قال العقيد تيم كولنز، الضابط المتقاعد بالجيش البريطاني الذي عاد مؤخرا من كوردستان العراق، إن لدى الغرب عموما، وبريطانيا خصوصا، مسؤولية تجاه العراقية بعدما ساهمت بتشكيله قبل عقود،
مضيفا أن هزيمة داعش غير ممكنة دون معالجة مشكلة الاضطهاد الذين يعيشه السنة في الشرق الأوسط، وحذر من أن التنظيم قد ينتصر على كل خصومه رغم الدعم الدولي لهم، كما انتصر الحزب الشيوعي على خصومه بروسيا وأسس الاتحاد السوفيتي.
وردا على سؤال لـCNN حول أسباب قوله بأن لبريطانيا والدول الغربية مسؤولية حيال العراق قال كولنز: "بريطانيا صنعت العراق عام 1920 وذلك عبر ضم ثلاث ولايات كانت تابعة للدولة العثمانية، وهي البصرة الشيعية والموصل الكردية وبغداد السنية، ولكن بعد ما حصل في السنوات الماضية التي شهدت تدخلنا عسكريا بالعراق إلى جانب دول أخرى بينها أمريكا، عاد طرح الولايات ليظهر من جديد وبات من الصعب الحديث عن أمة عراقية."
وشدد كولنز على ضعف السيطرة المركزية للحكومة بالقول: "السلطة الحقيقية لرئيس الوزراء في بغداد تقتصر على مناطق الجنوب الشيعية، فلا وجود للجيش العراقي قرب مناطق المعارك بالشمال، كما أن هناك من أعلن قيام خلاقة تتركز من حيث النفوذ في مدينة الموصل، مع امتدادات تصل إلى أطراف حلب وديرالزور في سوريا، في حين أن العاصمة هي الرقة، ولدينا أيضا الحكومة الإقليمية الكردية التي تسير بشكل متسارع نحو الاستقلال."
وعن نوع التدخل الغربي المطلوب قال الضابط البريطاني المتقاعد: "هناك بالطبع الجهد الدبلوماسي المطلوب لدفع العراقيين إلى التفكير بقيام بلد متوازن، وهذا ما قد لا يحدث، ففي الشمال يحتاج الكورد إلى ثلاثة أمور هي المعدات والذخائر والتدريب العسكري لمواجهة تنظيم داعش المدجج بالسلاح بعدما سيطر على معدات أمريكية متطورة كانت بحوزة الجيش العراقي الذي فر وتركها."
وأضاف: "كما أن هناك ضرورة إلى التحدث للعشائر السنية التي تمتلك القدرة على طرد تنظيم الدولة الإسلامية، وقد سبق لها أن فعلت ذلك ولكن العشائر ستطالب أولا بالحصول على الدعم على غرار الكورد وستسأل عما سيحصل بعد هزيمة داعش وما إذا كان سيطلب منها العودة لتكون تحت جناح الحكومة العراقية ويعود أبناؤها ليصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية أم أنها ستحصل على حصة أكبر من التركيبة السياسية."
وأردف كولنز قائلا: "الحل يكمن في المنطقة الشمالية الغربية مما نسميه العراق، والتي باتت مفتوحة على الجانب السوري حيث تأسست الخلافة، وكذلك في المناطق الشيعية والكردية، والجميع هناك لا يرغبون بسماع ما تقوله الحكومة العراقية، بل يريدون طرفا خارجيا يمكنهم الوثوق به، قد يكون ذلك الطرف أحد الوزراء الأتراك، لأنني لا أظن أننا نحن الإنجليز لدينا شخص يمكن للعشائر الوثوق به، ربما قد يكون هناك ضابط كبير في القوات الأمريكية يحظى بتلك الثقة."
ولدى سؤاله عمّا إذا كان يمكن لضابط أمريكي القيام بهذه المهمة واسترداد ثقة العشائر السنية رغم انتمائه إلى قوات غزت العراق رد كولنز بالقول: "البديل هو الوقوف مكتوفي الأيدي وعدم فعل شيء، ولكن ما أقوله هو أننا لا يمكننا التسامح مع وجود خلافة على شكل حكومة طالبان في أفغانستان، التي كانت تتبنى سياسات مشابهة دون تطلعات خارجية، ومع ذلك اضطررنا إلى إنهاء وجودها بعملية عسكرية، بينما الخلافة القائمة حاليا تقول علنا أنها تعتزم مقاتلتنا إذ لديها نوايا حربية."
وحذر كولنز من مغبة التقليل من خطر داعش بالقول: "إذا نظرنا إلى فترة الحرب العالمية الأولى التي شهدت ولادة تلك الدول، فسنلاحظ أن حركة ولدت في روسيا تدعى الحزب الشيوعي خاضت حربا ضد قوات محلية مدعومة من القوى العالمية، واعتقد الجميع أن ذلك الحزب سيهزم، ومع ذلك انتصر الحزب وأسس الاتحاد السوفيتي، هذا قد يحصل مجددا."
وأضاف: "هل نحن في نهاية حقبة بالنسبة للعراق؟ كلا. فنحن قد نكون في وسطها، وقد ينتهي المطاف بالعراق إلى التحول لبلد فيدرالي للسنة والشيعة والكورد وعدد من الأقليات مثل المسيحيين واليهود والصابئة، ما قد يكون خيارا أفضل، ولكننا مازلنا بمرحلة مبكرة للغاية ولا يمكننا التوقع."
وحول الطريقة التي يمكن عبرها إلحاق الهزيمة بداعش قال كولنز: "لا طريقة لإلحاق الهزيمة بداعش إلا بانفضاض السنة والمسلمين في المنطقة عن التنظيم، ولكن المشكلة أن السنة – وهم 90 في المائة من سكان المنطقة - يشعرون باضطهاد شديد، فهم ينظرون حولهم ولا يرون إلا حكاما طغاة مثل بشار الأسد أو صدام حسين أو عائلات حاكمة تعيش ببذخ ولا تشارك ذلك مع الشعب، وينظرون إلى دول مثل مصر.. وأنظمة مثل نظام القذافي أو تونس."
وأضاف: "أنا على ثقة أن الحكام في السعودية والإمارات والأردن يحاولون دراسة تأثير هذه الأخطار عليهم، كما أن لبنان بدوره تعرض للهجوم، وقتل عدد من جنود الجيش، ولا يمكننا القول بأن كل السنة في لبنان يؤيدون الجيش، وهنا تكمن المشكلة.. الأمر ينتشر مثل السرطان وكما انتشرت الشيوعية في السابق."
وحول تركيبة داعش قال الضابط البريطاني، "التنظيم مكون من ثلاث قوى: الجهاديون المتشددون المتعطشون للدماء والذين سيطرت الأفكار الشريرة على عقولهم. والعناصر السابقة في النظام العراقي، وهم من العسكريين والتقنيين البعثيين الذين حصلوا على تدريبات عالية ولديهم قدرة استخدام المعدات الأمريكية التي سيطر عليها التنظيم. ولدينا المجموعات الشعبية العادية، وهي بمعظمها عشائرية تلتزم بآراء شيوخ العشائر، وهي تركيبة مماثلة لتركيبة طالبان التي قامت لاحقا بإلغاء دور شيوخ العشائر، وأتوقع أن تقوم داعش بالأمر عينه فتهاجم الشيوخ، وقد بدأت بفعل ذلك في الأنبار وسوريا."
29/5/140817
https://telegram.me/buratha