تمثل الأبنية التراثية معلماً من معالم الحضارة الإنسانية للشعوب. وتضم بغداد ومدن عراقية اخرى العديد من المواقع والمباني التراثية، لكن آلاف من هذه المباني تعرضت للهدم، خلال السنوات الماضية.
معماريون ومؤرخون عراقيون أعربوا عن استيائهم للإهمال الذي تعاني منه المباني والمعالم الأثرية من الجهات الرسمية.
وكانت هيئة الآثار والتراث أكدت أن المباني التراثية في بغداد، والمحافظات، مهددة بالزوال ما لم يتم إيجاد الحلول الناجعة لحمايتها وصيانتها.
المهندس المعماري هشام المدفعي قال في مؤتمر للمؤرخين والمعماريين العراقيين عُقد في بغداد قبل ايام إنهم يتحدثون منذ سنوات عن أهمية الحفاظ على المراكز والمباني التاريخية المنتشرة في المدن العراقية ولكن للأسف الحكومة لم تستجب لهذه الدعوات.
ونقلت وكالة فرانس برس عن المدفعي إن التراث المعماري في المراكز الحضرية يتطلب الآن اتخاذ خطوة كبيرة لصيانته.
وأشار المدفعي إلى وجود 200 بيت اثري فقط في جانب الرصافة من بغداد، بعد تهديم المئات وبناء مراكز تجارية محلها. واعتبر أن ذلك خسارة كبيرة ونتيجة لغياب التخطيط، داعيا الحكومة العراقية إلى الاستثمار في صيانة المباني التراثية.
وأكد المؤرخ سالم الالوسي أن هناك تراثا ضخما ومعالم تاريخية يصل عمر بعضها الى 1250 سنة ورثتها بغداد. وأضاف أن هناك مراكز أثرية تعود إلى ما قبل الإسلام، وخاصة في عكركوف غرب بغداد، ولكن لا احد يهتم بصيانتها والحفاظ عليها.
غادة رزوقي أستاذة الهندسة المعمارية في جامعة بغداد قالت في حديث أذاعي
إن مشكلة الحفاظ على الأماكن والأبنية التراثية وإعادة تأهيلها تكمن في تعدد مرجعيات هذه الأبنية والمواقع التراث بينما في دول العالم تعود ملكيتها وعائديتها إلى الدولة، وتشير رزوقي إلى وجود قانون مهم وجيد للحفاظ على الأبنية والمواقع الأثرية لكنه غير مفعل.
المشاركون في المؤتمر الأخير مؤتمر للمؤرخين والمعماريين العراقيين أشاروا أيضا إلى أن في العراق قوانين تحمي المواقع الأثرية، والمباني التاريخية، لكن هذه القوانين لا تجد الآن من ينفذها، وقررت الحكومة إعطاء الأولوية للأعمار على حساب المباني التاريخية والتراثية.
وبذلت حكومة بغداد محاولة في الآونة الأخيرة لتصحيح هذا الوضع، وذلك بمنع تجديد البيوت والمباني المصنفة بيوتا ومباني تاريخية.
معاون المدير العام لدائرة التصاميم في أمانة بغداد المهندس فتحي الاطرقجي أكد أنهم سيفعّلون القوانين التي تخص حماية التراث المعماري.
يذكر أن قانون الآثار العراقي رقم (55) لعام 2002 النافذ يتضمن مواد تمنع التجاوز على المباني التراثية أو الأثرية.
وقد دعا مهتمون بالتراث والآثار العراقية مرارا إلى تعديل هذا القانون وتفعيله، كما طالبوا بتفعيل المادة (113) من الدستور العراقي التي التي تنص على ان الآثار والمواقع الأثرية والبنى التراثية من الثروات الوطنية، التي هي من اختصاص السلطة الاتحادية, و تدار بالتعاون مع الأقاليم والمحافظات، وينظم ذلك بقانون.
رئيس هيئة الآثار والتراث الأستاذ قيس حسين رشيد ، كان أوضح أن القانون الحالي يضم الكثير من العقوبات على المخالفين، كما يمنح الامتيازات لأصحاب المباني التراثية لكنها امتيازات دون الطموح، من بينها منح المالك سلفة لتأهيل المبنى، غير انه توجد معوقات تحول دون الحصول على السلفة. أما الميزة الأخرى فهي إعفاؤه من ضريبة العقار واستثناؤه من قانون الإيجار.
وترى الدكتورة غادة رزوقي أستاذة الهندسة المعمارية في جامعة بغداد أن هيئة الآثار والتراث لا تتحمل وحدها المسؤولية لانها أكبر من حجمها، وبحاجة إلى تضافر جهود كافة المؤسسات المعنية بالحفاظ على الآثار والتراث، وتشكيل كيان موحد للقيام بمهمة الحفاظ على الأبنية التراثية وحمايتها من الهدم، على أن يمنح صلاحيات واسعة وميزانية كبيرة.
كما ترى الدكتورة رزوقي أن وعي المجتمع بقيمة المواقع والأبنية التراثية ضروري للحفاظ على هذه المواقع وحمايتها، مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة تربية الذوق الفني والجمالي لدى المواطن العراقي.
2/5/6019
https://telegram.me/buratha