يتوقَّع أحدث تقرير للمرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمجموعة البنك الدولي أن يبلغ معدل النمو في المنطقة 4.2 في المائة في المتوسط عام 2015، بزيادة طفيفة عن مستواه في 2013 و2014. ويمكن أن يصل مُعدَّل النمو الاقتصادي إلى 5.2 في المائة في حال زاد حجم الاستهلاك المحلي، وانحسرت التوترات السياسية التي ستؤدي إلى جذب الاستثمارات في مصر وتونس، واستئناف انتاج النفط في ليبيا بشكل كامل.
وتقول إنغر أندرسن، نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "إن الصراعات العنيفة في سوريا والعراق وغزة واليمن وليبيا وما لها من آثار على لبنان والأردن قد تلقي بظلال قاتمة على آفاق النمو الاقتصادي للمنطقة. لكن الإمكانيات الهائلة للمنطقة – شبابها المتعلمين وموقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية – تُحتِّم على المجتمع الدولي أن يتكاتف لمساندة التعافي مثلما فعل في عام 1944 حينما كانت أوروبا غارقة في الصراعات."
وسيتراجع النمو في هذه البلدان بسبب الصراعات في المنطقة، بما في ذلك الحرب الأهلية في سوريا التي تمر الآن بعامها الرابع، وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من سوريا والعراق، والحرب المُدمِّرة في غزة في يوليو/تموز- أغسطس/آب 2014، واستمرار حركات التمرد في اليمن. وفي البلدان السائرة على طريق التحوُّل، من المتوقع أن ينتعش معدل النمو إلى 3.1 في المائة في مصر، و2.7 في المائة في تونس، و4.6 في المائة في المغرب. لكن اختلالات الاقتصاد الكلي وأجندة الإصلاح التي لم يكتمل إنجازها، ومن ذلك إصلاح نظام الدعم، تقف عثرة في طريق اجتذاب الاستثمارات المحلية والأجنبية اللازمة لتحقيق نمو مستدام. وفيما يتعلَّق بالبلدان الأخرى، ستبقى معدلات النمو في الجزائر وإيران في نطاق 2-3 في المائة، وتبلغ في المتوسط 5 في المائة في البلدان المرتفعة الدخل (كل مُصدِّري النفط والغاز في منطقة الخليج)، لكن مجموعة من المشكلات الهيكلية ومواطن الضعف المحتملة في سوق النفط العالمية قد تحد من قدرتها على تسجيل معدلات نمو مرتفعة في المستقبل.
ويُركِّز المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وجه الخصوص على الآثار الضارة لنظم الدعم الباهظة التكلفة في المنطقة. وتشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوقت الحالي نموا دون إمكانياتها، وارتفاع معدلات البطالة، وتلوُث الهواء والاختناق المروري في المناطق الحضرية، وتُقوِّض الندرة الشديدة لموارد المياه قطاع الزراعة. ويشرح التقرير كيف أن نظم دعم الطاقة ساهمت في خلق هذه التحديات الإنمائية. ويجب أن يكون الإصلاح أحد أهم أولويات واضعي السياسات.
وفي معرض حديثه عن هذا التقرير، قال شانتا ديفاراجان، كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي " دعم الطاقة وتقييد المنافسة يشجعان على الإنتاج كثيف الاستخدام لرأس المال، ومن ثمَّ تثبيط الأيدي العاملة وإضعاف مستويات التوظيف، الأمر الذي يسهم في تفشِّي البطالة في المنطقة. ومع ارتفاع أسعار الطاقة، ستتحول الموارد نحو الصناعات الخفيفة، والإنشاءات، والقطاعات الأخرى كثيفة الاستخدام للعمالة، وكذلك نحو الشركات الأصغر الأكثر حيوية ونشاطا."
وتؤيد الشواهد التي بدأت تتكشَّف وجود علاقة إيجابية بين أسعار الوقود ونمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وخلق فرص العمل والتوظيف، وأداء قطاعات النقل والمياه. ويحث التقرير حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على خفض دعم الطاقة من أجل خلق اقتصاد يتسم بالنشاط والحيوية وكثيف الاستخدام للأيدي العاملة وتسانده حركة عمران واسعة وقطاع زراعي منتج.
27/5/141017
https://telegram.me/buratha