حسين مرتضى
ليست الحرب الدائرة في مناطق ريف ادلب بين ما يسمى "جبهة ثوار سوريا" وما يسمى بـ"جبهة النصرة" حديثة العهد، فهي جولة من جولات أمراء الحرب الناشئة ضمن عشرات المواجهات في تلك المنطقة وجوهر صراعها يقوم على تقاسم مناطق النفوذ والغنائم بمنطق اللصوص وقطاع الطرق.
بذور الخلاف بين ما يسمى "جبهة ثوار سوريا" والتي يقودها المدعو جمال معروف وما يسمى بـ"جبهة النصرة" ليست بالجديدة، فهي تعود لأشهر خلت، وتحديداً بعد سيطرة "النصرة" في شهر آب/أغسطس الماضي، على مناطق حارم وسلقين وريف جسر الشغور والواقعة على الشريط الحدودي مع تركيا في ريف إدلب والتي تعتبرها ما تسمى بـ"جبهة ثوار سوريا" مناطق نفوذ لها.
تجددت الاشتباكات والمواجهات في 27 تشرين الأول/أكتوبر، حيث لم يكن يوماً عادياً في منطقة جبل الزاوية، التابعة لريف إدلب، الاشتباكات تركزت في بلدة البارة والتي كان سببها هو دخول رتل عسكري تابع لما يسمى بـ"جبهة ثوار سوريا" الى البلدة في محاولة منه لاعتقال عدد من قادتها الذين انشقوا عنها وانضموا الى "جبهة النصرة"، وبالفعل تم اعتقال كل من "صالح العثمان"، وهو قائد سرية عسكرية تابعة لما يسمى بحركة "أحرار الشام " والمدعو "صبحي الإبراهيم" أحد عناصر تلك السّرية.
ولم يكتف عناصر "جبهة ثوار سوريا" بذلك بل اعتقلوا عدداً من عناصر ما يسمى بـ"حركة احرار الشام" و"جبهة النصرة"، مما استدعى هرب تلك العناصر الى بلدة كنصفرة المجاورة، وطلب عناصر "جبهة النصرة" المؤازرة من قيادتهم في ريف ادلب، ما أدى الى التدخل في المعركة واستقدام تعزيزات الى بلدة كنصفرة والبارة وعدد من البلدات المجاورة. في الوقت نفسه دخلت على خط المواجهة عناصر من ما يسمى "جند الاقصى" لمساندة "النصرة" في مواجهاتها، لتتمكن "النصرة" وما يسمى بـ"جند النصرة" من طرد عناصر ما يعرف بـ" جبهة ثوار سوريا" من بلدات ابلين وابديتا وبليون وبلشون، ووصلت الاشتباكات حتى مدينة معرة النعمان في الريف الجنوبي لادلب.
ومع كل اصوات الرصاص التي اطلقت في المعارك الدائرة بريف ادلب، كان هناك صوت أعلى وهو الصوت الحقيقي لتلك المعارك التي تدور بين اللصوص انفسهم، حيث يتلخص السبب الحقيقي وراء تلك المعارك بعمليات سرقة وتهريب النفط من سوريا إلى تركيا، والتي تعتمد على مجموعات صغيرة من الطرفين بعد أن باتت تلك التجارة عصابات تشرف عليها في ريفي حلب وادلب بالقرب من الحدود السورية التركية، تتعاون تلك العصابات مع المجموعات المسلحة التي تنال حصتها من النفط.
الحكاية بدأت من سوق معرة مصرين في ريف ادلبالحكاية بدأت من سوق معرة مصرين في ريف ادلب، والذي يمثل أحد أهم أسواق تهريب النفط المسروق، حيث يشكل المنطلق الرئيسي لصهاريج النفط الى تركيا، عابرة طريق معرة مصرين، حارم، سلقين، دركوش، الأراضي التركية، ومستخدمة أنابيب ممدودة في نهر العاصي، بالاتفاق مع تجار أتراك على الطرف الآخر، الرحلة التي يقطعها النفط ليصل الحدود التركية يمر عبر مناطق تسيطر عليها مجموعات "داعش" في الرقة أو دير الزور، حيث تبيع "داعش" النفط للمجموعات المسلحة، بشرط يفرضه المشتري وهو أن تخرج قافلات النفط من مناطق "داعش" آمنة دون أن يمسسها سوء، حيث كان يخرج ما بين 20 و 30 صهريج مازوت يومياً من مناطق "داعش".
ويصل هذا الذهب الاسود الى ريف حلب او ادلب، إما مكرراً وجاهزاً للاستهلاك او خام، وهنا يبدأ عمل المصافي البدائية التي تشرف عليها تلك المجموعات، والتي بدورها تشرف على عمليات التهريب ومن بين تلك الكتائب التابعة لما يسمى بـ"جبهة ثوار سوريا"، وهي ما يعرف بـ"كتيبة الاخلاص إلى الله"، والتي تتواجد في الريف الواقع بين اللاذقية وادلب، والتي يتزعمها المدعو مؤيد غنام، ومجموعة تطلق على نفسها اسم "لواء ذئاب الغابة" بقيادة الملقب بالزعتر والذي يشرف شخصياً على العمليات، والتي تتم إما عبر قرية الحامضة القريبة من معبر باب الهوى السوري، عن طريق أنابيب ممدودة تحت الأرض بين البلدين، او عن طريق قريتي الريحانية وحجي باشا التركيتين والواقعتين على الحدود.
وبعد محاولات كثيرة من "جبهة النصرة" لاستمالة غنام والذي يعتبر من أهم مهربي النفط في شمال سوريا، والذي هرب منها بمساعدة قادته فيما يسمى "جبهة ثوار سوريا" الى انطاكية التركية، ما استدعى من "جبهة النصرة" التوجه مباشرة الى ما يسمى بـ"جبهة ثوار سوريا" لاقتسام ارباح بيع النفط السوري، حيث طرحت "جبهة النصرة" فكرة ان يقوم عناصر من ما اسموه "بيت مال المسلمين" بجمع الاموال العائدة من بيع النفط ومن ثم تقوم بتوزيعها بالتساوي بين "جبهة النصرة" وما يسمى "جبهة ثوار سوريا"، وبعد رفض تلك الجبهة هذا المقترح، بدأ التوتر يسود بينهم، وتطور حتى وصل الى مرحلة الاشتباك واجتياح المناطق، في محاولة للسيطرة على ذلك الطريق الواصل حتى الحدود التركية.
33/5/141104
https://telegram.me/buratha