التقارير

" المستقبل العراقي " تخترق حصار حلب: الانقسامات ترهق "الحر".. والنظامي يستعيد السيطرة جزئياً.. والناس تضيق بكتائب النصرة !!

1571 22:44:00 2012-12-16

لا احد بمقدوره أن يقرر إن كان سيموت أو يبقى حيا، إذا ما استطاع تخطي طريق الموت من الشام إلى حلب، والدخول في المدينة، ومجاورة التحدي والعيش مع بقايا دموع ومال وجاه وسلطة ووجوه لطالما داعبها الغنج ثم تداعت عليها كتائب "النصرة" تحكم على وفق إدارات شرعية وتجلد وتمارس القصاص وتطبق حرفيا ما كانت تفعله أيام وجودها في أفغانستان والعراق!.

وبرغم ما كان ينتظرنا من أهوال، إلا أننا اتكلنا على الله سبحانه، واتجهنا الى حلب مع مجموعة من "العساكر" كما يسميهم السوريون، وركبنا سبيل الموت والاختطاف والتسليب، وربما تمزيق الأشلاء.. فقد تحدث معنا بعض العسكريين نقلا عن جنود آخرين، وما رأوه بأعينهم أن عددا من الجنود السوريين ماتوا تمزيقا بالحراب بعد اختطافهم من قبل مجموعات مسلحة لا يعرف لهم عنوان بين حلب ودمشق، وان الأمور في سوريا وصلت في استعمال العنف والتنكيل بالناس وهتك الأعراض وبيع البنات بواسطة تجار "العملة" الإرهابيين القادمين من السعودية ولبنان لقاء تزويد المسلحين بالمال ودفع رواتب العصابات المتطرفة إلى ما وصلت إليه في العراق ثم ابتسم جندي سوري بوجهي وقال لي: كيف العراق ؟!. كنت اشعر أنني في الطريق إلى تنفيذ عملية فدائية في مستوطنة إسرائيلية، أو كأنني احمل أعتدة من العريش إلى غزة، وربما استعدت شريط ذكريات فيلم مصري شاهدته قبل سنوات عدة في دمشق اسمه "الطريق إلى ايلات"، وتصورت كم كان شاقا هذا الطريق البحري من الحدود الأردنية إلى الباخرة العسكرية الإسرائيلية ايلات.. لا ادري لم فكرت في ايلات، وأنا اتجه بالسيارة إلى حلب مع مجموعة من العسكريين السوريين!.

من المستحيل أو على قول العراقيين من "سابع المستحيلات" أن تدخل إلى حلب او تتجه اليها بسيارة عسكرية، ومجموعة سيارات أمنية تابعة للأجهزة السورية مع مجموعة من الصحفيين والإعلاميين، ولا تفكر بالموت، وان تقفز مجموعة من المسلحين فجأة من زجاج السيارة عليك ويطالبونك بالنزول ويقودونك إلى جهة مجهولة، وقد تضيق الدنيا على سعتها في عينيك إذا وقعت في كماشة مجموعة متطرفة، وعرفوا بك انك شيعي فإن موتك سيكون موتين.. موت بالتنقيط.. وآخر بالتشحيط !. وبدأت رحلة الموت إلى حلب.. لقد كان الهدف الوصول إلى منابع الحقيقة التي يتحدث الإعلام العربي والفرنسي والبريطاني والأميركي بعيدا عنها أو يتغافل في الحديث عن جزئياتها بسبب هذا الذي بات معروفا في السياسة "العمل على إسقاط الرئيس بشار الأسد" مع أنني دخلت خط النار، وقد هيأت نفسي ان أتحمل كل التبعات لصالح العمل من اجل الحقيقة خارج إطار ما يقوله الأسد وما يدعيه الإعلام الفرنسي البريطاني الأميركي المشترك.

قال لي عسكري سوري: إذا امسك بك مسلحون فإنك أول الميتين لأنك عراقي وشيعي، أما إذا امسك بالباقين وهم فرنسيان وبلجيكي وامرأة من التلفزيون التونسي، فأنهم سيطلقون سراحهم بل ويكرمون ضيافتهم ويأخذونهم في جولة تشمل المناطق الواقعة تحت سيطرتهم فقلت له: إلى ماذا توحي ؟!. قال لي هل تعرف استعمال السلاح؟. قلت له: نعم، فقد تدربت على السلاح من أيام المعارضة العراقية سواء كنا في الحدود المشتركة السورية العراقية أم المشتركة الإيرانية العراقية واعرف استعمال الكلاشنكوف والمسدسين الـ9 والـ7 ملم.

ناولني مسدس نمرة 7، وقال لي انتبه لا تستعمله إلا حين يدهمنا مسلحون وإلا فإن الضابط سيحاسبني إذا رآى عندك قطعة السلاح هذه. انطلقت السيارة العسكرية بنا في قطار الريح، وبدأنا نتجه إلى المدينة التي تحولت إلى ساحات وليست ساحة حرب واحدة بين القوات النظامية السورية والمسلحين القادمين من شتى مناطق العالم. كنت اشعر أنني أسير مع قافلة عسكرية أو إنني جزء من العسكر المتحشدين على طول الطريق، وقد ملئ بأكياس التراب والأخاديد، وذهبت تلك المشهدية الجميلة التي كنت أراها في السنوات العشرين الماضية من عمر إقامتي الإجبارية في سوريا بعد أن تم الحكم عليّ بالإعدام غيابيا بسبب انتمائي لحزب الدعوة الإسلامية!. كان لدي إصرار حقيقي أن أصل إلى الحقيقة، وان أدون ما أرى بغض النظر عن رأيي بالتيارات العسكرية والسياسية التي تقاتل نظام الرئيس السوري، ورأيي بالحكومة السورية، وطبيعة المعركة الجارية، وكيف انقض العالم على دمشق عقابا على مواقفها العربية والقومية، ولأنها أخر قلاع المقاومة العربية في مواجهة المحتل الإسرائيلي. الفارق الوحيد بيني وبين مجموعة الصحفيين الأجانب أنني انتمي لهذا التراب، وادعي الحرص عليه، والموت من اجله، ولأنني أخشى إذا ما تطور الأمر، وتقهقر بشار الأسد، وتقدمت "النصرة" وتسلمت السلطة، وغاب التيار الوطني والوطنيين عن المشاركة في أول حكومة سورية أن تبدأ المعركة على مشارف بغداد، ويبدأ النزيف العراقي بعد النزيف السوري وهنا الطامة الكبرى التي كان يخفف من لهجتها والحديث عنها د.طه حسين ويسميها.. "الفتنة الكبرى" !.

الآخرون الذين رافقوني، جاءوا لكي يعكسوا حال "الجيش الحر" ومدى التقدم الميداني الذي يحرزه على جبهات القتال، وقياس نمو وتراجع الروح المعنوية لدى القوات العربية السورية، وإمكانية نقل تقارير فيها شبه تحقيق عن "انتهاكات لحقوق الإنسان" يقوم بها الجيش السوري ضد أفراد الجيش الحر، وفي الحقيقة أنني اكتشفت لاحقا أن الكتائب المسلحة، وبعض خلايا في الجيش الحر قامت بعمليات قتل عمد وترويع حقيقي للعائلات الشيعية في حلب، ولم يتحدث احد عن تلك العمليات الترويعية أبدا لا في التلفزيون الفرنسي ولا البلجيكي الذي كان حاضرا بقوة بل أن بعض الخلايا العربية التي تسللت إلى جيوب الجيش الحر قامت بقتل أبرياء من "الشيعة" في حلب لا حول لهم ولا قوة، والغريب المتوقع أن التلفزيون الفرنسي لم يأت بذكر للحادثة !. لا أنزه الجيش النظامي في ارتكاب قتل وهو ما يحدث في المعارك عادة، وقد رأيت ذلك في محطات من الحرب العالمية الأولى والثانية والحرب العراقية الإيرانية وحرب الكويت والانتفاضة الآذارية في العراق عام 1991، والعمليات البشعة التي أقدم عليها علي حسن المجيد ضد الثوار في مدينة البصرة حيث كان يملأ أمعاءهم بالبنزين ثم يطلق النار على بطونهم، ولن أنزه بعض خلايا "الجيش الحر"..

لكن من الضروري القول أن "الجيش الحر" بشكل عام يحمل عقيدة وطنية وليست طائفية ولا يعمل من اجل إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد من منطلق إقامة دولة سنية على غرار الدولة البعثية القومية ذات الطابع العلوي، بل دولة وطنية تعترف بكل المكونات القومية والدينية والاهم تشكيل حكومة قادرة على حماية سوريا من الانزلاق في هاوية الحرب الطائفية أو هاوية التقسيم والتفتيت!. بعد أربع ساعات وصلت إلى حلب لكنني لم أجد حلب الشهباء قدر ما وجدت شيئا من ركام القيامة يسمى.. كربلاء !.لم أجد أي شيء ينتمي إلى حلب المدينة الاقتصادية الأولى في سوريا، وربما الأولى هنا في هذه المنطقة العربية التي تلتهب نفطا وانكسارات وخطايا وأوجاعا وربيعا عربيا مسلفنا بالماركة الأميركية..

ربما عثرت على بقايا مدينة وانكسارات شعب لا يستأهل أن يجري عليه كل هذا الألم والمرارة، وكأنه بهذا الذي يجري عليه إنما يدفع فاتورة طيبته ورقيه وحضارته التي تمتد لأكثر من عشرة آلاف سنة قبل التاريخ، وقد يكون ما يجري، وأنت تطالع ركام المدينة التي تحولت إلى أنقاض جزءا من معركة تخوضها سوريا بمفردها مع بعضها في مواجهة نفسه، لأنها أن قررت تموت فهي تموت من اجل نفسها، أو تعيش من اجل نفسها، وإلا فإنا لم أميز بين "الجيش الحر" وهم شباب سوريا الذين كنت أقابلهم هنا وهناك في المدن السورية، وبين قوات الجيش السوري النظامي الذين يعرفهم السوريون والعرب أنهم تربوا في مدرسة حافظ الأسد القومية وعلى عقيدة تستوحي رائحة البارود من خلال توجيه السنة اللهب إلى صدور العدو الصهيوني، وليس إلى صدر الشعب السوري!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك