لم يفاجئ الرئيس الأمريكي باراك أوباما شعوب المنطقة بكلمته التي أعلن فيها عن خطته المزعومة لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي إذ أنها لم تخرج عن التوقعات ولاسيما أنها أكدت رغم استخدامه كالعادة عبارات قوية توحي بأن واشنطن تريد القضاء على هذا التنظيم..عدم جدية إدارته في مكافحة الإرهاب واستمرارها في سلوك الطريق الخطأ لمجابهة هذا التنظيم الذي تتحمل إدارته مع أتباعها مسؤولية إيجاده وخطورة انتشار إجرامه ليطول العالم بأسره.
وواصل أوباما الادعاء في كلمته التي أقر فيها بأن خطر تنظيم داعش قد ينتقل إلى خارج المنطقة ويشكل تهديداً حقيقياً للولايات المتحدة وأوروبا بأن بلاده “ستواجه هذا الخطر بحزم وتصميم وستتخذ الإجراءات لوقف تقدمه” إلا أنه اكتفى بالحديث عن “توسيع الغارات التي تشنها الولايات المتحدة منذ شهر في العراق ضد التنظيم لتشمل أيضاً سورية وإرسال عدد من الجنود لمساعدة العراقيين دون مهمات قتالية” مبتعداً عن المسلك الناجح لمكافحة الإرهاب والذي يدعو بداية إلى العمل على تجفيف منابعه ومعاقبة من يموله ويمده بالأسلحة ويرعاه والتعاون مع جميع حكومات المنطقة للتغلب على هذا الخطر.
إلا أن أوباما وبدلاً من أن يعلن عن مثل هذا التعاون عبر مجدداً عن حقيقة تحرك إدارته المزعوم ضد الإرهاب من خلال الاستمرار في اتباع المعايير المزدوجة والتمييز بين الإرهابيين وهو ما أوصل المنطقة إلى هذا الدرك من الإرهاب إذ اعتبر انه وبدلاً من التعاون مع الحكومة السورية يجب العمل على دعم من سماهم المعارضة المعتدلة والتي تمارس الإرهاب حتى الآن وفق الرؤية والمصالح الأمريكية.
وتجاهل أوباما الذي اعترف بوجود مئات الأوروبيين والأمريكيين والأجانب الذين انضموا لتنظيم داعش الإرهابي واحتمال عودتهم إلى بلدانهم لشن هجمات داخلها أن من يسميهم تنظيمات “المعارضة المعتدلة” ودعمتهم واشنطن انضوى عدد كبير منها في القتال إلى جانب تنظيم داعش وقد حذر سابقاً العديد من المسؤولين الأجانب من مغبة تزويد هذه التنظيمات بالأسلحة لخطورة وقوعها لاحقا في يد إرهابيي تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين وهو ما حصل فعلاً بينما تؤكد المعلومات الأخيرة المتوافرة أن الصحفي الأمريكي المختطف ستيفن سوتلوف والذي ذبحه التنظيم بكل وحشية كان في أيدي التنظيمات التي تسميها واشنطن معتدلة وقد تم بيعه لداعش وفق ما أكدته عائلته.
وبالعودة إلى خطة أوباما المزعومة التي ستعتمد بشكل أساسي على الضربات الجوية ضد مواقع التنظيم فإنها وفق العديد من المحللين السياسيين لن تكون كافية ولن تحقق الغاية المرجوة إذا لم تترافق مع تجفيف منابع الإرهابيين وضبط الحدود المجاورة للعراق وسورية ووقف تمويل الإرهابيين.
في حين تبرز من جهة تنفيذ الغارات الجوية العديد من الأسئلة وفق قناة سي إن إن الأمريكية إذ أن “هذه الغارات المستمرة منذ أكثر من شهر في العراق لم تستهدف حتى الآن أياً من القادة الكبار للتنظيم” وهو ما جعل منتقدي الإدارة الأمريكية يحتدمون غيظاً حيث يرون أن على القوات الأمريكية أن تضع الكثير من الضغوط على متزعمي داعش وبشكل خاص زعيمهم أبو بكر البغدادي.
ووفق القناة الأمريكية فإن “أبو بكر البغدادي لم يوضع كهدف من أهداف الطائرات الأمريكية حتى الآن” لافتة إلى أن “أي مهمة لقتله يجب أن يوافق عليها الرئيس أوباما”.
وبينما تتساءل القناة عن “سبب عدم توجيه الرئيس الأمريكي أي أوامر حتى الآن بشأن استهداف البغدادي وهل ذلك مرتبط بعدم وجود مخابرات جيدة بما فيه الكفاية لتفوض بشن غارة جوية على البغدادي” يرى محللون ومتابعون لتطورات الأوضاع في المنطقة أن سياسة أوباما تقوم حالياً على الاستفادة من تنظيم داعش ومحاولة تنفيذ أجندات إدارته بعيداً عن كل الأخطار الحقيقية المحدقة من جراء عدم مجابهة هذا التنظيم الإجرامي بالطريقة الصحيحة والذي لن يقتصر خطره على المنطقة فحسب وإنما سيشمل كل دول العالم.
جريدة البينة البغدادية
11/5/140916
https://telegram.me/buratha