بغداد ـ عادل الجبوري
ترقب الكثير من العراقيين بقلق وتوجس الساعات القليلة قبل انقضاء المهلة الدستورية المحددة لرئيس الجمهورية لتكليف مرشح الكتلة البرلمانية الاكبر بتشكيل الحكومة الجديدة.
في الساعة الثانية عشرة فجر يوم الاثنين تنتهي المهلة الدستورية، في ظل غياب مؤشرات ايجابية ملموسة داخل التحالف الوطني على التوافق بشأن اختيار المرشح المناسب والمقبول.
وما زالت الخلافات على اشدها بين "ائتلاف دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، والمرشح من قبل "ائتلافه" لولاية ثالثة، وبين قوى التحالف الأخرى، المتمثلة اساسا بالتيار الصدري والمجلس الاعلى وقوى صغيرة أخرى مثل حزب "الفضيلة" وتيار "الاصلاح الوطني"، التي ترفض رفضا قاطعا بقاء المالكي، وتدعو الى الالتزام بتوجيهات المرجعية الدينية في النجف الاشرف التي تؤكد على رفض التشبث بالمناصب، وطرح مرشح مقبول على الصعيد الوطني وقادر على جمع كل القوى الوطنية واصلاح الواقع.
و"دولة القانون" الذي يمتلك مع حلفاء صغار اكثر من مائة مقعد برلماني بقليل، يعتبر بأنه الكتلة البرلمانية الأكبر، وعلى رئيس الجمهورية تكليف مرشحه لتشكيل الحكومة، بينما ترى الكتل الاخرى ان "التحالف الوطني" هو الكتلة البرلمانية الاكبر، و"ائتلاف دولة القانون" جزء منها، وعليه لابد ان يخرج المرشح لرئاسة الحكومة من رحم التحالف الوطني.
بيد ان القوى المعارضة لتوجهات "ائتلاف دولة القانون" لا يمكنها طرح مرشح بديل عن المالكي من دون التنسيق والتفاهم مع "دولة القانون" أو اطراف منه، وبحسب مصادر عديدة، شهدت الأيام القلائل الماضية اتصالات ولقاءات مع كل من منظمة بدر بزعامة هادي العامري، وكتلة مستقلون بزعامة حسين الشهرستاني، اللذين يعارضان تولي المالكي رئاسة الوزراء لولاية ثالثة.
وتشير المصادر الى ان اجتماعا لقوى "ائتلاف دولة القانون" عقد مساء يوم الاربعاء الماضي شهد تصعيدا كلاميا حادا بين المالكي والعامري، اثر مطالبة الثاني للاول بالتنحي وأفساح المجال لطرح مرشح اخر من ائتلاف دولة القانون، الامر الذي اثار حفيظة المالكي وغضبه، وتأكيده على انه "لولا الاصوات التي حصل عليها لما حصلت منظمة بدر ولا المستقلون على ما حصلوا عليه من مقاعد في البرلمان"، ليرد عليه العامري قائلا "لو لم تكن رئيسا للوزراء لما حصلت على نصف تلك الاصوات التي حصلت عليها".
وتؤكد المصادر ان وتيرة الاتصالات والتحركات المكوكية ازدادت منذ يوم امس للتوصل الى خيار توافقي، يتمثل بقبول المالكي التنازل عن الترشح، في مقابل طرح مرشح بديل له من "ائتلاف دولة القانون" باعتباره المكون الاكبر في "التحالف الوطني".
ويبدو ان كل من العامري والشهرستاني هددا بإعلان انسحابهما من "دولة القانون" في اللحظات الاخيرة قبل انتهاء مهلة التكليف، لتختلط الاوراق في حال اصر المالكي على موقفه، في حين تعكف قوى "الائتلاف الوطني" (المجلس الاعلى والتيار الصدري ومعهما تيار الصلاح الوطني) على دراسة عدة خيارات امام موقف المالكي، من بينها طرح مرشح باسم التحالف الوطني باعتباره الكتلة البرلمانية الاكبر، من خلال التنسيق بين كتلتي العامري والشهرستاني.
وكانت العاصمة بغداد قد شهدت يوم امس السبت تظاهرات تؤيد تولي المالكي منصب رئاسة الوزراء لولاية ثالثة، هذا في الوقت الذي توجه كل من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ورئيس البرلمان سليم الجبوري الى اقليم كردستان للقاء رئيس الاقليم مسعود البارزاني والتداول معه في اخر المستجدات بشأن الازمة السياسية، وقد جدد البارزاني تأكيده مرة اخرى على رفض الاكراد بقاء المالكي في السلطة، في حين اعرب الجبوري عن قلقه من تأخر الرئيس معصوم بتكليف مرشح الكتلة البرلمانية الاكبر، داعيا اياه الى "استغلال الوقت المتبقي ومساعدة الكتل له بالتسمية".
المالكي والجبوري .. المالكي حث الجبوري على الضغط على رئيس الجمهورية
المالكي حث الجبوري على الضغط على رئيس الجمهورية
وجاءت تصريحات الجبوري بعد لقاء جمعه اليوم الاحد بالمالكي قيل انه تمحور حول بحث الاوضاع السياسية والامنية في البلاد، لكن مقربون من مكتب رئاسة البرلمان اكدوا ان المالكي جاء لحث الجبوري على الضغط على الرئيس معصوم لتكليف مرشح "ائتلاف دولة القانون" بتشكيل الحكومة.
وينقل سياسيون مطلعون على جانب من الحراك السياسي خلف الكواليس، ان رئيس الجمهورية وبسبب الضغوطات المتعددة والمواقف المختلفة ، هدد باستخدام صلاحياته الدستورية وحل البرلمان في حال لم يقدم له مرشح مقبول ومتوافق عليه خلال المهلة الدستورية، علما أنه هدد في وقت سابق بالاستقالة.
وفي خضم هذه الاجواء الملبدة بالغموض والتشاؤم، برزت توقعات مفادها ان الضغوطات المتواصلة على "ائتلاف دولة القانون"، وتحديدا المالكي من جهات واطراف متعددة ستسفر عن حصول حلحلة في موقفه خلال الساعات القليلة المقبلة، لينتقل الفرقاء الى مرحلة بحث ومناقشة الشروط التي سيطرحها المالكي مقابل تنازله، وهو ما يتطلب تمديداً قصيرا للمهلة الدستورية، لن يواجه بمعارضة قويّة، خصوصا حينما تلوح في الافق بوادر انفراج حقيقية، وتذهب التوقعات الى أن الشرط الرئيس للمالكي مقابل تنازله سيتمثل بأن يكون المرشح البديل له من فضائه الحزبي حصراً، لينحصر الخيار بين النائب الاول لرئيس البرلمان حيدر العبادي، المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء طارق نجم، ونائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي.
22/5/140811
https://telegram.me/buratha