الربيع السوفيتي يمتد بأخضره على مناطق عدة كانت تحت ظل العلم الأحمر، فبرغم ما مارسته حكومة كييف ضد الاستفتاء في شرق أوكرانيا، من استخدام الاسلحة الثقيلة و الطيران الحربي لوقف أعمال الاستفتاء الذي جاءت نتائجه بموافقة 86% من المصوتين لصالح الاستقلال في دونتيسك
لم يكن الاستفتاء في مقاطعتي دونيتسك و لوغانسك الأوكرانيتين إلا ملحة حقيقية لمواجهة الجبروت الأمريكي الذي مارسته حكومة كييف على مواطنيها، باستخدام مرتزقة أمريكيين و تتهم كييف موسكو بالوقوف خلف ما يحدث في شرق أوكرانيا، لكن روسيا و بمواقف متعددة تؤكد على أهمية الحوار الأوكراني، و تدعو في بينان خارجيتها الصادر اليوم، الأثنين، إلى أن نتائج الاستفتاء يجب أن تطبق من خلال حوار مع كييف، وبأن على الأخيرة أن تخطو بجدية نحو طاولة الحوار.
الموقف الروسي، موقف المنتصر في أهم مسألة عالقة في أوروبا، فأستقلال المقاطعات الشرقية، ومطالبتها بالأنضمام إلى الاتحاد الروسي، يعني أن مسافة الفصل بين موسكو وقوات الناتو و أمريكا، باتت أبعد، ويعني ذلك أن الدرع الصاروخية التي عملت أمريكا جاهدة و على نشرها في أوروبا عبر عقود خلت.
في حين يقف الأمريكيون موقف المهزوم، بفعل الواقع الذي فرضته نتائج الاستفتاء، التي جاءت صفعة على خد قيادات البيت الأبيض و مخابراته التي عملت بكل طاقتها على قمع الاحتجاجات و قتل الإستقلال في رحم الحلم الشرقي في أوكرانيا، و على الطاولة حسابات كبيرة على الأمريكين أعادة النظر فيها، فـ كييف بسلطتها الحالية غير قادرة على أن تكون الأداة الحقيقية لضرب القوة الروسية المتنامية يوماً بعد آخر.. و في الآفق، يلوح شبح المارد السوفيتي بالخروج من "قمقم" التاريخ، ليعود إلى الواجهة، و للمارد السوفيتي ما له في الذاكرة الأمريكية.
في حين تقف أوروبا قاطبة، في موقف الخائب، فلا الأمريكيين كانوا قادرين على تحقيق المكتسبات المنشودة، "بحصر الدب في جحره"، و لا هي بقية مهادنة لروسيا، و في الحسابات الأولى، يأتي التمويل بالغاز، وهنا نجزم أن الدول الأوربية ستذهب سراً إلى موسكو للتكفير عن ذنبها، و لربما لن يكون الروس قابلين للاعتذارات السرية.
في هذا الإطار، يمكن قراءة المستقبل في الملفات العالقة الأخرى بين روسيا و الغرب، فلروسيا موقفاً يناقض موقف أمريكا و الغرب من الملف النووي الإيراني، و من الحرب على سوريا، و من الملف العراقي، و لروسيا حليف يقف وراءها بكل ما أوتي من طاقة وصناعية و عسكرية و سياسية، فالصين لن تكون بعيدة عن الموقف و القرار الروسي... وعلى أوروبا الآن الاختيار، إما الوقوف في الأزمات العالمية مع أمريكا، أو خسارات كبيرة في الاقتصاد نتيجة الانتصارات الروسية التي تتالى بعد القرم إلى شرق أوكرانيا، وقريباً في ملفات الشرق المتوسط، و للطاقة و مصادرها فعل السحر في التأثير على مواقف أوروبا المرهقة اقتصادياً في مختلف دولها.
عربي برس
3/5/140513
https://telegram.me/buratha