في مفاجأة سياسية واعلامية من العيار الثقيل ، قدم السعوديون مكافاة لاسوأ حكومة اسرائيلية منذ تاسيس الكيان الصهيوني وحتى الان ، وذلك في خطوة تطبيع كانت جارية بشكل سري بين تل ابيب والرياض ، حتى اقرت بها واعترفت بها الرياض علنيا في هذا التطبيع مع العدو الاسرائيلي وذلك حين قام رجل المخابرات القوي في السعودية والمرشح لمنصب ولي عهد المملكة تركي الفيصل بمصافحة اكثر المسؤولين الاسرائيليين تطرفا في حكومة نتنياهو وهو نائب وزير الخارجية داني ايالون .
وفي صورتين مختلفتين للمشاعر العامة في العالم العربي والاسلامي وبين المشاعر العامة في اسرائيل ، فقد تلقى الفلسطينيون " المصافحة " بذهول واعتبروها " بيعة " سعودية علنية للكيان الصهيوني ومكافأة له بينما تحل الذكرى الاولى للعدون الاسرائيلي على غزة الذي خلف اكثر من 1400 شهيد معظمهم من الاطفاءل والنساء وخلف سبعة الاف جريح بينهم ذوو اصابت خطيرة ومن من اصيب بعوق دائم . كما وساد جو من الوجوم والاستياء العارم لدى الشعوب العربية والاسلامية .
اما في اسرائيل فقد اعتبره الاسرائيليون وخاصة المسؤولين منهم والمحلليين السياسيين " انتصارا لسياسة التشدد التي التزمت بها حكومة نتنياهو ورضوخا من اقوى دولة عربية اقتصاديا ومن دولة تتتزعم الاسلام السني في العالم الاسلامي وينقاد لها الالاف من رجلال الدين والمئات من اصحاب الفتاوى المؤثرة في السيطرة على مشاعر المسلمين السنة تجاه اسرائيل وبالذات المجموعات الوهابية المتطرفة ".
واتفق المراقبون على ان " المصافحة " بين رجل العائلة السعودية القوي الامير تركي الفيصل وداني ايالون تمثل " انعطافة سعودية حادة وتخترق تقاليد المملكة وثوابتها المعلنة، تمت كما يبدو بناء على تدخل أميركي علني ومستتر". وبحسب رواية «يديعوت أحرونوت»، فإن الوفد الإسرائيلي في مؤتمر ميونيخ للامن السنوي علم الجمعة الماضي أن منظمي المؤتمر قرروا الفصل بين المندوبين المسلمين والمندوب الإسرائيلي. وتم تقسيم اللجنة إلى اثنتين، الأولى تضم الأمير تركي والمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي وداود اوغلو، والثانية تضم ايالون والأكاديمي الروسي ايغور يورغينز والسناتور الأميركي جو ليبرمان.
لهذا السبب حمل أيالون بشدة على «نهج الرفض السعودي الذي يتميز بعدم القدرة على احترام الآخرين». وبدأ حديثه بالقول انه يبدو أن «مبعوث دولة لديها الكثير من النفط» قد ضغط على المنظمين لتقسيم اللجنة لأنه «لم يرد أن يجلس معنا»، معتبرا أن هذا يوضح غياب الاحترام المتبادل والتسامح، وهي نقطة ضعف في صلب مشاكل المنطقة. كما أنه وجه اتهامات للسعودية بأنها لا تدعم السلطة الفلسطينية.
وانضم ليبرمان المعروف بميوله الصهيونية ودفاعه المستميت عن جرائم اسرائيل ضد الفلسطينيين ، إلى انتقاد ايالون للسعودية. وقال إن رفض الفيصل الجلوس مع ايالون يتعارض وروح الحوار في مؤتمر الأمن. وأضاف غاضبا «انني أشعر بالخيبة من السعوديين. فقد فهمت أنني أصل إلى ندوة تضم ستة متحدثين، وفي النهاية قاموا بتقسيمها لأن السعوديين غير مستعدين للجلوس مع الإسرائيليين».
ولم يتأخر الرد السعودي. فقد وقف الأمير الفيصل وقال لايالون إن «المعلومات التي لديك ليست صحيحة. لم ارفض الجلوس معك ولو كنت فعلت ذلك لكان ذلك فقط بسبب الطريقة الوقحة التي تصرفت بها مع السفير التركي لدى إسرائيل». ورد أيالون: «بما أنك شككت بمصداقيتي، اسمح لي بأن اقترح عليك ان تأتي وتصافحني، إذا كنت غير مستعد لأن تصعد إلى المنصة، فأنا مستعد لأن انزل إليك». وبعد ثوان معدودة من الحرج نهض الفيصل من كرسيه وتوجه إلى ايالون، تصافح الرجلان وحظيا بتصفيق من الحضور.
وحاول تركي الفيصل تبرير " فعلته " وفي وقت لاحق قائلا " أن المصافحة لا تعني اعترافا من الرياض بالدولة العبرية "!!. وأضاف أن " المصافحة لم تتم إلا بعدما قام أيالون بالاعتذار عن أمور احتج عليها. ولذلك يجب ألا يتم إخراج هذه الواقعة من إطارها أو إساءة فهمها. اعتراضي القوي وإدانتي لسياسات إسرائيل ضد الفلسطينيين يبقيان على ما هما عليه "!!مضيفا «من الواضح أن جيران إسرائيل العرب يريدون السلام، إلا انه لا يمكنهم أن يتحملوا تصرفات تندرج في إطار السرقة، كما انه لا يجب الضغط عليهم لمكافأة إسرائيل على إعادة أراض لم تكن لها في الأساس».
واعتبر الأمير تركي، في بيانه، بأن مصافحته ايالون أتت بعدما اعترض الأخير علنا على رفض الأمير السعودي الجلوس بقربه في حلقة حوار في المؤتمر الدولي الأمني السنوي في ميونيخ. وقال «لقد اعترضت على الجلوس في الحلقة نفسها معه ليس لكونه نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، بل بسبب معاملته السيئة لسفير تركيا لدى إسرائيل اوغوز تشيليك كول». وقال الفيصل «لقد طلب مني ايالون بعد ذلك أن أتقدم إلى المنصة وأصافحه لأظهر اني لا أكنّ مشاعر عداء. لكنني أشرت إليه، وقلت انه هو من يجب أن ينزل عن المنصة». وأضاف «عندما وقفنا وجها لوجه، قال لي انه يعتذر عما قاله ورددت باني اقبل اعتذاره ليس لي فقط، بل للسفير التركي أيضا». وسارع متحدث باسم ايالون الى نفي تصريحات سعود الفيصل ونفى أن يكون نائب وزير الخارجية الإسرائيلية قد اعتذر للأمير تركي الفيصل. وقال «نوصي من لم ير المؤتمر بأن يشاهد توثيق الندوة ليرى من كان كلامه هو الصحيح قبل أن ينشر».
من جانبها، ذكرت صحيفة «خبر» التركية، أمس، ان داود أوغلو امتنع عن الجلوس الى طاولة واحدة مع أيالون. ونقلت الصحيفة عن داود أوغلو قوله «إننا نرغب في العيش بمنطقة لا تملك أي دولة فيها السلاح النووي ومنها إسرائيل، ونحلم بتأسيس منطقة يسودها السلام والاستقرار بحيث تتاح الإمكانية لوصول الإسرائيلي والسوري إلى مدينة اسطنبول بسيارتهم، ومنها إلى أوروبا، لأن الإسرائيلي الذي يريد الوصول إلى اسطنبول لا بد من أن يمر من دمشق بسيارته».
هذا وابدت واشنطن ارتياحا كبيرا لهذه " المصافحة " واعتبرته تطورا جديرا بالاهتمام ، فيما قال مقربون من السناتور ليبرمان " ن ترتيبات كثيرة اتخذت للوصول الى هذه النتيجة - يقصد المصافحة - ومن يعتبرها عفوية فانه لايستطيع ان يدرء عن نفسه السذاجة " في اشارة واضحة الى ان المصافحة تم ترتيبها وان الجانب الاميركي وخاصة ليبرلمان صديق اسرائيل والمتشدد ضد العرب ، قد ساهم بترتيب جزء غير قليل من الاجواء الكفيلة لتحققها "!!
https://telegram.me/buratha