في خضم الانتقادات التي يواجهها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من الداخل والخارج بسبب تصلب النظام التركي حيال القضاء والمعارضة والصحافة، تجد اردوغان يواجهها بمواقف تسلطية، وهذا ما دعا المعارضة التركية الى تشخيص دائه بالقول بأنه "مصاب بجنون العظمة".
جديد مواقف اردوغان للاتحاد الاوروبي حديثه عن ان الاخير لا يمكنه ان يعطي انقرة "دروساً في الديمقراطية" وذلك بعد ان ندّد الاتحاد بالمساس بحرية الصحافة في تركيا، حيث وصفت فيديريكا موغيريني مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية _بعيد عودتها من انقرة التي زارتها في الثامن من كانون الاول/ديسمبر لتحسين العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وتركيا_ الاعتقالات بأنها لا تتلاءم مع حرية الإعلام، التي هي أساس الديموقراطية، وتعدّ انتهاكاً للقيم الأوروبية.
وشدّد اردوغان في خطاب القاه في قونية بوسط تركيا لمناسبة تدشين خط جديد للقطار السريع "يقولون انهم سيعطون تركيا درساً في الديمقراطية، تجشموا عناء المجيء الى هنا كي تلقنكم تركيا مثل هذا الدرس".
وبالرجوع الى التاريخ، يبدو ان تصريحات اردوغان لا نجد مثيلاً لها حتى في الحقبة العثمانية في عزّها!، فهو لا يعير اهتماماً لكل الاعتراضات من حوله، فالباب العالي والسلطان العثماني الجديد، وقف أيضاً في وقت سابق أمام قصره المثير للجدل والانتقاد وخطب قائلاً: "تنتقد المعارضة المقر الرئاسي الجديد، لكن اسمحوا لي ان أقول لكم انه يضم ما لا يقل عن 1150 غرفة وليس ألف غرفة كما يزعمون"، وبقوله هذا يتضح ان لا قيمة عنده للانتقادات من الداخل والخارج على حد سواء.
وكان اردوغان يرد على المسؤولين الاوروبيين الذين انتقدوا اعتقال 30 شخصاً الاحد ومنهم صحافيون معارضون، مذكرين إيّاه بأن التقدم في مفاوضات انضمام بلاده الى الاتحاد رهن باحترام قواعد الديموقراطية.
وتأتي حملة الاعتقالات هذه بعد عام من توجيه اتهامات بالفساد ضد الحكومة التي كان يرأسها اردوغان حينها. ففي 17 كانون الأول من العام الماضي إنفجر التحقيق حول فضيحة الفساد التي أدّت الى اعتقال عشرات من رجال الاعمال والسياسيين، بينهم أبناء وزراء في حكومة اردوغان الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك، لكنه لم يتردد في تعطيل القضاء فأوقف التحقيق من خلال عزل آلاف من رجال الشرطة وعدد من القضاة، ثم دفع البرلمان الى إقرار قوانين تعزز رقابة الدولة على الجسم القضائي وعلى الانترنت.
وتوسّع اردوغان بانتقاداته لاوروبا متهماً الاتحاد الاوروبي باستخدام وسائل مماطلة في السنوات العشر الاخيرة لتأخير انضمام تركيا. وقال اردوغان "الامر بسيط للغاية: انه يعود اليكم ادخال تركيا ام لا" الى الاتحاد الاوروبي، مضيفاً "يمكنكم التعريض بتركيا كما يحلو لكم لكن تركيا هي التي ستحدد طريقها بنفسها".
وطالب اردوغان الاتحاد الاوروبي بالتوقف عن "توجيه اصابع الاتهام الى تركيا والقاء الدروس الاخلاقية عليها كما تفعل مدبرة منزل".
واستغل اردوغان الذكرى العاشرة لموافقة المفوضية الاوروبية على بدء مفاوضات الانضمام بين انقرة والاتحاد الاوروبي، وقال "على الاتحاد الاوروبي ان ينظر الى نفسه في المرآة"، لتقييم سياساته في سوريا ومصر اللتين قطعت تركيا علاقاتها بهما بسبب نظاميهما.
يشار الى أنه من 30 شخصاً أوقفتهم الشرطة الاحد، تمّ الافراج عن 12 في حين لايزال استجواب 18 مستمراً وضمنهم اكرم دومانلي رئيس تحرير صحيفة "زمان" احدى اكبر الصحف اليومية في تركيا وايضاً مدير تلفزيون سمانيولو هدايت كاراكا.
وللتذكير كان أردوغان رأى أن بيان الخارجية الاميركية الذي دعاه "كصديق وحليف" الى عدم انتهاك القيم الجوهرية للديموقراطية، وقاحة تذكرنا بما قاله عن وقاحة جو بايدن الذي زار أنقره ودعاه الى التدخّل لمساندة كوباني ضد "داعش".
وفي السياق، ولمناسبة مرور عام على فتح التحقيقين بتهمة الفساد اللذين استهدفا اردوغان ومقربين منه، تم تنظيم تظاهرة في وسط العاصمة انقرة. وهتف نحو 500 متظاهر ضد الماسكين بالسلطة ونعتوهم بـ "اللصوص".
وتم حفظ هذه التحقيقات القضائية رغم احتجاجات شديدة من المجتمع المدني والمعارضة البرلمانية حيث اعلن القضاء عدم وجود وجه لاقامة الدعوى بحق عشرات المشتبه بهم المقربين من النظام.
https://telegram.me/buratha