يخوض رئيسا الحكومة نوري المالكي والبرلمان اسامة النجيفي معركة "لي الاذرع او كسر عظم" لاثبات الوجود، حيث يعرض كل طرف اسلحته السياسية في خضم الصراع المحتدم بين الكتل النيابية في العراق، والذي يأخذ اشكالاً عدة، على خلفية تبادل الاتهامات بنقض اتفاق تقاسم السلطة المبرم برعاية كردية قبيل تشكيل حكومة المالكي.
فقد لفت النائب كامل الدليمي عن "القائمة العراقية" بزعامة (اياد علاوي) إلى بوادر أنعكاسات لازمة الثقة والتباعد بين رئاسة مجلس النواب والحكومة خلال الفترة المقبلة بسبب عدم تنفيذ الاتفاقات السياسية التي أبرمت بين الفصائل العراقية قبيل تشكيل الحكومة.
واشار الدليمي إلى إن "هناك مسافات متباعدة بين رئاسة مجلس النواب ممثلة باسامة النجيفي من جهة، واعضاء المجلس والحكومة من جهة اخرى"، محذراً من ان "هذا التباعد سيؤثر سلبا في دور مجلس النواب بتشريع القوانين ورقابة الحكومة".
من جهته، اعتبر القيادي الكردي النائب محمود عثمان ان ما يدور من حديث بشأن سحب الثقة عن النجيفي (القيادي في "القائمة العراقية") أو المالكي (زعيم ائتلاف "دولة القانون" المنضوي في التحالف الشيعي) او تشكيل حكومة هو يمثابة "وسيلة للضغط السياسي وليس له اي صحة".
وأوضح عثمان ان "سحب الثقة عن النجيفي او المالكي يتم عبر بوابة مجلس النواب، ونحن كاعضاء المجلس، لم نتسلم أي شيء رسمي، كما اننا لم نلحظ مثل هكذا تحرك داخل اروقة البرلمان"، مشيرا الى ان "الكثير من الامور يتم تداولها اعلامياً فقط، ومنها سحب الثقة وغيرها، وهذه تستخدم من باب الضغوط السياسية المتبادلة بين الكتل السياسية".
وكان نواب من ائتلاف "دولة القانون" هددوا بسحب الثقة عن النجيفي، واتهموه بـ"الكيل بمكيالين" وهددوا بمقاضاته على خلفية اتهامه لـ"دولة القانون" بعرقلة تسمية نواب رئيس الجمهورية، فيما المح نواب من "القائمة العراقية" الى امكانية اعادة الانتخابات النيابية او سحب الثقة عن المالكي.
وكان قادة الكتل السياسية العراقية قد اتفقوا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني التي ركزت على تجديد ولاية المالكي، شرط تشكيل حكومة شراكة وطنية، وإنهاء عمل هيئة المساءلة والعدالة، وتفعيل المصالحة الوطنية، وتشكيل مجلس جديد أطلق عليه "مجلس السياسات الإستراتيجية" تناط رئاسته بعلاوي الذي قرر بعد ذلك تخليه عن المنصب، في حين مازالت مسألة تقديم مرشحي نواب الرئيس العراقي مستمرة منذ عدة اسابيع.
وبهذا الشان يقول رئيس كتلة الائتلاف الكردستاني في البرلمان العراقي فؤاد معصوم انه لم يتم التوصل حتى الآن الى حسم لمسألة نواب رئيس الجمهورية، موضحاً ان "المشكلات القائمة لا تزال كما هي، من دون حل، ولذلك فمن المستحيل التوصل الى حسم الموضوع الاسبوع الجاري".
وكان عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب لطيف مصطفى قد قال في تصريح له اخيرا ان "هناك حملة لجمع التواقيع في مجلس النواب بهدف تقليص عدد نواب رئيس الجمهورية الى نائب واحد، وان يكون من المكون التركماني".
وتقدم الرئيس العراقي جلال الطالباني في 7 شباط (فبراير) الماضي بطلب لرئاسة مجلس النواب لتعديل قانون نواب رئيس الجمهورية واضافة نائب ثالث له يكون من ابناء المكون التركماني، في حين تم ترشيح كل من عادل عبد المهدي وخضير الخزاعي من الائتلاف الوطني وطارق الهاشمي من القائمة العراقية للمنصب.
ولم يقتصر الصراع بين النجيفي والمالكي على المناكفات السياسية، بل تعداه الى محافظة نينوى التي تحولت الى ملف ساخن بين رئيس الحكومة والبرلمان خصوصاً مع استمرار الاحتجاجات المناوئة للمالكي، والتي تحظى برضى النجيفي وشقيقه محافظ نينوى اثيل النجيفي.
فقد منعت قوات الجيش الموالية للمالكي أمس المتظاهرين الذين يطالبون باستقالة المالكي، من الوصول الى ساحة الاحرار، وسط الموصل. وافادت مصادر صحافية ان المتظاهرين اشتبكوا مع قوات الجيش التي سيطرت على ساحة الاحرار منذ ساعة مبكرة من يوم امس، ما أسفر عن اصابة خمسة منهم اثر ضربهم بالعصي على يد تلك القوات.
وحمل محافظ نينوى اثيل النجيفي قيادة عمليات نينوى مسؤولية منع المتظاهرين للوصول الى الساحة، وطالبهم بفتحها امام المتظاهرين، فيما اعتبر رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي تدخل قوات الامن "سابقة خطيرة تتنافى مع حقوق الانسان والحريات الدستورية، وان على الحكومة تلبية مطالب المتظاهرين بدلا من الاعتداء عليهم وسلبهم حقوقهم المشروعة والقانونية".
وفي ملف تطورات الانسحاب الاميركي المرتقب من العراق نهاية العام الجاري، شدد نائب القائد العام للقوات المسلحة العراقية الفريق الركن حسين دوحي "ان انسحاب القوات الاميركية لن يتسبب باي مشكلة في البلاد، لامتلاك الجيش العراقي القدرة على تسلم الملف الامني"، فيما اعلن الجيش الاميركي في العراق عن بقاء عدد من الوحدات بهدف تدريب افراد الجيش العراقي.
واوضح دوحي انه "من ناحية التسليح، فإنه خلافاً للاعوام الماضية، حقق العراق تقدماً في هذا المجال، اذ انه يمتلك جميع مستلزمات حماية البلاد، ومن الناحية اللوجستية، فان الجيش يمتلك ثمانية فرق، وكل فرقة تضم عدداً من الالوية والافواج، نال افرادها تدريباً عالياً، فضلاً عن امتلاكه الطائرات الحربية المتطورة".
من جهة اخرى، قال الناطق باسم القوات الاميركية في العراق جيفري بيوكانن ان "الجيش العراقي نفذ مهامه بشكل جيد خلال المدة الماضية، وقد لعب دوراً في افشال مخططات الجماعات المسلحة، وكانت لنا اتصالات جيدة معه، الا انه وفقاً للاتفاقية الامنية بين العراق واميركا، ينبغي علينا سحب القوات من العراق بحلول نهاية العام الحالي، ومع ذلك، فان القرار النهائي لم يتخذ بعد من قبل الحكومة العراقية بهذا الصدد".
واضاف: "في حال طالبت الحكومة العراقية ببقاء القوات الاميركية، فاننا مستعدون للبقاء، وحتى لو تركنا العراق، فان عددا من الوحدات سيبقى لتدريب القوى الامنية العراقية".
إلى ذلك، كشفت السفارة الأميركية في بغداد انها ستضم 16 ألف شخص بين ديبلوماسي وعامل بعد انسحاب قواتها من العراق.
وأوضح الناطق باسم السفارة الأميركية ديفيد رانز إن "مهمة السفارة في العراق بعد الانسحاب، ستكون تقليدية وسيكون مجموع من سيتواجدون فيها من ديبلوماسيين وعاملين وحرّاس وغيرهم 16 ألف شخص". ولفت إلى أن "وجود موظفين عراقيين في السفارة الأميركية عنصر مهم، لأننا كأي سفارة في العالم، نؤمن أن توظيف المحليين هو رابط مهم بينها وبين الشعب، لذلك نريد أن نضيف موظفين آخرين لعدد العراقيين الذين يعملون في السفارة".
https://telegram.me/buratha

