وأجمعت تصريحات التلاميذ والآباء والأمهات الذين قابلتهم «الشرق الأوسط» على التمسك بحق متابعة الدراسة في المدرسة العراقية، اعتبارا لعدة معطيات يعتبرونها أساسية بالنسبة إليهم، ومنها اختلاف المناهج الدراسية، والإرباكات التي قد تحصل لهم بسبب الانتقال، مما سينعكس سلبا على تحصيلهم العلمي، حسب تعبيرهم.
وقالت أمينة إسماعيل (أستاذة مغربية متقاعدة بكلية علوم التربية بالرباط، متزوجة بفلسطيني) إنها، وبحكم مسارها المهني، ونظرا إلى كونها أمًّا لتلميذة في المدرسة العراقية، تراجع معها دروسها دائما في المساء، ولم يسبق لها قط أن لمست من خلال مادة التربية الإسلامية أن هناك مضمونا يحث على الدعوة إلى اعتناق المذهب الشيعي. وعبرت التلميذة هبة حسن (مستوى رابع علم( عن خوفها من المصير الذي يتهددها وزملاءها، مشيرة إلى أنهم على مشارف نهاية السنة الدراسية، «ومن الصعب بالنسبة إلينا اللحاق بالمستوى الدراسي الذي بلغه طلبة المدارس المغربية»، حسب قولها. ونفت صبا نور محمد (تلميذة سورية في الصف الخامس ابتدائي بالمدرسة العراقية) وجود أي توجه ديني أصلا نحو مذهب معين، قائلة إنه لم يسبق لأي أستاذ أن حاول التأثير عليها، ومذكرة أنها كانت تدرس من قبل نفس المنهج في المدرسة العراقية بتونس، قبل انتقالها وعائلتها إلى الرباط، بحكم العمل الدبلوماسي لوالدها العامل في السفارة السورية. وشدد التلميذ صالح فضل صالح، من جنسية يمنية، أنه وأشقاءه الثلاثة متمسكون بمواصلة الدراسة في المدرسة العراقية، ويرفضون استبدال أي مدرسة مغربية أخرى بها.
وعبر عن نفس الموقف التلميذ المغربي إدريس زغروج قائلا: «إننا لجأنا إلى الدراسة في المدرسة العراقية، هربا من المدارس المغربية، فكيف يُطلب منا الآن العودة إليها، علما بأن آباءنا يدفعون عنا في كل بداية موسم دراسي جديد مبلغ عشرين ألف درهم مغربي (2300 دولار)، فكيف نترك كل هذا وراءنا، نحو مكان آخر لا ينسجم مع ما كنا ندرسه؟». والتمست نور أحمد (تلميذة فلسطينية، مستوى السادسة علمي) من المسؤولين المغاربة إعادة النظر في القرار، حفاظا على مصالح الطلاب، مبررة ذلك بتباعد المسافة بين المدرسة العراقية والمدارس المغربية الثلاث المقترحة، وكذا اختلاف المناهج الدراسية.
ونفت سوسن ياسين (أستاذة عراقية لمادة اللغة الإنجليزية بالمدرسة المغلقة، وأم لثلاثة تلاميذ) الأنباء الرائجة بخصوص ترويج المذهب الشيعي، موضحة أن قرار الإغلاق يعرّض مستقبل التلاميذ للضياع، خصوصا وأن اللغة الأجنبية الثانية بالنسبة إليهم هي اللغة الإنجليزية، لا الفرنسية كما هو متبع في المؤسسات المغربية. وناشدت ياسين الحكومة المغربية التراجع عن القرار، والنظر إلى الأمر من زاوية إنسانية بحتة، حسب تعبيرها، مفسرة ذلك بكون الأُطُر التربوية والكوادر معرضة هي الأخرى للضياع.
وذكر علي محسن (أستاذ مادة الاجتماعيات بالمدرسة) أن المنهج العراقي لم يتغير منذ أكثر من عشرين سنة، ولا يتضمن أي تحريض على الطائفية، مشيرا إلى أنه هو نفس المنهج المتبع في المدارس العراقية في كل من تونس وفرنسا وسورية والهند والأردن وروسيا. وقدر أحد الأساتذة المشاركين في الوقفة الاحتجاجية عدد العائلات التي يشتغل معيلوها في المدرسة بنحو خمسين أسرة. ونفى أفراد من الطاقم التربوي والتدريسي أن تكون الدولة المغربية قد عرضت عليهم مناصب بديلة، مؤكدين أن الحكومة فكرت فقط في التلاميذ والطلبة، ولم تفاتحهم في الأمر، أو تستمع إليهم، وعبروا عن رغبتهم في التدخل الملكي من أجل أن تعيد المدرسة العراقية فتح أبوابها في وجوههم ووجوه طلبتهم.
يُذكر أن وزارة التربية الوطنية (التعليم) اتخذت قرار إغلاق المدرسة العراقية بعد الوقوف على مخالفة مناهجها لمقتضيات النظام الأساسي، وذلك إثر شكوى أب من جنسية عراقية، قال إن أبناءه طُردوا من المدرسة على خلفية مذهبهم. وأعلنت الوزارة في بيان صحافي لها أنها اتخذت القرار بعد إيفادها للجنة تربوية للتأكد من مطابقة المناهج التربوية المعمول بها في المدرسة العراقية لتلك المطبقة في المؤسسات التعليمية الأخرى، مضيفة أن المدرسة تستغل وظيفتها التربوية قصد ل«نشر مذهب ديني معين».
https://telegram.me/buratha