التقارير

هل ستؤدي “التسوية” إلى تقسيم السعودية ؟

1366 07:56:00 2013-10-31

 

د. ليلى نقولا الرحباني

تتجه الأزمة السورية – ولو ببطء – للدخول في مسار التسوية المفترَض أن تظهر بشائرها بعد أن يرتّب الأميركيون وضع حلفائهم ووكلائهم من الأوروبيين والأتراك والسعوديين، والذي سينسحب بسرعة على المعارضة السورية التي ستذهب صاغرة إلى “جنيف-2″ حالما يأمرها ممولوها بذلك.

وهكذا، يبدو أن التفاهم الروسي – الأميركي الذي ظهرت تباشيره في ملف الكيمائي السوري سينسحب على ملفات عدّة ستظهر تباعاً، مما حدا بالمملكة العربية السعودية لأن تظهر حنقاً وحَرَداً غير مسبوقيْن في العلاقات السعودية – الأميركية، وجعلت العجائز السعوديين يتخلوْن عن تحفّظهم ودبلوماسيتهم المعهودة في التخاطب الإعلامي، وإطلاق المواقف في القضايا الإقليمية الراهنة، ومنع “الائتلاف السوري” من القبول بالذهاب إلى التسوية، ما دفع الأميركيين إلى التهديد بالاتكال على معارضة الداخل التي أعلنت منذ بداية المعارك بأنها مع الحل السلمي وتقاسم السلطة مع النظام.

ويبدو أن الأميركي الذي يتجه إلى الاستقلالية والاكتفاء الذاتي في النفط والغاز – كما يقول الخبراء الأميركيون – بات يدرس خياراته الاستراتيجية المستقبلية على ضوء هذا المعطى الجديد، والذي قد يكون أحد الأسباب الأساسية في تغيير الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أن تجارب العراق وأفغانستان المكلفة باتت نماذج تخشى الإدارة أن تكررها في سورية، مما يجعلها تدفع أثماناً مضاعفة في المستقبل، تفوق أي تنازلات اليوم قد تقدّمها من ضمن تسوية شاملة في المنطقة.

عاجلاً أم آجلاً ستظهر التسوية في سورية كتتويج لنضوج تسوية كبرى بين الأميركيين والروس، بعد أن يكون الأميركي قد اقتنع نهائياً بأنه لا مناص من أن يتقاسم النفوذ في منطقة الشرق الاوسط، وهو ما سينسحب على العديد من الملفات الاستراتيجية وعقود الإعمار والنفط وغيرها، مما يضيف خسائر إضافية إلى مجموعة الخاسرين في الميدان السوري، وتبدو مؤشرات التسوية الكبرى في معطيات عدّة، منها:

- الدخول الروسي الاستثماري في المنطقة، والذي بدأ يظهر في مجالي النفط والطاقة بشكل خاص. ففي مجال الطاقة النووية، على سبيل المثال، أعلنت الأردن عن اتفاق بين الحكومتيْن الأردنية والروسية لإنشاء أول محطة نووية في الأردن، ويشتمل على اختيار تكنولوجيا المفاعلات النووية الروسية، والمقدَّم من شركة “أتوم ستروي إكسبورت” كجهة مزودة للتكنولوجيا النووية، كما يشتمل على اختيار الشركة الروسية “روست أتوم أفرسيز” كشريك استراتيجي ومستثمر مشغّل للمحطة النووية الأردنية الأولى، علماً أن الأردن تُعدّ من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، ولم تكن الحكومة الأردنية لتوقّع مشروعاً كهذا مع الروس لو لم يكن الأميركي وافق على ذلك مسبقاً.

- نقاش سياسي وإعلامي وأكاديمي في الولايات المتحدة، يبحث في مدى جدوى استمرار معادلة “الأمن مقابل النفط” في الخليج، أي أن الولايات المتحدة الأميركية لن تعود ملزمة على تقديم الحماية للمشيخات الخليجية مقابل سيطرتها على النفط والغاز ومنابعه وأنابيبه بعد اكتشاف الـ«شايل» الأميركي.

- انتصار روسيا في تثبيت حكم بشار الأسد، عنى في ما عناه انتصارها في حرب أنابيب الغاز التي كانت ستهدد مصالحها الاقتصادية في أوروبا فيما لو انتصرت المعارضة السورية “الإخوانية” المدعومة من قطر، والتي كانت تخطط لإيصال الغاز القطري و”الإسرائيلي” إلى أوروبا عبر سورية. الخاسر في حرب الأنابيب هذه كانت “إسرائيل” الداخلة إلى الدول النفطية حديثاً، وأوروبا التي تعاني من أزمة اقتصادية هائلة، وحيث تبلغ أسعار الغاز فيها ثلاثة أضعاف ما هي عليه في الولايات المتحدة الأميركية، علماً أن كلفة الإنتاج الصناعي العالية جداً تجعل القدرة الأوروبية على المنافسة الصناعية في الأسواق العالمية صعبة جداً.

إذاً، دخل الروس معركة تثبيت الحكم السوري، وانتصارهم فيها من خلال تسوية كبرى سيضمن لهم مصالحهم الاقتصادية في الشرق الأوسط وأوروبا معاً.

وهكذا، وإن لم يستدرك نفسه، سيجد “الائتلاف السوري” نفسه خارج هذا الحراك الدولي المتَّجه إلى تكريس صفقة “بوتين – أوباما”، أما الخاسر الأكبر فعلياً فقد تكون المملكة العربية السعودية، التي هدد جورج بوش يوماً بأن الحرب على الإرهاب تعني القضاء على الفكر التفكيري الذي يدرَّس في المدارس التي تنشئها المملكة العربية السعودية في شتى أنحاء العالم، وهو ما يحتّم تقسيم المملكة إلى دول عدّة. فهل يمكن أن تعود نظرية التقسيم هذه إلى الظهور مجدداً داخل الإدارة الأميركية إن ظهر أن الحكم السعودي بات عائقاً أمام تحقيق المصالح الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط؟

8/5/131031

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك