التقارير

يروجها تجار الموت الانتهازيون (طگطاگيات) ألعاب نارية ضحاياها الأطفال

4362 14:18:00 2011-09-17

تحقيق / حسين النعمة

قبل عامين فَقد "علي" إحدى عينيه وهو يمارس الهواية المفضلة له ولأقرانه وهي اللعب بالألعاب النارية خلال زيارة النصف من شعبان في مدينة كربلاء، نقل على أثرها الى إحدى ردهات الطوارئ وبقي في المستشفى قرابة التسعة أيام ثم خرج منها بعينٍ واحدة، ومنذ تلك الحادثة أصيب علي بحالة نفسية سيئة وبات حبيس المنزل وليس كباقي الأطفال، بحسب ما قاله أبوه السيد كامل الحلو..

في كل عام، وعلى وجه الخصوص في الزيارات المليونية وفترات الأعياد وشهر رمضان المبارك، تطالعنا الصحف بأخبار حوادث الألعاب النارية التي يقع الأطفال ضحايا لها فيتشوهون في بعض الحالات، ويفقدون بعض حواسهم وأطرافهم، ويفقدون في بعض الحالات حياتهم. كما أن حرائق مستودعات تخزين الألعاب النارية صارت أمرا معتادا.

لا شك بأن الألعاب النارية تعد إلقاء بالأيدي إلى التهلكة، وفوق ذلك هي إهدار للمال. فكون الألعاب النارية متداولة بصورة غير شرعية فهذا يسبب إلى ارتفاع في قيمتها. والأجدر بهذه الأموال التي تنفق في بعض الشرر أن تذهب لمن يستحقها من الفقراء والمساكين. خاصة في هذا الشهر الكريم.الغالبية العظمى من الألعاب النارية المتداولة بين الصغار يتم شراؤها من باعة غير شرعيين. يبيعون الألعاب النارية والمفرقعات في محالات البقالة ومحلات الألعاب، وبعض الباعة المتجولين وأيضا من منازل بعض المواطنين والمقيمين. يلاحظ أن هؤلاء الباعة يخرجون بضائعهم لعرضها على الأطفال وصغار السن. بينما يمتنعون عن إخراجها وينكرون حيازتها لهم لو سألهم عنها شخص كبير في السن خوفا من أن يكون موظفا في أي جهة رقابية! وهذه الألعاب النارية يتم تهريبها إلى البلاد في حاويات عملاقة بشكل غير شرعي مما بات أمرا خطيرا جدا. فمن ساهم بإدخال ألعاب الموت قادر على تهريب ممنوعات أخرى..

ووسط مدينة كربلاء عممت أقسام الشرطة بلاغات على العتبتين المقدستين وأئمة المساجد خلال زيارات النصف من شعبان الماضية، تدعو المواطنين للتعاون بالابتعاد عن الألعاب النارية ونبذ مثل هذه الألعاب، في حين كانت الشرطة تلاحق بائعي الألعاب النارية ومن يبادر باستيرادها ويعمل على نشر هذه الثقافة التي باتت متفشية خلال مناسبات الأفراح كالأعياد وزيارة النصف من شعبان، في حين يواصل الأطفال فوضاهم المعتادة بهذا النوع من الألعاب ويتلذذون بإطلاقها بين زحام المارة وتجمعات الناس.

وحسب المواطن حازم فاضل فإنه لم ينسى الحادث الذي تسببته الألعاب النارية خلال عيد الفطر في العام الماضي، ويقول: "رمي طفل صاروخا ناريا في الطاحونة (المجرشة) فتسبب بحريق هائل للشلب قدرت خسائره مائتي ألف دينار".

ويذكر أحمد حسن أحد حوادث الألعاب النارية فيقول: "في إحدى محلات أو مناطق مدينة كربلاء القديمة تفاجأت بسقوط إحدى المفرقعات النارية فتسببت في إصابة امرأة بحروق خفيفة بعد أن أحرقت جزء كبير من عباءتها"، مضيفا: " لقد التفت في كل الاتجاهات ولم أتمكن من تحديد مصدرها كون هناك كثير من الأطفال يلعبون بتلك الألعاب النارية". أما المواطن ضياء خالد يقول: إنه يضطر لشراء الألعاب النارية لأبنائه خاصة وأنهم يشاهدون أطفال الجيران يتمتعون بالعب بها، مستدركا: "لو أن الحكومة تتخذ قرارا حازما ضد تجارها الكبار ممن يدخلونها البلاد وليس التجار الصغار لما وجد الأطفال ما يشترون".ويعترف أحمد محمد الحسناوي وهو من بائعي هذه الألعاب خلال أيام رمضان، ويقول: "هذه التجارة مربحة وكنت أبيع كل يوم ما بين أربعة إلى خمسة كراتين متوسطة الأحجام"، مؤكدا أن هناك موزعين خاصين لها يمرون على التجار باستمرار، ويشير إلى أن تجارها الكبار معظمهم "مسؤولين كبار في الدولة".

الحسناوي وهو يتحدث عن هذه التجارة على أنها مربحة لا يخفي قلقه من أضرارها على الأطفال وأسرهم، ويفضل أن تقوم الحكومة "بمحاسبة الموردين الأساسيين لها" وينصح أولياء الأمور بعدم إعطاء أطفالهم المال لشرائها!!!الأجهزة الأمنية في كربلاء تمنع إدخال كافة الألعاب النارية والمفرقعات الى المدينةقررت الأجهزة الأمنية في محافظة كربلاء منع إدخال كافة الألعاب النارية والمفرقعات الى المدينة، الى ذلك قال الرائد (علاء الغانمي) إن "الشرطة المحلية في كربلاء قررت منع إدخال وبيع كافة الألعاب النارية والمفرقعات الى المدينة كونها تسبب بإصابة الأطفال، وتثير الهلع بين المواطنين" موضحا إنه "على أعتاب شهر رمضان المبارك وعيد الفطر من المحتمل إدخال كميات كبيرة من هذه الألعاب والمفرقعات داخل المدينة لذلك أوعزنا لكافة السيطرات الخارجية من منع إدخال مثل هذه الألعاب إضافة الى إننا سنمنع أصحاب المحال من بيعها داخل المدينة".

بينما ذكر مصدر رسمي في جهة مطلعة على البضائع المستوردة أكد أن "كل الألعاب النارية تدخل عن طريق التهريب وليست بشكل رسمي، ويتهم نافذين في الدولة باستغلال مناصبهم المدنية والعسكرية بإدخال هذا النوع من الألعاب الخطرة على الأطفال وعلى المجتمع لما فيها من عائد مالي كبير". مؤكدا أنه "تم ضبط عدد من المتاجرين بهذه الألعاب وأن الشرطة صادرت كميات كبيرة وحجزت ناقلات وسيارات تحملها في أكثر من محافظة، من بينها أمانة العاصمة التي ضبط فيها ما يزيد عن 12 تاجرا تم العثور في محلاتهم على ألعاب نارية".ومن الصعوبة بأي مكان حصر ضحايا الألعاب النارية، فلا توجد أية إحصائية عن كمياتها أو منافذها أو حتى ضحاياها بحسب ما ذكره عباس البدري مدير إعلام مستشفى الحسين..تزداد في موسم الأعياد والمناسبات..

الدكتور (أيهم العوادي) وهو صاحب عيادة جراحية يشير إلى أنه "خلال الزيارة الشعبانية الماضية قد حضر لعيادته طفلين أو أكثر مصابين في حوادث للألعاب النارية"، ويضيف "تتسبب هذه الألعاب عادة بحروق وجروح متفاوتة إلى جانب تورمات خاصة في اليدين والوجه"، ويؤكد أن "بعض الحوادث تتطلب عمليات جراحيه تجميلية خصوصا الأطفال الإناث".

أما الطبيبة (علياء الوزني) أخصائية عيون تقول "في اليوم الثاني من أيام عيد الفطر للعام الماضي استقبل قسم الطوارئ طفلا يبلغ من العمر تسعة سنوات تعرض لإصابةٍ بالغة في إحدى عينيه أدّت إلى تمزق في الجزء الأمامي للعين نتيجة الألعاب النارية وفقدانه إياها، وتم إجراء عملية جراحية عاجلة، وكذلك طفلة تبلغ من العمر ستة سنوات تعرّضت لإصابة نتيجة تلك الألعاب وكانت الإصابة بسيطة وتم التعامل معها وعلاجها في وقتها". وزادت الوزني: "أمّا في اليوم الثالث فقد استقبل قسم الطوارئ أربع حالات لأطفال كانت إصابتهم طفيفة وكانت عبارة عن خدوش في القرنية وتم علاجها ولم تستدعِ حالاتهم الدخول إلى المستشفى". وحذرت الوزني "من التهاون في استخدام الألعاب النارية من قِبل الأطفال أو حتى ممن لا يُجيدوا استخدامها من الكبار، والتي من الممكن أن تحوّل فرحة العيد إلى حوادث وكوارث في حال التهاون في استخدامها والعبث بها على نحوٍ خاطئ كما حصل مع الحالات التي وردت إلى المستشفى، وشدّدت على ضرورة توخّي الحذر في التعامل مع تلك الألعاب".ظلت الألعاب النارية خلال الأعوام الماضية تمثل قلقا لدى الشارع الكربلائي جراء الحوادث التي تخلفها، وسارعت الجهات الأمنية إلى منع دخولها البلاد وملاحقة بائعيها، لكن انعدام التوعية وضعف الإجراءات جعلها ما زالت الألعاب المفضلة عند الأطفال..من جهته أوضح الدكتور (سعد النصراوي) أخصائي طب وجراحة العيون إن "استخدام الألعاب النارية والمفرقعات من قبل الشباب والأطفال بصفة عامة لا سيما خلال الإجازات والأعياد والمناسبات من الظواهر السلبية والخطيرة على أفراد المجتمع"..

وأضاف النصراوي إن "الألعاب النارية قنابل موقوتة تصيب مستخدميها في أي لحظة وتتراوح هذه الإصابات ما بين طفيفة كالكدمات الى شديدة الخطورة كفقدان نعمة البصر أو السمع أو الإصابة بحروق في الوجه واليدين بسبب انفجار المفرقعات بأيديهم. كذلك ان للألعاب النارية أضرارا بالعين فقد تؤدي إلى حروق في الجفون وملتحمة العين وتمزقات في جدار العين أو دخول أجسام غريبة أو كدمات ينتج عنها تجمع دموي في الغرفة الأمامية للعين (أي بين القرنية والقزحية) أو إصابات قاع العين أو انفصال شبكي قد ينتج عنه فقدان كلي للبصر أو فقدان العين كلياً، كما قد تحدث مضاعفات لاحقة كعتامة القرنية والماء الأبيض والماء الأزرق (الجلو كوما) وتليفات وانكماش في جفون العين"..وعن الأساليب الوقائية يشير الدكتور النصراوي في "حالة إصابة العين يجب عدم دعك العين مع عدم تغطية العين المصابة بغطاء واق صلب وذلك لعدم تعريض العين أو الجفن لأي ضغط بعد ذلك اخذ المصاب فوراً الى قسم الطوارئ في اقرب مستشفى".. فيما يرى الباحث الاجتماعي عباس الخفاجي " أن لهذه الألعاب آثار اجتماعية ونفسية غير محمودة كونها تولد العنف لدى الطفل وتربي فيه غريزة العداء، وبالتالي تنعكس على سلوكه وشخصيته مستقبلا"، مضيفا "الأصل تربية النشء وغرس روح السلام ولذا علينا التوعية بمخاطر هذه الألعاب اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا".وناشد الخفاجي "أولياء الأمور بعدم شراء هذه الألعاب الخطرة على الأطفال وغرس القناعة لدى الأبناء بمخاطرها والابتعاد عنها وعلى الجهات المسؤولة التوجيه والنصح عبر المدارس وتسليط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة من خلال النشرات التعريفية والإرشادية وعمل المحاضرات وفي حالة الرغبة في مشاهد الألعاب النارية فيمكن ذلك عن طريق متخصصين في عدة مواقع متفرقة تمكن الأطفال والشباب من مشاهدتها والاستمتاع بها دون التعرض المباشر لخطرها"..وحول المخاطر الاقتصادية يؤكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (مصطفى نصر الله)، أن "هناك آثارا سلبية لتجارة الألعاب النارية، ليست اقتصادية فحسب، بل أيضا اجتماعية وأخلاقية" مبينا إنه "رغم التأكيدات المتكررة بضبط الحدود والالتزام بحظر بيع تلك الألعاب النارية إلا أن الأسواق ما زالت تعج بالكثير منها، وللأسف الشديد فإنها تباع بالعلن، ولم تعد هذه التجارة محدودة الكمية، وإنما باتت ظاهرة لها جمهورها من السماسرة والتجار".ويقول نصر الله واصفا تجارة الألعاب النارية بأنها "تجارة غير قانونية ولا تعود بأية فائدة على الاقتصاد الوطني، ولا تخضع للرسوم القانونية أو الضرائب أو الجمارك بل تندرج ضمن ما يعرف بغسيل الأموال، كون الأموال المتحصلة عنها غير شرعية كالسلاح والمخدرات وغيرها"، مشيرا إلى أن الخطورة تكمن أيضا في "احتواء تلك الألعاب على أصباغ ومواد كيمائية خطيرة تتسبب العديد من الأمراض للأطفال ينتج عنها كلفة مالية كبيرة تتكبدها الأسر لعلاج أطفالها"، معتبرا "مشكلة عدم ضمان سلامة استخدام تلك الألعاب النارية، من بين المشاكل التي يعاني منها المجتمع إلى جانب المشكلات الأخرى كحوادث السيارات والدراجات النارية التي ما زالت تشكل كابوسا يؤرق المجتمع إلى جانب الإصابات المنزلية وحالات التسمم الغذائي وغيرها". إذن من الواجب على ربِّ الأسرة اتجاه أسرته ومجتمعه المساهمة في الحد من هذه الظاهرة الخطيرة، كمواطن يحتم عليه الإبلاغ عن هؤلاء لمنعهم عن بيع الموت لصغارنا.وعلى من يبتاع أي من الألعاب النارية أن يتقبل خطورة ما يتاجر به ويتيقن من عواقب حوادثها ويمتنع عن بيعها، كما على من يقبل على شراء هذه الألعاب أن يعي إنها استهلاكية لا تورث غير الضير والأسى..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حيدر المجمعي
2011-10-25
يعني من المفروض بوزارة التجارة ووزارة الداخلية منع التجار الذين ديدنهم الربح من استيراد مثل تلك الالعاب وخاصة المفرقعات وكانها قنابل ومما يلاحظ بهذا الخصوص هناك قسم من البنادق البلاستيكية وكانها حقيقية وخاصة نوع من الاسلحة لانراه الا في الافلام الامريكية هل نعلم اطفالنا على العنف الجاهز ولو تكلمنا بهذا الشان لقلنا الكثير وبدون اي فعل فنحن مجتمع اقوال وليس افعال
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك