التقارير

العراقيين بين الماء والدماء: وقود المعركة ضد داعش

1289 12:59:17 2014-05-30

تسببت الفيضانات الناجمة عن الإغلاق المتعمد لأحد السدود الكبيرة على نهر الفرات في تدمير قرى ومزارع عبر منطقة تمتد إلى 200 كيلو متر مربع غرب بغداد، مما أدى إلى تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص وتركهم عرضة لمخاطر الإصابة بالأمراض التي تنتقل عبر المياه مثل الكوليرا.

وتهرع المنظمات الإنسانية الآن- المنهكة بالفعل لأقصى حد في محاولة للاستجابة لقرابة 434 الف نازح بسبب القتال في محافظة الأنبار المضطربة - لإيصال الأغذية ومستلزمات المأوى والنظافة العامة إلى نحو 40 الف أسرة متضررة من الفيضانات التي حدثت في منطقة أبوغريب والمناطق المحيطة بها في شهر أبريل/ نيسان.

من ناحية أخرى، بدأت المياه الآن -التي وصلت في ذروة الفيضانات على بعد بضعة كيلومترات من مطار بغداد الدولي- في الانحسار ببطء من منطقة أبو غريب، ومن ثم بدأت بعض الأسر في العودة إلى ديارها. ولكن يعتقد أن سد النعيمية، في مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، لا يزال تحت سيطرة المليشيات التابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام، ويُخشى من أنها يمكن أن تحدث المزيد من الفيضانات في أي وقت.

وتعليقاً على الوضع في تلك المنطقة، قالت إليانا نبعة، المتحدثة باسم بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) "لا تسيطر الحكومة بشكل كامل على المنطقة أو السد... لذا ليس هناك أي سبب يدعو إلى الاسترخاء لأن 'الفيضانات' قد تحدث مرة أخرى".

وعلى الرغم من هذه المخاطر، فقد بدأت بعض الأسر، التي لجأت إلى العيش في أراض مرتفعة وفي المحافظات المجاورة، العودة إلى المناطق التي ضربتها الفيضانات بغية تقييم الأضرار واستعادة ما تبقى من منازلها ومزارعها.

ومن غير الواضح بعد عدد الأشخاص الذين لا يزالون بلا مأوى نتيجة للطرق المقطوعة بسبب المياه والوضع الأمني المتدهور في منطقة أبو غريب، التي تحد من إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية، ولكن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن عدد الأسر التي نزحت قسراً في ذروة الفيضانات وصلت ما بين12 الف إلى 20 الف أسرة.

وقد قال عثمان عادل، رئيس بلدية أبو غريب "هذه فوضى عارمة ومأساة حقيقية. كل شيء مدمر ولا شيء يعمل ولدينا العديد من المشكلات".

وأضاف "لقد حدثت الفيضانات بشكل مفاجئ في غضون يوم. كان الناس خائفين جداً واضطروا إلى ترك منازلهم بسبب تدفق المياه والشعور بعدم الأمان".

وأوضح أن الفيضانات قد ألحقت أضراراً بنحو 49 قرية وأكثر من 10 آلاف منزل. وأوضح أن خمسة أشخاص قد توفوا، بعضهم بسبب لدغات الثعابين التي تعيش في الماء.

وناشد المجتمع الدولي لتقديم المساعدة قائلاً " يستغرق إعادة بناء كل هذا وقتاً طويلاً، هناك الكثير من الأضرار ونحن بحاجة إلى المساعدة".

وتشير التقارير إلى أن المسلحين التابعين للدولة الإسلامية في العراق والشام قد أغلقوا سد النعيمية، الذي يقع على بعد حوالي 5 كيلومترات جنوب مدينة الفلوجة، في مطلع شهر أبريل/ نيسان، بعد السيطرة على أجزاء من محافظة الأنبار في شهر يناير/ كانون الاول في أعقاب انسحاب قوات الأمن العراقية من المدينة.

وكانت القوات الحكومية قد انسحبت بسبب تهديدات من الجماعات القبلية السنية، في أعقاب الإغلاق القسري لمخيم احتجاج سني مناهض للحكومة في الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار.

وقال محللون أن الهدف الأساسي للدولة الإسلامية في العراق والشام هو قطع إمدادات المياه عن جنوب البلاد، لأن غالبية السكان هم من الشيعة ومتعاطفون مع الحكومة. ولكن إغلاق السد أدى إلى ارتفاع مستوى المياه في قناة الري في أبوغريب، مما تسبب في فيضانات واسعة النطاق في المنطقة ذات الأغلبية السنيّة.

ووصف شهود عيان لعاملين في مجال الإغاثة كيف تدفقت موجة من الفيضانات تتحرك بسرعة 5 كيلومترات في الساعة صوب المنازل وعبر الحقول، فغمرت المدارس وسحبت المواشي بعيداً وأجبرت الأسر على الفرار باستخدام عوامات مصنوعة من قطع الأثاث.

وفي 6 مايو/ ايار، تم إنشاء فتحه في المصب من سد النعيمية للسماح بتصريف المياه، ولكن ذلك ترك عشرات القرى من دون مياه على الإطلاق، وهم يعتمدون الآن على إمدادات المياه بواسطة الشاحنات.

وقالت إليانا نبعة، المتحدثة باسم يونامي "القضية ليست التمكن من فتح بوابة واحدة وبعد ذلك سيكون كل شيء على ما يرام...إذ لا يزال لدينا فيضانات وهناك توقعات بأنه يكون لذلك أثر سلبي طويل الأجل على المنطقة وعلى الزراعة حتى بعدما تنحسر الفيضانات. كما حدثت الفيضانات في وقت الحصاد مما أدى إلى تدمير الكثير من المحاصيل".

مخاطر تفشي الأمراض

ووصف محمد البهبهاني، وهو مسؤول إعلامي في برنامج الأغذية العالمي في العاصمة بغداد، الذي قام بزيارة منطقة أبوغريب في وقت سابق من هذا الشهر، مشهد المباني المتضررة والمحاصيل المدمرة قائلاً "معظم هؤلاء الناس هم من المزارعين، الذين يقتاتون من أراضيهم، يأكلون مما يزرعون، ويبيعون ما زاد عن حاجتهم للحصول على بعض النقود. لكن الفيضانات دمرت سبل كسب العيش وتركتهم دون طعام".

وقال رئيس بلدية أبوغريب "'النازحون' يعانون بسبب عدم توفر مياه الشرب كما أنهم يصابون بالأمراض. لقد ظهر على بعضهم طفح جلدي وأصيب آخرون بالإسهال".

وقال البهبهاني أن هناك قلقاً متزايداً من خطر تفشي الأمراض نظراً لكم المياه الراكدة، والتلوث العام وحرارة الصيف. مع ذلك، وحتى الآن، لم يحدث أي تفش كبير لمثل تلك الأمراض.

ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أصبح عدد من الأسر المتضررة من الفيضانات ضمن النازحين داخلياً، وذلك بعد أن فروا من العنف في محافظة الأنبار.

وقالت ناتاليا بروكوبتشوك، مسؤولة العلاقات الخارجية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "لقد كانوا ضعفاء للغاية بالفعل والآن تشردوا مرة أخرى".

وأضافت أن العديد من النازحين كانوا يخيمون في حظائر الدواجن والمزارع ولذلك تضاعفت معاناتهم ونسبة تعرضهم للمخاطر عندما حدثت الفيضانات.

وأوضحت "ترد إلينا تقارير عن أشخاص يعانون من الأمراض التي تنتقل عبر المياه، لاسيما أولئك الذين نزحوا من محافظة الأنبار... فهؤلاء لا يملكون المال للحصول على الخدمات الصحية والوضع الصحي لا يبدو جيداً".

وفي السياق ذاته، قال زاك توماس، مساعد مسؤول المشاريع في المنظمة الدولية "بدأت المياه بالانحسار ولكن لا تزال هناك الكثير من المستنقعات... لقد أبلغتنا المجالس المحلية بأن مياه الصرف تختلط بالمياه الزراعية والمياه الراكدة وهذا يصيب الناس بالأمراض".

تدمير المحاصيل

وأضاف قائلاً "لقد دمرت محاصيل الطماطم والبطاطس والبامية بأكملها وهؤلاء الذين لم يفقدوا مواشيهم يجبرون الآن على بيعها لأنهم يحتاجون إلى مبالغ نقدية لشراء المواد الغذائية ولعدم وجود مكان للاحتفاظ بها".

وفي إطار استجابة منسقة، تقوم فرق من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف بتقديم مراتب وجراكن ومواقد للطهي ومواد غذائية ومستلزمات النظافة واللوازم الطبية.

وتقوم منظمة اليونيسف بإرسال شاحنات المياه النظيفة إلى القرى وتنظيم حملات للنهوض بالنظافة العامة، فيما تقوم المنظمة الدولية للهجرة بتوفير اللوازم غير الغذائية.

وبدأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مؤخراً بتقديم معونات نقدية للأسر الأكثر ضعفاً. مع ذلك، لم يواكب حجم المعونات عدد الأشخاص المتضررين.وتأتي هذه الفيضانات والنزوح في الوقت الذي يئن العراق تحت وطأة ارتفاع أعمال العنف الطائفية التي تثير مخاوف حول احتمال انزلاق البلاد في أتون الحرب الأهلية مرة أخرى.

إضافة إلى ذلك، يحد تصاعد أعمال العنف وانعدام الأمن من قدرة العاملين في المجال الإنساني على إيصال المساعدات، في حين يهدد تدني مستوى التمويل القدرة على الاستجابة.

والجدير بالذكر أن الأمم المتحدة قد أطلقت في شهر مارس نداءً عاجلاً لجمع 103 ملايين دولار لتوفير المواد الغذائية والمأوى والمستلزمات الطبية والمياه وإمدادات الصرف الصحي، من أجل دعم النازحين داخلياً من محافظة الأنبار، ولكن حتى الآن لم يتم جمع سوى 10 بالمائة من المبلغ المطلوب.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك