التقارير

طريق حيدر العبادي معبّد وشائك!

2511 08:15:40 2014-08-15

بغداد ـ عادل الجبوري

رغم انه لم يكن حتى وقت قريب من المرشحين الاساسيين لمنصب رئاسة الوزراء، كبديل عن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، الا ان حيدر العبادي الحاصل على شهادة الدكتوراه في هندسة الكهربائيات والالكترونيات من جامعة مانشستر في بريطانيا والعضو القيادي في حزب الدعوة الاسلامية، كان اسما حاضرا في المشهد السياسي العراقي طيلة الاعوام الاحد عشر الماضية، فمن عضو في المجلس الوطني المؤقت، الى وزير للاتصالات في الحكومة المؤقتة التي تشكلت عام 2004 برئاسة اياد علاوي، الى عضو في البرلمان لدورتين، ورئيس للجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية (2006-2010)، ورئيس للجنة المالية النيابية (2010-2014)، وأحد المقربين لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، الى جانب كونه مارس العمل السياسي في صفوف حزب الدعوة طيلة اربعة عقود من الزمن، حيث تدرج في المواقع والمسؤوليات ضمن الهيكل الحزبي.

بعبارة اخرى لم يأت العبادي الى الموقع التنفيذي الاول، الذي اثير بشأنه الكثير من الجدل والسجال في عامي 2006 و2010، واكثر منه في هذا العام، من فراغ، وانما جاء محملا برصيد متعدد العناوين، اكاديميا وسياسيا وحزبيا وبرلمانيا. فضلا عن دائرة علاقات جيدة مع قوى وشخصيات من اطياف متعددة في النسيج السياسي العراقي، وهو ما يتيح له التحرك بمرونة واريحية لتشكيل الحكومة الجديدة.

وسواء نظر اليه البعض كشخصية حزبية معبأة بأيديولوجية معينة تراكمت وترسخت بحكم عوامل موضوعية وذاتية عديدة، او نظر اليه البعض الاخر كشخصية تكنوقراطية ارتباطا بتخصصه الاكاديمي، وتجربته المهنية، فإنه يمكن استثمار كلا الامرين في المهمة المنوطة به بدءا من تشكيل الحكومة، مرورا بإحراز ثقة البرلمان، وصياغة ووضع برنامج عملها، واليات وسياقات تعاطيها مع مختلف الملفات والمشاكل والازمات التي يواجهها البلد، وما اكثرها.

الواقع السياسي العراقي الراهن يفرض التعامل مع العناوين والمسميات الحزبية، ان كان تحت مسمى الشراكة او التوافق او المحاصصة، هذا من جانب، ومن جانب اخر يتطلب الواقع الاقتصادي والخدمي والامني الاعتماد بقدر كبير على اهل الخبرة والاختصاص والمهنية، للتغلب على مشاكل وازمات حياتية كثيرة وكبيرة، لا يمكن الانتقال بالبلد الى مراحل اخرى، دون معالجتها واحتوائها.

نقاط القوة

من جهة، يمتلك العبادي نقاط قوة تساعده على تحقيق نتائج طيبة بمهمته الجديدة، ومن جهة اخرى فإنه سيواجه تحديات ومصاعب غير قليلة ولا هامشية، فأما من بين نقاط قوته فهي:

-التأييد والدعم الوطني الواسع الذي يحظى به، فحتى لو افترضنا ان جزءا من ذلك الدعم والتأييد هو في الواقع تعبير عن رفض لحقبة المالكي والسعي لطي صفحاتها، وبحثا عن التغيير، فإنه لا بد ان يساهم ذلك الدعم والتأييد بالدفع نحو ايجاد مخارج مناسبة ومقبولة لقدر غير قليل من الاختلافات والتقاطعات والتشنجات التي طغى عليها الطابع الشخصي اكثر مما ارتبطت بمصالح الوطن والمواطن.

ما مطلوب من العبادي-مثلما اكد زعيم سياسي عراقي بارز له في اتصال هاتفي مهنئا اياها بالمنصب الجديد-تصحيح اخطاء المرحلة السابقة، وايجاد ارضية واسعة من التفاهمات بين القوى السياسية المختلفة، وهذا ممكن ومتاح الى حد كبير، ولا سيما أن خطر الارهاب الداعشي بات يستهدف الجميع دون استثناء.

وما يعزز ويقوي التأييد والدعم الوطني للعبادي، هو التأييد والدعم الاقليمي والدولي، وبدون ذلك الدعم والتأييد، وخصوصا من قبل القوى الاقليمية والدولية المؤثرة الى حد كبير في الملف العراقي، من الصعب بمكان ان يتمكن المسؤول التنفيذي الاول من العمل وتحقيق انجازات يعتد بها.

ربما في مثل تلك الظروف والاوضاع المعقدة والشائكة، وفي ظل الخطر الواسع الذي اصبح تنظيم داعش يشكله على المحيط الاقليمي وعموم الساحة الدولية، يشعر الفرقاء الاقليميون والدوليون بالحاجة الماسة الى نوع من التفاهمات الملحة والضرورية بشأن الملف العراقي وملفات اقليمية اخرى، وتغيير الوجوه والمنهجيات من الممكن ان يمثل مدخلا مناسبا ومعقولا لذلك التغيير.

اضف الى ذلك فإن طبيعة شخصية رئيس الوزراء الجديد تعد عاملا مؤثرا بنسبة غير قليلة في امكانيات نجاحه بمهمته الجديدة، اذ لم يعرف عن العبادي انه شخصية مثيرة للجدل، وتبحث عن معارك وصراعات مع الاخرين، رغم انه بدا في مناسبات عديدة حادا وصريحا تحت قبة البرلمان وعبر المنابر الاعلامية في مناسبات عديدة.

بعبارة اخرى، لا توجد مشاعر احتقان وتشنج ورفض له على الصعيد النفسي من قبل الاخرين، واذا كان هناك مثل تلك المشاعر فإن نسبتها صغيرة وتكاد تكون غير ملموسة، ولكن التصدي لرئاسة الوزراء، وحجم التعقيدات القائمة، والملفات الشائكة، قد يخلق احتكاكات وتقاطعات، وهذا امر طبيعي، يتطلب تعزيز وتكريس ارضيات ومناخات واجواء الحوارات والتوافقات والتفاهمات الضرورية، خصوصا في الملفات الحيوية، والسياسات الاستراتيجية المهمة.

مصاعب وتحديات

اما من بين التحديات والمصاعب التي سيواجهها العبادي، فهي:

ارضاء جميع القوى السياسية الوطنية، في ظل بيئة سياسية تتسم بقدر كبير من التعقيد، واهتزاز الثقة، ان لم يكن انعدامها، بين البعض، فضلا عن الثقافة المطلبية لمختلف القوى، التي دائما ما تفكر بماذا ستحصل قبل ان تفكر كم ستعطي؟.

ولعل ذلك سيبرز جليا مع الخطوات الاولى لتشكيل الحكومة وتوزيع المناصب والمواقع الحكومية. واغلب الظن ان التجاذبات والمساومات التي شهدتها مخاضات تشكيل الحكومات السابقة في الاعوام 2005 و 2006 و 2010، ستهيمن على المشهد الى حد كبير، وعلى رئيس الوزراء المكلف ان يظهر اقصى قدر من البراعة في التعاطي مع هذا الواقع.

 على رئيس الوزراء المكلف ان يظهر اقصى قدر من البراعة ادارة الملف الامني في ظل تمدد الارهاب الداعشي الى مساحات واسعة في شمال وغرب البلاد، وتضرر شرائح اجتماعية واسعة، جراء العمليات العسكرية، سواء بترك بيوتها وممتلكاتها والنزوح الى مدن ومناطق اخرى، او سقوط ضحايا ابرياء منها، او تحولها لدروع بشرية ورهائن بيد الارهابيين.

وطبيعي ان اي اجراءات تتخذها الحكومة، ستجد من يعترض عليها ويشهّر بها من الداخل او من الخارج ، حتى لو كانت مهنية وموضوعية وضرورية ومنتجة.

قد يساهم الغطاء السياسي الذي تبلوره وتنتجه التفاهمات بين الشركاء في احداث نقلات وتحولات مهمة في الملف الامني، الا ان الامر لن يكون سهلا ويسيرا مثلما يعتقد البعض، في ذات الوقت فإن القدر الاكبر من الضغط سيكون موجها لرئيس الوزراء باعتباره القائد العام للقوات المسلحة بحسب الدستور.

بما ان العراق واقع في بيئة اقليمية تتجاذبها المشاكل والازمات، وتنشط فيها الاصطفافات، وتتزايد ضمنها حدة الاستقطابات المذهبية والطائفية والقومية، بل واكثر من ذلك يبدو العراق وكأنه محور لتلك البيئة الملتهبة والمتأزمة، فإن على رئيس الوزراء ان يتبنى سياسات خارجية تجنب البلاد الوقوع في فخ الاصطفافات والاستقطابات، وتبقيه على علاقات ايجابية وطيبة مع حلفائه واصدقائه، وتذوّب ولو بعضا من الجليد الذي يفصله عن هذا الطرف الاقليمي او ذاك لاي سبب كان.

والحقيقة التي لا بد من الاقرار بها والتعاطي معها، ان مصادر وارضيات الاستقرار السياسي والامني والازدهار الاقتصادي والحياتي في العراق، لا تقتصر على الداخل العراقي، بل ان جزءا منها يمتد الى ما وراء حدوده الجغرافية، ولعل الاعوام العشرة الماضية بما حفلت به من احداث ووقائع مؤلمة اثبتت تلك الحقيقة بأوضح وأجلى صورة.

باختصار شديد، جزء من طريق رجل الكهربائيات والالكترونيات، وحامل فكرة الدعوة الاسلامية، والقادم الى رئاسة الحكومة من تحت قبة البرلمان بعد رحلة ثمانية اعوام فيه، جزء من طريقه معبّد وسالك، وجزء اخر منه وعر وشائك!.

18/5/140815

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك