التقارير

العراق وبصمات الدول الداعمة للإرهاب

1122 09:11:31 2014-11-28

ربما لم يشهد العراق تضامناً إقليمياً مع مأساته المريرة المتمثلة بالارهاب والجماعات التكفيرية، كالذي يحصل هذه الايام، لاسيما بالنسبة لثلاث دول، طالما كانت مصدراً للارهاب التكفيري، طيلة السنوات الماضية، سواءً بالتعبئة الفكرية او الدعم السياسي والاعلامي او التمويل، وهي الاردن والسعودية، وانضمت تركيا اليهما فيما بعد، فآثار الارهاب لم تعد تطال فئة معينة في العراق، او حتى الحكومة والعملية السياسية، حيث تعجز الارقام والاحصائيات حتى الآن عن تحديد عدد ضحايا التفجيرات والقتل الجماعي منذ الاطاحة بنظام صدام. وهؤلاء لم يكن ذنبهم، سوى أنهم شهدوا حقبة سياسية في تاريخ العراق على خلاف العهود الماضية التي كانت فيها الاقلية هي الحاكمة، والاكثرية لا علاقة لها بالدولة والسياسة.

لقد وصلت الرسائل الاميركية، قوية ومباشرة، الى هذه الدول، ودول اخرى لعبت نفس الدور غير النظيف في العراق، بأن الوقت الحاضر، ليس لتصفية الحسابات، إنما لمواجهة عدو جديد يُقال انه يهدد السلم في المنطقة والعالم، كما كان يُشاع عن "تنظيم القاعدة". لذا نسمع من نتائج الاجتماعات واللقاءات بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم في السعودية والاردن وتركيا، أن هنالك "تحديات مشتركة"، وأن هنالك عدو واحد يهدد الجميع، وهذا المنطق هو الذي مكّن الاميركيون من جمع عدد كبير من دول العالم تحت راية التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" في سوريا والعراق.

هذا ما يتعلق بالمصالح الخاصة لواشنطن ولندن وباريس، وسائر دول التحالف، لكن ماذا عن مصالح العراق؛ الضحية الاولى للارهاب...؟ فهذه الدول إنما ترى مصلحة العراق، من زاوية مصالحها الخاصة، لذا تكرر دائماً خلال زيارات المسؤولين العراقيين، على رغبتهم بأن يكون "العراق موحداً يشارك جميع ابنائه في بنائه"، أو يتحدثون عما يصفونه بـ "التهميش" والإقصاء السياسي، ويقصدون ذلك بوضوح المكون السنّي، وهذا ما جعل الاردن تحديداً، اكثر من أي دولة اخرى، العمق الاستراتيجي للمناوئين والمعارضين وحتى المجرمين والسفاحين الذين أوغلوا في دماء العراقيين. بيد أن الظهور الاعلامي لهم، يقدم وجوهاً سياسية معارضة لها الحق في "الكعكة العراقية"، وهذا ما لم تخفه الاوساط السياسية والاعلامية لهذه الدول، عندما تحتضن لديها بعناصر مشبوهة، بل وقد صدر بحقها امر إلقاء القبض بتهمة سفك دماء الابرياء في العراق، في مقدمتهم، طارق الهاشمي الذي آوته تركيا لفترات طويلة رغم النداءات العراقية والدولية بضرورة طرده من اراضيها – على الاقل-، فيما كانت الاردن وما تزال تأوي اكثر شخصية وجماعة مشبوهة، ومن ايتام النظام البائد.

إن نتائج المحادثات بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم في هذه الدول، لم تصل حتى الآن الى درجة وضع النقاط على الحروف، وإدانة كل اشكال الاعمال الارهابية التي يقف خلفها اشخاص او جماعات مناوئة للعراق، تعمل على اراضيها، وأن يتم التوصل الى اتفاق مبدأي بالأول؛ لتحديد وجود أي جماعة متورطة في اعمال ارهابية في العراق، تمهيداً لطردهم بالكامل.

المراقبون يؤشرون على نقاط امتياز كبيرة بيد الحكومة العراقية في الوقت الحاضر، فالى جانب التضامن الدولي ووقوف الولايات المتحدة بكل ثقلها مع حلفائها الاوربيين خلف بغداد في معركتها ضد الارهاب، بشكل أو بآخر، فان العراق يمتلك مؤهلات سياسية واستراتيجية كبيرة تمكنه من المناورة والضغط على الاطراف الاقليمية، شرط توفر الارادة والعزيمة والتحدي، فالدول الثلاث، كما سائر دول الجوار، بحاجة شديدة الى العراق، كلٌ حسب ظروفها، سواءً على  الصعيد الامني او الصعيد الاقتصادي أو الصعيد السياسي والاستراتيجي وغير ذلك. فاذا كانت تركيا بحاجة الى المال، والاردن النفط ، والسعودية الامن والتوازن الاستراتيجي مع ايران الساعية الى الانفراد في صدارة القوة الاقليمية، ما عليها إلا الاذعان الى الارادة العراقية ومصالح الشعب العراقي.

إن الدماء التي سالت في العراق طيلة السنوات الماضية، ليس من السهل التساوم عليها او تجاوزها مهما كانت الحاجة الى ذلك. فهي بالحقيقة تشكل رسالة صارخة ومدوية بوجه المعنيين بأن حقوق الارامل والايتام والثكالى لا يجب أن تضيع على طاولة المفاوضات. لنأخذ مثلاً؛ البضائع والسلع التي تصدرها تركيا والسعودية تحديداً الى العراق، حيث يجري التنافس بشدة على الاسواق العراقية، بيد أن القرار المفاجئ يأتي من الشارع العراقي وليس من جهات رسمية، بمقاطعة هذه البضائع رداً على الدعم الواضح للجماعات الارهابية، بما يوصل رسالة مباشرة الى المعنيين بأن الوقوف خلف الجماعات التي ترتكب القتل الجماعي والعمليات الانتحارية، لن يمر دون جواب.

10/5/141128

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك