التقارير

الحملة الأميركية ضد الإرهاب، ام لرسم حدود إمارات التطرف ؟

1348 08:10:25 2014-09-22

سركيس ابو زيد * كاتب ومحلل سياسي لبناني

استغلت الولايات المتحدة تمدد " داعش " على ضفتي الحدود السورية والعراقية وخوف جيرانها من قدرتها على اجتياح الحدود والدول والمجتمعات فاعلنت حربها الثانية على الإرهاب لارهاب دول المنطقة وإعادة رسم حدود الامارات التكفيرية المتطرفة . حربها الأولى ضد  "القاعدة " باءت بالفشل . جردة حساب سريعة تظهر ان الإرهاب توسع اكثر واصبح اكثر توحشا وبطشا وانتشارا  .  وهكذا أزداد الحديث عن خطورة ھذه الظاھرة التي تتجاوز سوريا والعراق  لتصل إلى الخليج و أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

 حملة اميركا جادة ام إعلامية واستعراضية ؟

 حاول أوباما الهروب من استحقاقات ما يجري في المنطقة ، فاضطر  الى الانخراط في المعركة  لان هناك مخاوف أميركية من أن تتوسع "داعش" بالزحف نحو دول  أخرى. ما يقلق الرئيس الأميركي ھو أن يعود الإرھاب الى الساحة الأميركية حيث يتردد أن لـ "داعش" خلايا نائمة داخل الولايات المتحدة، وأن زھاء    200أميركي يقاتلون في صفوف "داعش " .

كما أن واشنطن قلقة من إمكان استيلاء التنظيم، على أسلحة كيماوية  من بينها غاز الكلور، بعدما استولت على مستودع للأسلحة  الكيماوية في العراق. ھناك مصلحة أمريكية في القضاء على تمدد "داعش" في العراق، وربما يكون أحد أھم عناصر تحقيق ذلك ھو عن طريق إضعاف بيئتها ومستودعها الاستراتيجي في سوريا، وذلك  للتخلص من التهديد القائم على النفط العراقي ومن إمكانية تعاظم قوة التنظيم ليصل تهديده الى الغرب .

فالحرب على "داعش" لن تكون عسكرية فحسب.، انها سياسية بامتياز ولن تنجح الحرب على الإرھاب ما لم تجد أزمات المنطقة تسويات وحلولاً مرضية لكل اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين..

فقد أيقظت المخاطر الوجودية  مخاوف جميع اللاعبين في الشرق: أسقطت سياسات وحدوداً وأحلاماً وأوھام، ونجحت في تحريك  أكثر من ساحة  ومسألة.

فالتحالف الدولي الذي يتشكل لمواجهة  "داعش" فرضته الضرورة القصوى وليست القناعات والسياسات الواقعية . قام على صفيح ساخن وتداعي مواقع ھنا وھناك. كأن ظروف الصفقة الكبرى لم تنضج بعد، تظل المنازلة الحاسمة في سوريا ھي المحك،  لمدى جدية أھل المنطقة ولعزيمة المسؤولين الأميركيين والأوروبيين الذين يعدون العدة لضرب "داعش"  ، ويقرون باستحالة القضاء عليها ما لم يشمل مسرح العمليات الساحة السورية و لبنان الذي ينجر إلى الأتون المشتعل. أيًا كان شكل التحالفات والتفاھمات في الحرب على "داعش"، فإن القضاء على حركات الإرھاب سيظل رھن الصفقة الكبرى التي تعيد التوازن بين قوى الإقليم .

فلو كانت واشنطن صادقة في حربها ضد الإرهاب كانت افسحت المجال امام مجلس الامن باتخاذ قرار اممي يشرك المنظمة الدولية بما فيها روسيا والصين وايران والحكومات الشرعية لاسيما سوريا والعراق ولبنان .لكنها فضلت استغلال الإرهاب لانشاء محور جديد للضغط على روسيا وايران وسوريا .وتعزيز الانقسام في العالمين العربي والإسلامي وأثارت صدام المحاور والفتن حتى تتمكن مع إسرائيل على ضبط الصراعات والتحكم بمسار الدول ومستقبلها .

لذلك  اعتمدت اميركا على الاكراد في شمال العراق كطرف رئيسي  لقتال "داعش"،حتى تقدم لهم فيما بعد كمكافأة وهدية لمساهتهم دولة كردية تتوسع في العراق وتتمدد في سوريا وتقلق ايران وتركيا  . لذا قامت بعملية تسليح وتقوية جيشهم (البشمركة)، حيث بدأ الأكراد يعدون أنفسهم لدور رئيسي في قتال تنظيم "داعش" المتمركز في شمال شرقي  سوريا حيث معاقل الأكراد الأساسية في الحسكة ودير الزور والرقة والقامشلي.

وفي ھذا السياق بدأت عملية تعاون وتحالف بين الأكراد وفصائل عسكرية في شمال سوريا، لقتال "داعش". حيث  أعلنت عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة، فحققت "وحدات حماية الشعب الكردي"  في الحسكة(شمال شرقي سوريا)  ، تقدما نوعيا.  .

السؤال هنا: ھل تعمل واشنطن للقضاء على "داعش"؟ و كيف؟ وماذا بعد ذلك؟

روسيا لاتعتقد أن هذه الحرب ضد "داعش" ستكون ناجحة من دون الشريك الإيراني، ولكن هذا لم يتحقق بفضل الامريكين الذين وبالاتفاق مع دول خليجية أحبطوا هذا التوافق بسبب دورها في سوريا كما يدعون.

وبالرغم من ان العلاقة بين إيران والولايات المتحدة تتصف بالتجاذب بين الطرفين  ، فجون كيري يصرح تارة بأنه لا دور لإيران في هذه الحرب بسبب تورطها في سوريا، وتارة أخرى يوحي بأن هناك تعاوناُ مشتركاُ يجري بينهما بشكل غير مباشر..

من الواضح أن واشنطن غير متفقة مع إيران في سورية، فهي لاتريد اي تنسيق عسكري معها لأن ذلك يتطلب مفاوضات حول مستقبل  سوريا، الذي من شأنه أن يفتح على الخط نفسه على المفاوضات النووية  مما يؤدي إلى خلط الأوراق والحصص والعروض، فكلاهما بحاجة إلى التنسيق بينهما للحفاظ على مصالحهما والقضاء على المد الداعشي في المنطقة..

    المسألة تختلف في سوريا، بالرغم من أنه يشكل الميدان الهدف الرئيسي في هذه الحرب، فلا اميركا وحلفاؤها راغبون في ضرب "داعش" وتقوية النظام السوري  وإيران،ولا روسيا وايران يقبلان في اتخاذ هذه الخطوة كذريعة لضرب النظام  ، والخطة الأميركية تهدف الى إضعاف الطرفين "داعش" والنظام، وإرساء توازن قوى جديد يتيح أما إدارة لأزمة طويلة، وإما حلا سياسيا يكرر النموذج العراقي (فدرالية الأرض) او النموذج اللبناني ( فدرالية الجماعات ).

 الحملة الأميركية قد تبدأ في العراق وتتوسع باتجاه سوريا ولبنان لرسم حدود داعش وتهديد سوريا والمقاومة في لبنان .لكن اميركا قادرة على بدأ المعركة لكنها غير قادرة على التحكم بنتائجها وبنهايتها . وفي كل الحالات المعركة بدأت ومصير المنطقة تقرره شعوبها .

منطقة الشرق الأوسط في سباق بين حروب صغيرة وتسويات بالمفرق لان الحرب الشاملة مكلفة والتسوية الكبرى متعثرة ومؤجلة حتى الان .

19/5/140922

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك