الطبيـب بيـن العيـادة الخاصـة والمستشفـى الحكومـي*عبدالكريم إبراهيمشعر صادق علوان بألم في معدته، لم يستطع تحمل شدته، مما جعله يذهب مضطراً إلى أقرب مستشفى حكومي لأن الوقت كان صباحاً وأغلب العيادات الخاصة لا تفتح في مثل هذا الوقت، بمساعدة أبنه البكر إستطاع الوصول إلى الطبيب الذي نظر فقط إليه دون فحص، وكتب له مجموعة من الأدوية، وجد منها واحداً فقط في صيدلية المستشفى، ولم تتحسن حالة صادق، فقرر الذهاب إلى أقرب عيادة طبيب باطني، فكانت الصورة مغايرة عما شاهده في المستشفى، فحص دقيق وسلام حار وأسئلة عائلية وخاصة أدخلته في جوٍ آخر، وكأنه يتعامل مع ملاك سماوي!!، ولكن لماذا ينقلب هذا الملاك إلى شخص بعيد عن هذه المهنة الإنسانية.يقول علوان: في تلك اللحظة شعرت بالموت يدنو مني، لم أجد سوى عدم الإكتراث لحالتي من قبل طبيب المستشفى، ولعل بسبب إختلاف المعاملة مابين هذين المكانين بقوله، يبدو إن الأمور المالية تلعب دوراً في رفع كفاءة ومهنية الطبيب، وحسن تعامله مع المرضى، نظرة واحدة لثواني محدودة هي المدة الزمنية للفحص في المؤسسات الحكومية، لم يقرب السماعة من جسدي، وأكتفى بنظرة عن بعد، هو هذا الفحص الحكومي.والصورة المغايرة في العيادة الخاصة، فحص دقيق وتبادل للأحاديث ويشعر الطبيب إن أجرة الفحص، حلال وتعطيها عن طيب خاطر، ويدافع الطبيب الممارس لؤي سلمان عن سرعة الفحص في المستشفيات الحكومية بقوله: المراجعات كثيرة والأطباء قلة، لا تجعل الفحص يتم بدقة وعناية، فإن المريض الواحد يستغرق ربع ساعة، وهذا وقت طويل، ولعل عدم تنظيم العمل والزخم من الأسباب التي تدفع بالأطباء إلى العجلة في الفحص، والطبيب الواحد عليه أن يُشخّص أكثر من(250) حالة مرضية في اليوم الواحد وهذا عدد كبير، ثم يذكر سلمان جملة من الحلول لمعالجة هذه المشكلة: هناك مناطق تحتاج إلى زيادة أعداد الأطباء والمستشفيات فيها، لأن النسبة غير متوازنة مع الزيادة السكانية، كما الحال في مدينة الصدر.ونفى الدكتور لؤي تهمة البحث عن الماديات التي ألصقت بالأطباء بالقول: الطبيب إنسان له قدرة على التحمل، وأيضاً من حقه تحسين وضعه المعاشي، أما عن إختلاف المعاملة مابين العيادة الخاصة والمستشفى الحكومي فيقول: قلة أعداد المراجعين تجعل الطبيب المعالج يأخذ وقته في فحص المريض وتشخيص حالته.أحمد موحان يقول في مراجعة الأطباء في العيادات الخاصة: الكثير من الأطباء يختلف سلوكهم وتعاملهم في المستشفى عنه في العيادة الخاصة، ربما يكون للعامل المادي أثره على هذا التصرف، ويضيف موحان: مراجعة الأطباء بحد ذاته مشكلة الله يبعد عنها كل شخص، حيث عملية إستنزاف للأموال بدون (وجع قلب) من التحاليل والسونار والأشعة ألخ، وفي النهاية لا يصل المريض إلى تحديد علته.وهناك ظاهرة معروفة بين صفوف الأطباء كما يقول موحان: عدم الإعتراف بعلاج وتحاليل غيرهم من الأطباء، مما يعني عمل أخرى جديدة، ويعني المزيد من الأموال، ثم يطلق موحان حالة توجع يختمها بقوله: (الله لا يوكع بشر في حلق الأطباء!!)، لأن النتيجة مراجعات وصرف للأموال.علي خلف يفضل مراجعة الأطباء الجدد معللاً بذلك، الأطباء الجدد لديهم نوع من الإندفاع من أجل إثبات الوجود وكسب المراجعين، لذا هم أكثر عناية بالمرضى حتى في المستشفيات الحكومية، ولعل الخبرة والعمر أهم المغريات التي تجلب المرضى إلى عيادات الأطباء، وكما يقول خلف: دائماً الناس يفضلون الطبيب المعروف الذي أكتسب خبرة طويلة، لذا حظوظ الأطباء الجدد قليلة.ولكن هجرة الأطباء المعروفين إلى الخارج أو كردستان العراق، زادت من هذه الحظوظ، كما يقول زيد تحسين: أغلب الأطباء الذين كنا نراجعهم في السابق، تركوا البلاد نتيجة الظروف الأمنية، مما جعلنا نحن البغداديين نرضى بمن هم أقل خبرة وتجربة.وحتى العمليات الجراحية التي تجري في المستشفيات الحكومية يأخذ عليها الطبيب أتعابه، كما يقول حسن دعير: عندما تراجع طبيباً معيناً يقول لك: تريد إجراء العملية في مستشفى أهلي أو حكومي، بكلا الحالتين لابد أن يحصل على أتعابه من المريض!.
https://telegram.me/buratha