وحدها هزيمة أو نكبة أو نكسة الموصل، كانت كافية للإطاحة بأكبر الرؤوس، غير أن واقع الحال في بلادنا أن مزرعة الرؤوس لا تكترث بما حصل، ما دامت رؤسها باقية فوق رقابها، ومادامت إيديها ممسكة بتلابيب السلطة في بغداد..
المتدرعون بآهاب ما يسمونه بالإستحقاق اللأنتخابي، يخلطون الأوراق بديماغوجية إحترافية، وبلا كلل يكررون العبارات السمجة عن هذا الإستحقاق المزعوم، مع أن الأنتخابات جرت لإنتخاب نواب، وليس سلطة تنفيذية!..
رغم كل ذاك، ورغم أن أقرب الحلفاء معارضون له، إلا أن المالكي المنتهية ولايته والمتسبب الرئيس فيما آل اليه وضع العراق من إنحدار نحو هاوية التفتيت، يصر على التجديد له لـ"ولاية ثالثة"، فيما الخيارات تكاد تكون معدومة في ظل تشبثه.
صحيح أن السلطة التنفيذية ستخرج من رحم مجلس النواب، وأن مرشح الكتلة الأكبر برلمانيا، هو من يستحق التكليف لتشكيل حكومة، لكن الدستور لم يتحدث عن ثبات مواعيد التكليف، بمعنى أن الكتلة الأكبر برلمانيا، ممكن أن تتشكل في أي وقت يقع قبل عملية التكليف..
ما قاله النائب عن التحالف الكوردستاني، محما خليل يصب في إتجاه هذا التفسير المنطقي، فقد كشف السيد خليل عن هذه الرؤية، حينما أكد على أن إصرار ائتلاف دولة القانون، على ترشيح نوري المالكي لولاية ثالثة سيؤدي الى ظهور كتلة برلمانية كبيرة لتشكيل الحكومة.
وفيما لفت النائب محما خليل، الى أن المالكي مرفوض من قبل المذاهب والطوائف العراقية، ولم يحقق طموح الشعب وعليه فسح المجال لآخرين، أقر بأحقية التحالف الوطني لطرح مرشح لرئاسة البرلمان، على أعتبار أن التحالف الوطني هو الكتلة الأكبر برلمانيا، لكن التحالف الوطني سيفقد هذه المزية، في حال تمسك دولة القانون بالمالكي, لأن كتلا برلمانية كبيرة أعضاء بالتحالف الوطني تقف بالضد من إعادة ترشيح المالكي، وهي مستعدة لفك تحالفها الهش مع دولة القانون، على خلفية الإنسداد السياسي الذي تسبب به موضوع الولاية الثالثة للمالكي، وهو موضوع يلقى معارضة شديدة من شركاء المالكي بالتحالف الوطني، فضلا عن التحالف الكوردستاني، و تحالف القوى الوطنية الذي يمثل السنة العرب، بل وقوى داخل إئتلاف دولة القانون نفسه..
وبدت الصورة وكأن التحالف الكوردستاني قد حسم أمره الى نهاية الشوط، حينما ودعا خليل التحالف الوطني الى الاسراع بتقديم مرشحهم لمنصب رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة، وطبعا على أن لا يكون المالكي...
هذه الصورة أشد وضوحا لدى التيار الصدري وكتلة المواطن، طرفي الإئتلاف الوطني، الشريك الكبير لدولة القانون في التحالف الوطني، فقد قال أمير الكناني القيادي في كتلة الأحرار المنبثقة عن التيار الصدري،
أن «الائتلاف الوطني بدون ائتلاف دولة القانون (الذي يتزعمه المالكي ويشغل غالبية مقاعد البرلمان 96 مقعدا من أصل 328 مقعدا) قادر على تقديم مرشح لرئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة على اعتبار ان الائتلاف الوطني لديه مقبولية من الكتل السياسية السنية والكردية، ولكن الائتلاف الوطني يحاول الابقاء على كتلة التحالف الوطني متماسكة من دون انشقاقات».
قضية الولاية الثالثة أبعد مما يقاربه الساسة، فالمالكي وخلال سنوات حكمه التي أمتدت لأكثر من ثماني سنوات، فصل الدولة والحكومة على مقاسات حزبه، ومقاساته الشخصية، وهو متأكد تماما بأن من سيأتي بعده، حتى لو كان من حزبه، سيعيد تفصيل المقاسات، ومن البديهي أن ذلك سيؤدي الى مشكلات كبرى للمالكي وللمقربين منه، وهذا هو السبب الحقيقي وليس غيره وراء هستيريا الولاية الثالثة، ويبدو أن الرأي الذي يقول بأنهم يريدون ولاية ثالثة يرتبون فيها الأوضاع لولاية رابعة، رأي جدير بالتصديق، لكن من المؤكد أن الولاية الثالثة إن تم تمريرها، فإنها ستكون ليس على عراق ما قبل 10/6/2014، بل على عراق أقل مساحة وسيادة من يومنا هذا بكثير..
فأقليم كوردستان سيقول لنا مع السلامة، وسنعترف بوجوده كدولة "شقيقة"، وسنقبل بإفتتاح سفارة كوردية هنا في بغداد، وسيمتد حل قضية داعش، وما قارفته في الموصل ومساحات واسعة، الى أمد غير منظور، وستتآكل سيادة الدولة العراقية على مساحات واسعة تصل الى نصف مساحة العراق..
فهل سنكون كتحالف وطني حكماء ونفعل ما هو صحيح ونستمع الى صوت المرجعية ونرشح شخصية مقبولة على الصعيد الوطني، لنوقف، أو على الأقل نؤجل تقسيم العراق؟!
عن جريدة البينة البغدادية
6/5/140805
https://telegram.me/buratha