عمار محمد طيب العراقي||
بسبب ما جرى في العراق منذ 1968 حينما خضعنا لـ"لإحتلال "البعثي ولغاية اليوم، خصوصا في محطات 1980 حيث بدات الحرب العراقية الأيرانية، ومحطة 1990 حين "غزونا" الكويت، ومحطة 1991 حين "طردونا" منها مثخنين بالجراح، ليجهزوا علينا نهائيا في 2003، ويحيلونا الى سبايا مكبلين بتراجع أقتصادي ومجتمعي لمائة عام، قطعنا بعدها سبعة عشر عاما كنا فيها في معركة دائمة، مع الذين رفضوا حقيقة أن الحجاج قد زال وزال معه حكم المعادلة المقلوبة، حيث أقلية طائفية تحكم أغلبية الشعب العراقي بالحديد والنار ! ..
أقول بسبب هذا التاريخ؛ الممتد لخمسة وثلاثين عاما من القسوة والعنف، خرجنا شعبا يمتلك "خبرات" عديدة..
أول هذه "الخبرات" أننا نفخر بأن نوصف بالشعب الأكثر صبرا في العالم، وثاني هذه "الخبرات" أننا قد تمرسنا في حربين شرستين، الأولى التي دامت ثماني سنوات؛ كنا نغني فيها "ياكَاع ترابـﭻ كافوري "..كانت قوافل التاكسي من نوع تويوتا كراون، تحمل توابيت ملفوفة بالعلم البعثي، تتجه بلا إنقطاع صوب مقابرنا، وكانت مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف؛ تتضخم باضطراد عجيب..
لقد ألفنا الموت الذي تحول الى عملية روتينية جدا، فقد إستمرأناه مرغمين، بعدها خرجنا معبأين بالعنف والقسوة.
في "غزوتنا" الخائبة الى الكويت، كان "ابطال" الحرس الجمهوري وفدائيو صدام، والقوات الخاصة وتشكيلات حزب البعث"الجيش الشعبي"، قد قلعوا حتى الشبابيك من أبنية الكويت..كانوا لصوصا محترفين و"مترهين"..كانوا يتوهمون بإنهم يقتلعون باب خيبر!
وأجمعوا نتيجة الحربين..قسوة وعنف + لصوصية، وسترون أن النتيجة الطبيعية هي جيل من الأرهابيين القساة الذباحين، الذين يقتلون بلا شفقة ولا سبب، وفي معظم الأحيان يقتلون من أجل القتل وحسب...هذه صفحة من صفحات العراق الراهن، وهي مؤثرة في كل الأتجاهات!
ثمة نتيجة عرضية اولى، هي أن جيلا جديدا قد نشأ، هو جيل الحرب العراقية الإيرانية، حيث الرجال في الجبهات، وحيث لم يتبق في مدننا إلا الرفيقات اللائي كن يصلن ويجلن بصحبة الـ"الكَدعان"، الذين حلوا محل الذاهبين الى جهات القتال في كل شيء، حتى في اسرة النوم؛ فيما العفيفات إنكفأن بسرابيل سود حزنا وكمدا، على الأحبة الذين سيقوا الى حتوفهم مجبرين، والذين سلموا من مطحنة الموت كانوا يعيشون كالأشباح !
ونتيجة عرضية ثانية لغزو الكويت، هو أن جيلا لا يعرف الحلال والحرام قد تكون بعد إحتلال الصداميين للكويت، كل شيء لدى فئة من هذا الجيل مباح؛ بما فيه المثلية الجنسية!
العراق اللا مستقر أبدا؛ المهدم مجتمعيا، المنكوب بما ذكرنا، بلد محاط بـ 6 جيران حقيقيين، ولدينا "رازونة " على الخليج تنفتح فيما بعد الى كل بقاع العالم، ومعنى هذا أن هذه " الرازونة" بوابة لأن "يدعي " كثيرين أنهم جيران لنا أيضا..!
كل أصدقاء العراق وجيرانه، القريبين والبعيدين يرون أن عدم الاستقرار يؤثر سلباً، عليهم بتأثيره على مصالحهم ومستقبلهم وأوضاعهم الأمنية الخاصة.
لكن الحال ليس كذلك دائما، إذ أن في عدم استقرار العراق مصلحة لـ "بعض" الجيران، فالسعوديين يعلمون أن استقرار العراق، يعني زيادة أنتاجه للبترول فيما هم يتفردون بصدارة الدول المصدرة للبترول حاليا!
السوريون الذين نقف معهم اليوم لأسباب مبدأية، لم يكونوا إيجابيين معنا بسبب الوجود الأمريكي في العراق، والى حد كبير طيلة السنوات التي سبقت عام 2012، حيث بدأ ربيعهم العربي..
الأردنيون يرون أن استقرار العراق، يوقف اللبن من الضرع الحلوب الذي اعتادوا حلبه..
الأتراك بعبع كوردستان على خاصرتهم الجنوبية مثال غير مرغوب يخشون تطبيقه في بلدهم..
الكويتيون "يتحججون " دوما بأنهم لم يتلقوا الضمانات الكافية بأن لا تنكأ جراحهم مجددا.. الإيرانيون مندفعون نحونا بيد مبسوطة، ولكننا في أغلب الأحيان مترددين؛ لأن "منا ـ وهم قلة ولكنها مؤثرة في القرار، من لما يزل يحمل ضغينة وكراهية، عززتها العباءة الأمريكية التي ارتداها!
الأوربيون وفي طليعتهم الفرنسيين الذين بدوا اليوم وكأنهم أسياد أورباـ بعدما أنكفأت بريطانيا الى داخلها، بخروجها من الأتحاد الأوربي، يرون أن مصالحهم المهمة في العراق، بسبب المخزون الهائل من البترول فيه، تقتضي أن يعاد تشكيل العراق على مقاسهم، بعيدا عن قيمه العريقة ودينه الحنيف المتسامح..ولذلك جاء ماكرون الى العراق..!
الفرصة قائمة الآن لتوظيف زيارة ماكرون إيجابيا، علينا ان نقدم مصالحنا، ونتعاطى مع العالم بباب نصف مفتوح، مغلقا بوجه إسرائيل ومطامعها، وبوجه أمريكا وشرور مشروعها الصهيو أمريكي.
أفضل طريق هو ذلك الذي يوصلك الى حيث تريد، لخدمة شعبك الذي شغل ثلثي التاريخ، وتشرف بأن ينتمي الى رجل هزم التاريخ..ينتمي الى الحسين ونعما هو من إنتماء...!
شكرا
5/9/2020
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha