباً ان تلجأ اميركا الى ارسال الاف الجنود الى ليبيريا وسيراليون تحت عنوان " استئصال مرض ايبولا من غرب افريقيا". ما يطرح تساؤلات جوهرية، هل هاتان الدولتان تريدان فعلاً مساعدة الدول الموبوءة ام ثمة اهداف استعمارية مبيتة، وثمة مطامع بثروات تلك الدول الغنية بالموارد الطبيعية (الماس، الذهب، الحديد، الفحم..)، وبالتالي تستخدم تلك الامراض غطاءً للتدخل العسكري في تلك البلدان، والا لماذا لم ترسل فرقا وطواقم اسعاف طبية مدنية، وما الذي سيكافحه جنود "المارينز" والكتائب "المجوقلة" في ميدان صحي، أليس مكانهم الصحيح الميدان الحربي؟.

*سوابق امنية بمظلة طبية

يزداد التوجس من استخدامات اميركا للاوبئة والامراض، خصوصاً ان هناك سوابق لم تردع فيها المعايير المهنية والاخلاقية والانسانية واشنطن، عن استخدام المجال الصحي والطبي كساتر لتنفيذ عمليات امنية لا سيما عندما استخدمت وكالة المخابرات المركزية الأميركية برامج التطعيم للتستر على عملياتها، خلال بحثها عن زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن. وذلك من خلال برنامج تطعيم قام به طبيب باكستاني يدعى شكيل أفريدي، الذي اجرى مسحاً للتطعيم من التهاب الكبد في المدينة الباكستانية التي قتل فيها بن لادن في مهمة تخابر أميركية، استغلت فيها وكالة المخابرات المركزية المسح حينها للحصول على سائل يحتوي على الحمض النووي لأقارب يعيشون قرب بن لادن.

*احداث تغييرات ديموغرافية

لم يقتصر توظيف حرب الفيروسات وصناعة الأمراض على الاستخدامات الامنية والعسكرية، خصوصاً انها لطالما ارتبطت ارتباطاً مباشراً بأزمات عالمية اما سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، بل ثمة اهداف ديموغرافية، تمثلت بحملات ابادة جماعية لتغيير الهوية الديموغرافية لبعض البلدان، وكان هدفها تدمير قطاعات من الجنس البشري أو تطويعها أو إصابتها بأمراض قاتلة ومميتة من دون حاجة لشن حرب عسكرية، والمثال الابرز هو ما آل اليه الهنود الحمر في اميركا.

الأمراض أدوات استعمارية جديدة للدول الكبرى

وفي هذا الصدد كشف النقاب عام 1989 عن مذكرة تفاهم تابعة للأمن القومي الاميركي تحت رقم 200 بتاريخ 10 ديسمبر 1974، تضمنت معلومات حول تأثير نمو سكان العالم على الأمن الأمريكي والمصالح الخارجية لها. يخلص فيها مستشار الأمن القومي آنذاك هنري كيسنجر الى خلاصة مفادها: "يجب أن يكون تقليص عدد سكان العالم الثالث من أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية"، إلا أن الوثيقة لم تحدد الطريقة التي سيتم بها تقليص عدد السكان.

*التهويل بالامراض لضرب اقتصادات دول

أسلحة الدمار الأمريكية المتمثلة بالامراض و"الاوبئة"، لا تخلو من اهداف اقتصادية يراد منها افقار دول واغناء اخرى، ففضلاً عن الهيمنة على ثروات الدول ومواردها، تستخدم احياناً لضرب اقتصادات دول اخرى، ومحاصرتها اقتصادياً، بشكل يتماهى مع العقوبات الدولية، فضلاً عما يفضي اليه نشر تلك الامراض من "سباق تسلح بلقاحات" بين الدول كما هو حاصل اليوم مع "ايبولا"، ما يطرح تساؤلات حول حجم الأموال التى تربحها "لوبيات الأدوية" التى تضاهي بقوتها "لوبيات السلاح" جراء تصعيد الحملات الاعلامية حول مخاطر الامراض، والتي تشارك في تغذيتها منظمة الصحة العالمية. ففي السابق، أنفقت دول العالم مليارات الدولارات لشراء علاج "التاميفلو" Tumiflu للانفلونزا والذي تبين أن وزير الحرب الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد عضو في مجلس إدارة الشركة الذي تنتجه ومن كبار المساهمين فيه، ما يعني انتعاشا اقتصاديا لمصلحة امريكا، وفي هذا الوباء انهارت صناعة تربية الدواجن في شرق آسيا تماماً بعد ان تم اعدام ملايين الدجاج. كذلك حصل انهيار للاقتصاد البريطاني خلال فترة انتشار جنون البقر بعد اعدام ملايين الابقار بنفس الطريقة، حين هددت صناعة اللحوم اقتصاد الدولة حتى باتت قريبة على شفا حفرة من الافلاس.. وهذا ما سعت له امريكا لتدمير اقتصادات العالم من اجل بقائها دولة قوية مستعمرة تمتلك مقاليد القيادة وسلطة الاقتصاد، واليوم يتكرر هذا السيناريو بشكل او بآخر عبر استخدام النفط لضرب اقتصاد الدول الصاعدة في آسيا.

20/5/150110

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك